خبر ما الذي بقي من الثورة المصرية بعد 11 قتيلا..هآرتس

الساعة 10:13 ص|21 نوفمبر 2011

بقلم: تسفي برئيل

        "تسقط الأقنعة واحدا بعد الآخر وتكشف كيف ما يزال يحكمنا نظام مبارك"، هكذا صاغت أمس حركة "السادس من ابريل" قلب الاحتجاج الجديد الذي اشتعل بحجم ضخم وعنف في ميدان التحرير في يوم الجمعة. "ان ما نراه الآن هو استعادة لما رأينا في بداية الاحتجاج في كانون الثاني"، اشتكت الصحيفة المستقلة "المصري اليوم". هل انتقضت الثورة حقا في نهاية الاسبوع وتتجه مصر الى مسار عنيف؟.

        ان المشاهد أمس وأول أمس تُذكر في ظاهر الامر بالاحداث العنيفة في كانون الثاني التي قتلت فيها الشرطة متظاهرين كثيرين. والهتاف المضاد لـ "المُشير" حسين طنطاوي الذي يرأس المجلس العسكري الأعلى، يُذكر بالهتاف الذي صدر عن المتظاهرين المضاد لمبارك. بل ان حركة السادس من ابريل أسرعت الى صياغة خمسة مطالب يجب على الجيش ان ينفذها باعتبارها شرطا لاخلاء ميدان التحرير، منها إقالة وزير الداخلية ورئيس الحكومة عصام شرف، ويبدو ان خيبة الأمل العميقة من صورة ادارة المجلس العسكري الأعلى لشؤون الدولة هي المحور المركزي الذي تدور المظاهرات حوله. لكن بخلاف المظاهرات الضخمة التي بدأت الثورة في مصر وأظهرت وحدة صفوف تتجاوز الاحزاب في مواجهة نظام مبارك، فان الاختلافات الداخلية هذه المرة بين الحركات السياسية هي التي تؤجج اللهيب في الميدان.

السبب المباشر للمظاهرة المليونية التي  تمت يوم الجمعة هو وثيقة المبادىء التي صاغها نائب رئيس الحكومة علي السلمي، التي ترمي الى اقرار الاسس التي سيقوم عليها الدستور الجديد. وقد اثارت الوثيقة التي ازالت عن الجيش كل انتقاد نيابي ومنحته صلاحية تحديد التهديدات الامنية (ومنها التهديدات السياسية) غضب الاخوان المسلمين، الذين خشوا من أن تعرفهم هذه المادة بانهم تهديد قومي، من جديد. وحددت مادة اخرى صورة انتخاب لجنة صياغة الدستور وقالت انه يجب على ثلثي اعضاء مجلس الشعب ان يوافقوا على تركيبها. وهذه المادة ترمي كما يرتاب الاخوان المسلمون والحركات العلمانية الى تعويق صياغة الدستور زمنا طويلا لانه سيصعب على مجلس الشعب في تقديرهم ان يصوغ اكثرية كبيرة كثيرا تؤيد تركيب اللجنة.

        لكن معارضة وثيقة المبادىء التي جرت عليها في اثناء ذلك تعديلات مهمة، تغطي على اختلاف شديد بين الحركات السياسية بعضها مع بعض، ولا سيما بين الاخوان المسلمين والحركات العلمانية. والشعور هو بان الاخوان المسلمين ليسوا كبارا رابحين من الثورة فقط بان تحولوا من  حركة محظورة بحسب القانون الى حركة شرعية تستطيع ان تنشيء بل ان انشأت احزابا سياسية، بل انها قد تكون الفائزة الكبرى في الانتخابات. يطلب بعض الحركات الليبرالية في ذلك تأخير اجراء الانتخابات لمجلس الشعب التي توقعوا ان تجرى بعد ثمانية ايام قصد ان تحظى في زمن آخر لتنظيم نفسها. فالاخوان المسلمون من جهتهم يطلبون اجراء الانتخابات في موعدها ويتهمون الحركات العلمانية بالمبادرة الى الاخلال بالنظام ليثبتوا بذلك ان الوضع الامني في الدولة غير مستقر ولا يمكن من اجراء انتخابات.

        لكن الصفوف غير موحدة بين الحركات العلمانية ايضا. فبعضها يطلب ان يحدد الجيش برنامجا زمنيا قريبا حتى نهاية نيسان لنقل السلطة الى رئيس منتخب، والبعض الاخر يطلب ان يصاغ في البدء دستور جديد وان تجرى الانتخابات بحسبه. والجيش والحكومة من جهتهما لا يزالان يصران على ان تجرى الانتخابات في موعدها. وقد قضى اعضاء المجلس العسكري الاعلى أمس بان المسؤول عن المظاهرات الاخيرة "جماعات صغيرة من المخلين بالنظام" وانه لا مشكلة عند قوات الامن في السيطرة عليها. لكن في ضوء الاحداث الاخيرة، كثرت أمس تقديرات ان يؤخر الجيش موعد الانتخابات وهو ما قد يجر الدولة الى فترة عدم هدوء طويلة بل الى صدام طويل بين قوات الامن والمتظاهرين.

        يبدو في هذه الاثناء ان جميع الاطراف برغم التهم الموجهة على الجيش تريد الحفاظ على مكانة الجيش باعتباره حاميا للثورة الى أن تنتقل السلطة الى قيادة مدنية. اذا تم الحفاظ على هذا الموقف فستبلغ مصر انتخابات مجلس الشعب في موعده وبهدوء نسبي. وستستطيع أن تستعد للنضال القادم من أجل الرئاسة.