خبر مصطفى إبراهيم يكتب : عن حماس

الساعة 07:32 ص|19 نوفمبر 2011

مصطفى إبراهيم يكتب : عن حماس

تغير الزمن، فتغيرت المعادلة، بعد أن حظرت بعض الأنظمة العربية حركة حماس سياسيا ولم تعترف بشرعيتها خاصة مصر والأردن، النظام المصري تعامل مع حركة حماس من زاوية أمنية بحتة، ونظر إليها بعين الشك والريبة واتهامها بتهديد الأمن القومي المصري، ولم يستقبل وزرائها أو المسؤولين في حكومتها، وكانت قنوات الاتصال تتم عبر جهاز المخابرات المصرية وما تزال، أما الأردن فاتهمها بالقيام بعمليات عسكرية من أراضيها، وطرد قيادتها السياسية، وتم تجريد عدد منهم الجنسية الأردنية.

خمس سنوات على حظر حركة حماس بعد وجودها في السلطة على إثر فوزها في الانتخابات التشريعية، وما تلا ذلك من سيطرتها على قطاع غزة بالقوة المسلحة، الآن هي حركة مرحب بها من كل من مصر، التي لعبت وما تزال دورا كبيرا في إتمام المصالحة الفلسطينية بطريقة مختلفة عما كانت عليه في زمن نظام مبارك، ومن الحكومة الأردنية التي ستستقبل خالد مشعل نهاية الشهر الجاري بمرافقة أمير قطر، والحديث عن عودة العلاقات والمصالح المشتركة للطرفين.

 

الأردن له مصلحة في عودة حماس إلى الأردن، ولكن بشروط ومواقف مختلفة تتوافق مع المتغيرات التي تجري في الوطن العربي، وربما يكون قرار دخول حماس إلى الأردن هو قرار إقليمي لإخراجها من المحور السوري الإيراني، وخدمة لرؤية جديدة للحكومة الأردنية داخليا وخارجيا.

 

في ظل الربيع العربي والتحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، وتنامي دور وقوة الإسلام السياسي في الدول التي اندلعت فيها الثورات مثل تونس ومصر وليبيا، يتم الترحيب بحركة حماس وخطوات الاعتراف بها في تقدم، بدعم من المحور الأمريكي التركي والقطري، مقابل محور الممانعة إيران وسورية، وحماس جزء من جماعة الاخوان المسلمين، فالتغيير في المواقف يجري بسرعة أيضاً من عدد من الدول العربية المسماة محور الاعتدال.

 

إدراك العرب خاصة دول المحور الأمريكي لدور حركة حماس وخصوصيتها في الحالة الإسلامية والفلسطينية بشكل خاص، لم يأتي اعتباطاً، وما هو إلا لتأهيلها لتكون على شاكلة النظام الرسمي العربي القائم، والذي لم تحدث به الثورات تغييرا جوهريا كبيرا حتى الآن.

 

فحركة حماس هي حركة إسلامية فلسطينية نشأت كامتداد لحركة الإخوان المسلمين العالمية، كما يؤكد ميثاق تأسيسها، إلا أنها حافظت على استقلالية عن حركة الاخوان المسلمين الأم “التنظيم الدولي”، وكان لها الحرية في اتخاذ قراراتها كما تراه في مصلحتها ومصلحة القضية الفلسطينية، وحسب بعض المسؤولين فيها من أن قرار حماس هو قرار فلسطيني حر وخالص، وأن العلاقة مع الخارج لم تتجاوز قضية الدعم المالي والمعنوي الذي تقدمه جماعة الاخوان المسلمين في مصر.

 

وعلى الرغم من الاستقلالية التي تميزت بها حركة حماس عن التنظيم العالمي لحركة الاخوان المسلمين، فهي لها علاقات مميزة مع النظام السوري وقيادتها السياسية تقيم في العاصمة السورية دمشق، بالرغم من العداء التاريخي لحركة الاخوان المسلمين العالمية، ومن ضمنها جماعة الاخوان المسلمين في سورية والتي تشارك الآن في الثورة ضد النظام السوري، وما يسبب لحماس من إحراج أمام النظام السوري.

 

حماس لها رؤيتها التي لم تختلف كثيراً عن رؤية الحركة الأم، وحركة حماس هي حركة براجماتية، وتمتلك من الخبرة ما يمكنها من التعامل مع محيطها الإقليمي والدولي، وهي على استعداد لنسج علاقات مع بعض الدول التي قد تكون متناقضة معها بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية بما يخدم مشروعها.

 

وفي ظل المتغيرات الدولية والربيع العربي وتأثيره على القضية الفلسطينية، ومحاولات احتوائه من المحور الأمريكي التركي القطري، وفي ظل ما يتناقل من أخبار من أن الرئيس محمود عباس سوف يسلم الجمل بما حمل والراية إلى حركة حماس بقيادة مشعل، وقد يكون ذلك صحيحاً، أو مجرد أخبار غير مؤكدة، إلا أن الثابت أن حركة حماس هي في قلب الحدث والمتغيرات الدولية تصب في مصلحتها كونها جزء من حركة الاخوان المسلمين وما يجري من ترتيبات جديدة في منطقتنا الغربية، وهي المؤهلة لقيادة وتمثيل الفلسطينيين.

 

حركة حماس حركة فلسطينية، وهي تتأثر بالعلاقات القائمة في محيطها الفلسطيني، وأبنائها هم أبناء مجتمعاتهم ويتأثرون ويتفاعلون معها، إلا أن ما لا يبعث على الطمأنينة، ويزيد من الريبة والشك من قبل الناس في سلوكهم تجاههم، تجربتهم السيئة في الحكم في قطاع غزة، بالإضافة إلى ما يصدر عن قادة حركة حماس من قول الشيء ونقيضه، وتحالفاتهم بما يخدم مشروعهم ومصلحتهم.