خبر د.أيوب عثمان يكتب..إذا...وماذا... وكيف... ولماذا... يا نقابة العاملين؟!

الساعة 10:21 م|23 نوفمبر 2011

بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان

عضو مجلس نقابة العاملين المنتخب

كاتب وأكاديمي فلسطيني – جامعة الأزهر بغزة

 

بعد أن أعلنت نقابة العاملين في الأسبوع الماضي خارطة طريقها نحو الإضراب، تحقيقاً للأهداف النبيلة والعليا للجامعة وطلبتها والعاملين فيها، على حد قولها، وبعد أن حقق العاملون لمجلس نقابتهم المنتخب ما أراد في أول يوم من أيام خارطة الطريق، فالتزموا بهذه الخارطة كأحسن ما يكون الالتزام وأتمه، فأتموا يوم إضراب كاملاً من افتتاحية خارطة الطريق بنجاح كامل وشامل، وبعد أن فاجأتنا النقابة– في رسالة نصية قصيرة وجهتها للعاملين – بتحويلها يوم الاثنين 21/11/2011 من يوم دوام كامل على المستوى الأكاديمي والإداري إلى يوم إضراب كامل وشامل جاء التزام العاملين به كاملاً وشاملاً، وبعد أن وجهت النقابة – في رسالة نصية قصيرة عند العاشرة من صباح يومٍ الثلاثاء 22/11/2011 – شكرها للعاملين على التزامهم بالإضراب، وتأكيدها على ضرورة الالتزام بتنفيذ الإضراب الجزئي لليوم نفسه 22/11/2011 اعتباراً من الساعة الثانية عشرة وحتى نهاية الدوام، فوجئ العاملون عند الواحدة من بعد ظهر يوم الثلاثاء 22/11/2011 برسالة نصية تعلن النقابة بموجبها "تعليق الإضراب يومي الأربعاء والخميس فقط"، وذلك "لتدخل القيادة وغالبية أعضاء الأمناء والمكتب الحركي للجامعة، ولإفساح المجال لإيجاد حلول عادلة"، وعليه، فإن أسئلة وملاحظات مهمة – في هذا السياق – تطرح نفسها على النحو الآتي:

1.     إذا كانت النقابة قد أعلنت في بيانها الصادر على موقعها الالكتروني بتاريخ 15/11/2011 نصاً وحرفاً أنه "تم الاتفاق في نهاية الجلسة (المنعقدة يوم الاثنين 14/11/2011 بين مجلس النقابة واللجنة الرباعية المكلفة من مجلس الجامعة) أن يتم عقد اجتماع آخر لاستكمال باقي القضايا يوم الأربعاء القادم 23/11/2011"، فلماذا تستبق النقابة ذلك وتعلن الدخول في إضرابات على مدار أسبوع له ما بعده من إضرابات أخرى؟! وما الذي دفع النقابة إلى عدم الانتظار إلى يوم الأربعاء 23/11/2011 الذي كان محدداً لعقد جلسة أخرى يتم فيها استكمال البحث والنقاش؟!

2.     إذا كانت النقابة قد وجدت نفسها متجهة نحو الدخول في أمر خطير كالإضراب في سياق خارطة طريق كالتي رسمتها على مسؤوليتها، تحقيقاً لما تراه من مطالب مشروعة وعادلة، فلماذا لم ترجع هذا الأمر الخطير إلى أهله، وهو الهيئة العمومية التي ينبغي للنقابة أن تضعها في حقيقة الصورة عبر الدرس والتحليل والحوار والمناقشة، تمهيداً لاتخاذ القرار الصائب الذي يتحمل العاملون جميعهم مع نقابتهم المنتخبة المسؤولية المباشرة عنه؟!

3.     وإذا كانت النقابة قد رأت بعد ظهر يوم الثلاثاء 22/11/2011، لاسيما بعد أن كانت قبل ساعتين فقط قد وجهت الشكر للعاملين عن التزامهم بخارطة الطريق التي رسمتها نقابتهم – بأنها متجهة نحو تعليق مفاجئ للإضراب، فما هي يا ترى موجبات هذا التعليق غير المتوقع؟ هل تحققت المطالب المشروعة أو بعض منها، أم هل استلمت النقابة وعداً بتحقيق المطالب أو بعضها؟! ولماذا لم تطلع النقابة العاملين على مبررات هذا التعليق الذي لم يتوقعه أحد على النحو الذي جاء فيه؟! أين، إذن، هي الهيئة العمومية عند النقابة وفي حساباتها، لاسيما في موضوع خطير كالذي بين أيدينا، والذي من شأنه أن يستجلب للجامعة ضرراً أو نفعاً على حد سواء؟!

