خبر الطفل نسيم:أعطني الكرسي ولوّن لحظاتي بالفرح والحياة !

الساعة 09:38 ص|21 نوفمبر 2011

بعدما شلت الرصاصات حركته الطفل نسيم:أعطني الكرسي ولوّن لحظاتي بالفرح والحياة !

فلسطين اليوم_خانيونس (خاص)

ماذا أفعل؟ لَدَيّ طموح كبير، أريد أن أكمل دراستي, أحب أن العب مع الصغار, أحلم أن أقفز بطلاقةٍ من على سريري .. لكنني أشعر بألَمٍ كبير لجرحي الشديد ، الجرح الذي يعجزني عن التعامل مع الأقرباء و الأصدقاء كما يتعامل الأصحاء مع بعضهم البعض ..

 

كلمات برسم المعاناة صدح بها الطفل الجريح المعاق نسيم جواد أبو دقة(14 عاماً) المنحدر من بلدة عبسان الكبيرة شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، لعلها تلامس مسامع المهتمين بشئون المعاقين وأحوالهم لتفتح له طريق النجاح للوصول لما ترنو إليه عيناه.

 

"نسيم" واحدٌ من بين آلاف الذين تشكل معاناتهم القصص المأسوية التي تحكي عن جوانب عديدة من معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في حياتهم اليومية ؛ فنسيم أصيب برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء اللعب في حديقة منزله في ( 26_6_2010 )) أدت إلى إصابته بشلل نصفي سفلي كامل أفقده القدرة على الوقوف والمشي.

 

لم يقف الطفل الذي كأنه "نسيم" كثيرا أمام انكسار جسده, فإعاقته كانت دافعاً لحياة جديدة بدأت بالأمل, فعاد ليلتحق بمدرسته معلناً تحدياً الإعاقة ليكسر بها حالة الملل التي أصابته وقبل ذلك ليكسر نظرة المحيطين الشافقة على حالته ..

 

يمضي نسيم أغلب أوقاته على الكرسي الكهربائي "فقد رزقني الله فيه بعد أن فقدت القدرة على الحركة على قدماي .. الكرسي المتحرك الوسيلة الوحيدة التي أقضي بواسطتها معظم شئوني وأذهب بها إلى المدرسة ، وأقضي به كل حاجاتي ..

 

لكن الأداة المساعدة له على تحقيق الإرادة باتت منذ عدة أشهر لا تحقق له الهدف، بعد تعطل اللوحة الالكترونية للكرسي الكهربائي ومن ثم تعطل الكرسي بالكامل ؛ وهو كرسي ليس باستطاعة والده شراء مثيل له نظراً لضيق حالته المادية .

 

عند العجز المادي عن توفير البديل بدأت المشكلة تتفاقم عند الطفل المصمم على اختراق حواجز الفشل ليطير صوب قمم النجاح .. صحيح أنا عدت لأكون طريح  الفراش لكن هذا لن يدوم الى الأبد ..

ويردف نسيم وخلف عينيه الدامعتين تقف عزيمة لا تلين:" أحاول رغم الجهد والمشقة في الوصول للمدرسة لكنني في أغلب الأوقات لا أستطيع فأضطر للتغيب والبقاء في المنزل وقد يصل ذلك لعدة أيام".

 

أكثر ما يواجه مشقة السفر إلى المدرسة في الشتاء وعند سقوط المطر ، إذ يجد صعوبة في التنقل والحركة من مكان لآخر, لا سيما بعد تعطل الكرسي الكهربائي, وفي بعض الأحيان يستخدم كرسي عادي يحتاج لجر شقيقه "محمد" الذي يرافقه في أغلب أوقاته.

 

ويعتقد الطفل أن نهاية معاناته تقف على وجود متبرع يبتاع له جهازاً متحركاً متطوراً يساعده في تجاوز حالة الإعاقة .. ليتغلب جزئياً على مشكلة الحركة فيما تغلب بروح الرجال الكبار على التداعيات النفسية لفقد الحركة التي يتمتع بها أقرانه .

 

يشكو والد نسيم الظروف المعيشية التي لا تمكنه من توفير أدنى متطلبات الحياة اليومية بعدما فقد مصدر رزقه الوحيد لإعالة أسرته ، اثر الوضع الاقتصادي الصعب الناجم عن الممارسات الاحتلالية ضد الشعب الفلسطيني .

 

ويقول الوالد المكلوم على إعاقة طفله :" يحتاج نسيم إلى ملاحظة دائمة بالإضافة إلى اهتمام المؤسسات المعنية بالمعاقين"، مشيرًا إلى أنه لا يستيطع تحمل الأعباء الاقتصادية بسبب الحالة المعيشية الصعبة، داعياً الجهات المعنية بضرورة إعطاء نسيم الرعاية الخاصة وتوفير كافة الوسائل الممكنة لراحته .

 

رفيقه وشقيقه "محمد" ، صار يتغلب بشكل كبير على المشاكل التي تعترض طريق شقيقه بعدما تعطل الكرسي الكهربائي, لكن هذا لا يمنع من وصول نسيم إلى فصله الدراسي متأخراً في معظم الأوقات بعد عطل الكرسي الكهربائي .

 

ويضيف محمد وهو ينظر إلى الأخ الشقيق الذي زاد الجرح حباً له " كما يقول الكثيرون فالإعاقة امتحانٌ إلهيّ ترتفِعُ درجاتُه بقوّة الإرادة, والشعور بالعجز شعور مَريرٌ، لكنَّ الاستسلام لهذا الشعور أشدُّ مرارة على النفس من العجز نفسه، والإعاقة الحقيقية ليستْ في تعطُّل وظائف الحواس، بل في تعطُّل عمل الإرادة والشجاعة والأمل " وهذا ما نلمس أن نسيم يتشبث بهذه الإرادة الصلبة لمواجهة الواقع الصعب للمعاق.

 

يجمع نسيم ومحمد ووالدهما أن الخير العميم منتشر في ربوع فلسطين وفي أنحاء الدنيا الأربع..هذا الاعتقاد الذي تتملكه العائلة يحفز نسيم على مواصلة تحدي الإعاقة ومواصلة تحقيق التقدم الدراسي .. فهناك في نهاية الأمر من سيعينه على منحة تساعده على تجاوز المحنة.. تلك منحة يرى الطفل أنها ستقهر محنته .. في انتظار منحة تنهي محنة .. نهايةً ليست أبدية..

 


نسيم
نسيم
نسيم
نسيم