خبر نتنياهو على ظهر نمر- هآرتس

الساعة 09:46 ص|17 نوفمبر 2011

نتنياهو على ظهر نمر- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

بنيامين نتنياهو من أنصار الديمقراطية. ويوجد بطبيعة الامر من هم أكثر منه ديمقراطية. وهو مشحون ايضا منذ فجر أيامه بطموح خطير الى تدمير "نخب اسرائيل القديمة"، لكنه لا يرمي الى تدمير ديمقراطيتها وهذا شيء يجب ان نُقر له به. عرف أسلافه، رؤساء حكومات الليكود كيف يؤججون الغرائز – مناحيم بيغن في الشارع، واريئيل شارون في مركز الحزب – لكنهم عرفوا ايضا كيف يحافظون شيئا ما على الاطار الديمقراطي. ونتنياهو الذي هو أقوى منهما من نواح ما، لعدم وجود معارضة ذات شأن له داخل حزبه وخارجه، وهو أضعف منهما من جهة شخصيته – يحمل هذه اللعبة بعيدا جدا.

قد يجد نتنياهو نفسه سريعا في وضع لا يستطيع فيه ان يوقف هذه اللعبة الخطيرة. ومن المؤكد أنه يقول في سره: ليلعب الفتيان أمامنا؛ وليشاغب أشياع ألكين ودنون وأكونيس ولفين كما يشتهون – فأنا هنا سأعرف كيف أوقف جري النمر في الوقت، لكن نتنياهو لن يستطيع بعد وقفه. فقد غدا من الصعب وقف جري هذا النمر، وسينتهي نتنياهو الى أن يسقط عن ظهره وتسقط معه الديمقراطية الاسرائيلية محطمة نازفة لا علاج لها.

ليس أشياع ألكين هؤلاء غيلانا. ان عددا منهم جهلة غير عالمين بسنن الديمقراطية وهي لا تهمهم على نحو خاص ايضا. وعدد من الآخرين تحركهم اعتبارات انتخابات تمهيدية هزيلة. وهم يتلهون بلا خجل بنار الجحيم التي تجذب اليهم انتباه الجمهور الذي لم يستطيعوا أن يحظوا به لولا مقترحاتهم الفاضحة. وفيهم ايضا، مثل افيغدور ليبرمان، من هدفهم جعل النظام في اسرائيل ديمقراطية بوتينية.

يظن نتنياهو أنه سيعرف كيف يوقفهم في الوقت. وها هو ذا قد استعمل النقض أول أمس على اقتراح قانون مساءلة قضاة المحكمة العليا. ونتنياهو على ثقة من أنه ما ظل في السلطة فان الديمقراطية لن تصاب بسوء، لكنه سينتهي الى وهم مرير يخيب معه آخر أمل في الحفاظ على وجه نظام الحكم.

في خلال ذلك تتسع الصدوع بسرعة مخيفة، فقانون بعد قانون، وقطعة بعد قطعة تمزق الصقور اللحم الحي الى أن نستيقظ لنرى دولة اخرى. وحينما يستيقظ نتنياهو آنذاك ايضا سيتبين له أن الأوغاد الذين يغيرون القواعد الآن سيطرحونه عن ظهر النمر ايضا.

هم ايضا يعلمون ان نتنياهو ليس منهم، فهو ديمقراطي، وحينما يحين الوقت، وحينما تبقى من الديمقراطية بقايا مهلهلة فقط، وبقايا قوانين ومخلفات اجهزة، سيُنصبون ملكا آخر بدلا منه يرونه الشيء الحقيقي إما ليبرمان وإما واحدا من أشباهه.

ينبغي ألا نبالغ في شدة الخطر الذي يترصد اسرائيل الآن. لن تشبهه أية قنبلة ايرانية بفظاعتها. ان دولة ذات محكمة عقيمة، ووسائل اعلام مهدَّدة وكنيست جاهلة، من غير وجود أي مجتمع مدني حقيقي ايضا، ليست شيئا يمكن اصلاحه. ان كل خنجر يغرز الآن يُبقي ندوبا أبدية. وكل قانون يُتخذ الآن بسرعة مخيفة يشوه التوازنات والكوابح التي هي ضعيفة أصلا، في مجتمع أصبحت فيه الأكثرية على يقين من ان التفسير الوحيد للديمقراطية هو انتخابات واحدة كل اربع سنين، ويُراد ان تكون لليهود واليمينيين فحسب. ومن السهل جدا في مجتمع ليس فيه وعي ديمقراطي حقيقي تهشيم المؤسسات التي يفترض ان تحميه.

ليس للمحكمة العليا جيوش. فقوتها لا تقوم سوى على الاجماع العام. وعندما يتضعضع هذا يتضعضع النظام كله. ومن السهل جدا إبعاد وسائل الاعلام ايضا ولا سيما الاسرائيلية المجندة والضعيفة، والتجارية التي تبغي نسب المشاهدة. لا يُحتاج سوى الى نفثة لابعاد المحكمة واخرى لابعاد وسائل الاعلام التي تؤدي دورها. وجنود نتنياهو، الديمقراطي ينفثون هذه النفثة الكبيرة والفظيعة الآن، ويهدد برج الأوراق بالانهيار.

سيسقط نتنياهو عن النمر، فهو لا يعرف كيف يركبه وسيخرج النمر عن سيطرته. وسيصبح نتنياهو مثل بني بيغن ورؤوبين ريفلين أو دان مريدور الديمقراطيين المخصيين. وسيصبح لوح اعلان في حزبهم الذي يغير الآن وجهه وتركيبته وجوهره.

هل كنتم تصدقون؟ ان نتنياهو هو الآن آخر أمل للديمقراطية الاسرائيلية. وهو يركب نمرا مجنونا يجري ويجري بلا راكب.