4.     ألم يكن من الأنفع للنقابة أن تعلن عن تعليق الإضراب بعد عصر يوم الاثنين 21/11/2011، لاسيما بعد أن علمت أن رئيس مجلس الأمناء قد تعهد – في جلستين منفصلتين – أمام جميع المدراء الإداريين والأكاديميين والعمداء بالتعامل مع مطالب العاملين ونقابتهم طبقاً للقانون بشكل عام، وبالتعامل بشكل خاص مع موضوع التأمين والمعاشات، ومع موضوع احتساب الدينار بـ 5.5 شيكل للمتقاعدين عند نهاية الخدمة على ذات النحو التي تتعامل الجامعات الأخرى بمقتضاه؟! ومن هنا، فقد كان من الحكمة وسد باب الذرائع وحسن التصرف والحنكة أن تعلن النقابة للعاملين على الفور أنه نظراً لتعهد رئيس مجلس الأمناء أمام مدراء الدوائر الإدارية والعمداء ورؤساء الأقسام الأكاديمية في جلستين منفصلتين تم عقدهما في الجامعة يوم الاثنين 21/11/2011 بالتعامل مع حقوق العاملين ومطالب نقابتهم طبقاً لأنظمة الجامعة وقوانينها، ونظراً لتعهده بأن يتم التعامل مع موضوع التأمين والمعاشات للعاملين في جامعة الأزهر وكذلك في موضوع احتساب الدينار بـ 5.5 شيكل للمتقاعدين منهم على ذات النحو الذي يتم التعامل بموجبه في الجامعات الأخرى، فإن نقابة العاملين إذ تقدر عالياً ما تعهد رئيس مجلس الأمناء به، لتطلب من العاملين تعليق الإضراب، آملين أن يبادر مجلس الأمناء بالمباشرة في إنفاذ ما تعهد به".

5.     كيف تجيز النقابة لنفسها أن تطالب مجلس الأمناء بعمل لائحة تحدد صلاحيات أمين المال؟! ففيما لا يجوز للنقابة أن تتدخل في عمل مجلس الأمناء كمطالبتها عمل لائحة تحدد صلاحيات أمين المال، فإنه يجوز لها، بل من حقها، أن تعلن عن حالات محددة ثبت فيها تجاوز أمين المال لصلاحياته، وأن تطالب – انطلاقاً من ذلك – أن يلتزم أمين المال بأنظمة الجامعة وقوانينها، دون أن تنسى النقابة – ولو للحظة واحدة – أن مسمى "أمين المال" ذاته يحمل بين طياته – من الناحية القانونية – صلاحيات لا يكون "أمين المال" "أمين مال" إن لم يحمها، ويلتزم بها، ويحتكم إليها، ويحافظ عليها.

6.     كيف يمكن لنقابة منتخبة كنقابتنا أن تطالب إما بضم العاملين بالكلية المتوسطة لهيئتنا العمومية، أو إنشاء نقابة خاصة بهم؟! وكيف يمكن لهذه النقابة أن تعتبر هذا المطلب حقاً عادلاً ومشروعاً؟! وكيف يمكن لها أيضاً أن تعتبر هذا المطلب شرطاً يتحتم على مجلس الأمناء أن يستجيب له، وإلا فالإضراب هو الحل؟!

