خبر شتاء عربي طويل -هآرتس

الساعة 09:31 ص|22 نوفمبر 2011

شتاء عربي طويل -هآرتس

بقلم: موشيه آرنس

(المضمون: الكاتب متأكد تقريبا من ان الاحزاب الاسلامية هي التي ستحكم الدول العربية بعد تنحية الطغاة وهو يرى هذا الامر سيئا شديد السوء - المصدر).

        قضى تقرير التنمية البشرية في الدول العربية من قبل الامم المتحدة في 2002 بأن فيها "اختلالات عميقة ومتجذرة". وقضى التقرير بأن هذا الشيء يُفصح عن نفسه بعدم وجود "احترام لحقوق الانسان وحريات الانسان"، يُفصح عن نفسه بمكانة منحطة للنساء ووضع متدنٍ في مجالات "اكتساب العلوم وتطبيقها المجدي". وقضى تقرير متابعة في 2003 بأنه "لا توجد ديمقراطية حقيقية... وأن جهاز التربية ضعيف بصورة شديدة؛ وأن المدارس يخرج منها شبان جهلاء".

        ان من اعتقد ان "الربيع العربي" يوشك ان يصلح المفاسد، مخطيء. يبدو أنه يوشك أن يأتي بعد الربيع "شتاء عربي". كان هذا التطور متوقعا. ان جهات اسلامية توشك ان ترث دور المستبدين.

        تولى الطغاة الفاسدون زين العابدين ابن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر ومعمر القذافي في ليبيا السلطة سنين كثيرة جدا. وقد قمعوا الحركات الاسلامية في دولهم، وهكذا وقفوا الى جانب العلمانيين بطريقتهم المعوجة. ويصدق ذلك ايضا على بشار الاسد في سوريا الذي قتل أبوه حافظ نحوا من عشرين ألف شخص في حماة في 1982، حينما قمع انتفاضة الاخوان المسلمين. ويبدو ان بشار، الذي لا يقل عنه قسوة قد حكم عليه بمصير يشبه مصير ابن علي ومبارك والقذافي.

        قاد المظاهرات في تونس ومصر في البداية جماعات علمانية: شباب مثقفون، ذوو خبرة باستعمال الشبكة العنكبوتية والفيس بوك والتويتر. وقد وقفوا في مصر جنبا الى جنب مع ناس الطائفة النصرانية القبطية الذين هم 10 في المائة من سكان مصر، ودعوا الى تنحية مبارك واجراء انتخابات ديمقراطية. أما الجماعة المتعددة الالوان التي نحّت القذافي فقد أيدتها الديمقراطيات الاعضاء في حلف شمال الاطلسي. فيصعب ان يخطر بالبال ألا تُجرى هناك انتخابات ديمقراطية بعد حمام الدم الذي مكّن ليبيا من الخلاص من القذافي.

        لكن السؤال هو من الذي سيفوز في الانتخابات حينما تُجرى في مصر وليبيا وفي سوريا آخر الامر. كانت المقدمة في تونس: ففي الدولة التي كانت الأكثر علمانية وقربا من الغرب بين الدول العربية كلها فاز في الانتخابات حزب النهضة الاسلامي، أما الاحزاب التي تؤيد نظام حكم علمانيا فتخلفت بعيدا في الوراء. وأصر الاعلام الغربي في محاولة لتجميل النتائج المخيبة للآمال على أن يُسمي حزب النهضة "حزبا اسلاميا معتدلا". لكن الحقائق واضحة وهي انه يوشك ان ينشأ نظام اسلامي في تونس. ولا سبب يدعو الى توقع نتائج مختلفة في مصر أو ليبيا أو سوريا. ان موجة نظم اسلامية تغرق العالم العربي مع كل ما يُفهم من ذلك وستفضي الى استبدال نظم استبدادية اسلامية بنظم استبدادية علمانية.

        ان العامل السكاني عمل عمله في السنين الاخيرة. فقد زاد عدد السكان المسلمين المتطرفين زيادة أسرع كثيرا من زيادة السكان العلمانيين. وعدد النساء اللاتي ينتقبن في اماكن عامة أكبر كثيرا الآن من عدد السافرات. وقد أصبحت نتائج الانتخابات في الدول العربية مؤكدة حتى قبل ان تُلقى أوراق التصويت في صناديق الاقتراع.

        يستطيع مراقبون ان يخطئوا في وهم أن الاحزاب الاسلامية في الدول العربية "معتدلة" لكن قادتها غير معتدلين. وتوقع أن يتم تقويم المفاسد الأساسية التي تميز المجتمعات العربية، كما وصفت في تقارير الامم المتحدة، تحت حكم الاحزاب الاسلامية ليس سوى أمل باطل. فالعكس تماما هو الذي سيحدث كما يبدو. ان الشريعة هي التي ستحكم مع كل ما يُفهم من ذلك.

كانت تنحية الطغاة العرب حتمية لكن من المؤسف جدا أن ما يوشك أن يأتي على أثر تنحيتهم حتمي ايضا. يبدو أنه ينتظرنا شتاء عربي طويل.