7.     كيف يمكن لهذه النقابة أن تفهم (بطريقتها وعلى خاطرها أو على مستواها) أن إدارة الجامعة قد قامت بتهديد العاملين في إعلانها الصادر بتاريخ 20/11/2011؟! لقد دفعني بيان النقابة التوضيحي ذو النقاط الست الصادر في 20/11/2011 إلى معاودة قراءة الإعلان الصادر عن إدارة الجامعة في 20/11/2011 مرة تلو أخرى لأستدل من بين الحروف والكلمات على ما يشي بتهديد أو بوعيد، فلم أجد – البتة – شيئاً اللهم إلاَّ إذا كانت النقابة تريد أن تفهم (بطريقتها وعلى خاطرها أو على مستواها) الرأي أو الرؤية على أنه تهديد أو وعيد. ربما أرادت النقابة أن تفهم (بطريقتها وعلى خاطرها أو على مستواها) أن رأي الإدارة أو رؤيتها بأن "القضايا الخلافية لا تبرر مطلقاً عمل إضرابات أو تعليقات تحرم الطلبة من مسيرتهم الأكاديمية وتشوه سمعة الجامعة لدى المجتمع، الأمر الذي تدينه الجامعة... وأن إدارة الجامعة تدعو جميع العاملين من أكاديميين وإداريين إلى الالتحاق بعملهم الأكاديمي والإداري كما هو معتاد على أن يتم تعويض اليوم الدراسي الذي تم فيه تعليق الدوام الأكاديمي والإداري يوم الأحد 20/11/2011". وتعليقاً على ما صدر عن إدارة الجامعة، فإن كل موضوعي عاقل متزن ومتوازن يتساءل مستهجناً: "أين التهديد الذي وجهته إدارة الجامعة للعاملين؟! وهل هذا الذي أصدرته إدارة الجامعة يعد سبباً مقنعاً يدفع النقابة إلى التصعيد فتقوم بتحويل يوم عمل كامل إلى يوم تعطيل كامل؟! وعليه، فإن من حق كل من في رأسه عقل يفكر أن يفكر بأعلى صوت وهو يتساءل: "كيف يمكن للنقابة أن تميز بين من يعلن التهديد ومن يصرح برأي؟!

8.     وتعليقاً على ما جاء في النقطة (الرابعة) من بيان النقابة التوضيحي بأن "مجلس النقابة يتعهد لأبنائنا الطلبة وأولياء أمورهم بتعويض كل أيام التعليقات، وأن هذه الفعاليات لن تضر بمصالحهم أو تحصيلهم العلمي، بل نؤكد التزامنا تجاه الطلبة جميعاً"، فإننا نقول: "إذا كان مجلس النقابة يرى أنه يملك الولاية على العاملين، لاسيما الأكاديميين منهم، فيتعهد – نيابة عنهم، ودون استشارتهم، ودون الرجوع إليهم – لأبنائنا الطلبة وأولياء أمورهم بالتعويض، فإن الأجدر بمجلس النقابة أن يشرك الأكاديميين الذين يتعهد عنهم في هذا الأمر الخطير قبل أن يدخلهم في دهاليزه ليدفعوا فيما بعد أضعافاً مضاعفة حياله. فما دام مجلس النقابة لم يرجع الأمر إلى من يتعهد الآن نيابة عنهم بالتعويض ولم يشاورهم، فإن الأكاديميين ينبغي لهم أن يكونوا في حل من تعهد مجلس النقابة عنهم. إن مجلس النقابة، في مثل هذه الحالة، ليس في مكنته – البتة – أن يفرض على الأكاديميين أن يقوموا بالتعويض عن كل أيام الإضرابات والتعليقات طالما أنه لم يستشرهم في الأمر ولم يعطهم فرصة إبداء الرأي والحوار حول أمر خطير كالذي بين أيدينا.

9.     إن الرسالة النصية التي وجهتها النقابة بعد ظهر الثلاثاء 22/11/2011 للعاملين تبلغهم فيها عن تعليق الإضراب ليومي الأربعاء والخميس "نظراً لتدخل القيادة والمكتب الحركي ولإفساح المجال..." إنما هو أمر يفهم منه أن إصلاح الجامعة إنما هو في يد القيادة وحركة فتح ومكتبها الحركي، وعليه فإن خرابها وتخريبها هو في اليد ذاتها أيضاً! إن على النقابة أن تَفهم وتُفهم أن الرسالة النصية التي وجهتها للعاملين إنما تعني دون أدنى مراوغة أو لف أو مواربة أن الذي يحركها ليس هيئتها العمومية التي انتخبتها وفي مركز القيادة أجلستها وإنما القيادة والمكتب الحركي، الأمر الذي يؤكد أن منطلق النقابة ليس منطلقاً نقابياً، وأن مقاصد النقابة ليست مقاصد مهنية هدفها تحقيق المصلحة العليا للجامعة وطلبتها وعامليها. وفي هذاالسياق، يجدر بي أن أؤكد على ما كتبه الأخ الأكاديمي الأستاذ الدكتور/ إبراهيم أبراش حيث قال في مقالة له بعنوان "جامعة الأزهر وسياسة التدمير الذاتي": "... أن خلافات داخلية وخصوصاً في البيت الفتحاوي وتدخل أجهزة السلطة كانت تسيء للجامعة وسمعتها.. بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة انتابت البعض المخاوف من أن تمد حركة حماس هيمنتها على جامعة الأزهر أو تحاول خلق مشاكل داخلها بسبب علاقة الجامعة بالسلطة وبحركة فتح ولأن غالبية أعضاء مجلس الطلبة ونقابة العاملين ومجلس الجامعة ومجلس الأمناء ينتمون لحركة فتح وللقوى الوطنية، إلا أن الذي حدث أن القلاقل والمشاكل داخل الجامعة كان سببها خلافات داخل حركة فتح خلافات داخل حركة فتح". غير أن ما أصاب الدكتور/ أبراش به طحال الحقيقة وكبدها في آن هو قوله: "وبالرغم من تشكيل مجلس أمناء جديد وإجراء انتخابات لنقابة العاملين وبالرغم من أن انتماء هذه التشكيلات للتيار الوطني ولحركة فتح إلا أن المشاكل استمرت والإضرابات استمرت كما هو حاصل اليوم حيث الخلاف على أشده بين نقابة العاملين من جانب ومجلس الأمناء ومجلس الجامعة من جانب آخر". وتعليقاً على هذا القول للأخ الدكتور/ أبراش وتأكيداً على صوابيته، فإنني أشير إلى مقالة لي نشرت في 26/4/2011 بعنوان "من لهذه الجامعة من أمناء، إن لم تكن منظمة التحرير بقيادة فتح؟!"، قلت فيها: "وإذا كان في مجلس الأمناء الحالي والذي تقوده حركة فتح، أحد عشر فتحاوياً منهم وزراء ورؤساء مؤسسات وطنية وأعضاء مجلس تشريعي، وأعضاء مجلس ثوري، ووكلاء وزارات، ومدراء عامون، وأطباء بارزون، ومحاون وحقوقيون مرموقون... وإذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية موجودة في مجلس الأمناء ومتواجدة بفعالية فيه, عبر فصائلها, حيث الجبهة الشعبية, والجبهة الديمقراطية, وفدا, وحزب الشعب... وإذا كان مجلس الأمناء الحالي- الذي هو نتاج كل ما سبق, وأهمه أن حركة فتح لها فيه 11 عضواً معظمهم قياديون كما أسلفنا ووصفنا، فضلاً عن 3 مستقلين هَواهُمْ هو حركة فتح ويحسبون تاريخياً عليها، بالإضافة إلى حركة الجهاد الإسلامي، دون أن ننسى ممثلي الفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير التي تقودها حركة فتح ... إذا كان هذا المجلس الثري بكل ما أسلفنا من مقومات إيجابية هو المخرب لجامعة الأزهر فمن المنقذ لها، يا ترى!! من ذا الذي يستطيع انتشالها مما هي فيه؟!!!

10.    إن حصر نقابة العاملين اهتمامها بالجانب المالي – حتى وإن كانت ستنجح في تحقيقه جزئياً أو كلياً –  دون الالتفات إلى الجوانب الأخرى، ليس إلا دليل فشل أكثر مما يمكن أن يكون دليلاً على أي نجاح.

وبعد، فإذا كانت النقابة قد ختمت إعلانها الصادر في 15/11/2011 بقولها إن مجلس النقابة "قد قام في نهاية الجلسة بإبلاغ أعضاء اللجنة الرباعية رسمياً بأن مجلس النقابة لازال عند موقفه باتخاذ إجراءات نقابية غير مسبوقة خلال الأسبوع القادم في حال لم يتم إنهاء كافة القضايا العالقة العامة فيها والفردية سواء كانت مرتبطة بإدارة الجامعة أو مجلس الأمناء"، فلماذا لم ينتظر مجلس النقابة حتى الأسبوع القادم لانعقاد الجلسة المقررة يوم الأربعاء 23/11/2011 لاستكمال التدارس في مجمل القضايا، فتعجل واستبق الجلسة المقررة يوم الأربعاء 23/11/2011 وعاجلها وسحب البساط من تحتها بإعلانه الإضراب أو ما وصفه بـ "إجراءات نقابية غير مسبوقة"؟!!

 

أما آخر الكلام، فإلى النقابة أقول: ما الذي سيكون إن كان للإضراب أن يستمر؟! وما الذي سيكون إن كان للنقابة أن تتراجع، لاسيما وإن للتراجع فنوناً ومآرب ودروباً لا يستغلق على جمهور الجامعة فهمها!!! أما إلى مجلس الأمناء فأقول: إنني أدعو الله سبحانه ألا تكونوا، في سياق سعيكم إلى خير هذه الجامعة،

            كالعيس في البيداء يقتلها الظما         والماء فوق ظهورها محمول