خبر أسرلة يهودية- يديعوت

الساعة 09:45 ص|17 نوفمبر 2011

أسرلة يهودية- يديعوت

بقلم: يوسي شاين

رئيس برنامج آبا ايبان للدبلوماسية في جامعة تل ابيب

بحسب كل اختبار سكاني، ستصبح دولة اسرائيل في غضون سنين معدودة مكانا يعيش فيه أكثر يهود العالم. وينبع هذا التوجه من الزيادة الطبيعية اليهودية في اسرائيل التي هي أعلى كثيرا منها في اماكن الشتات؛ ومن الهجرات الكبيرة ولا سيما هجرة يهود الاتحاد السوفييتي السابق؛ ومن طائفة صعوبات تواجه الطوائف اليهودية في العالم التي يصعب عليها ان تحافظ على هويتها اليهودية.

يبرز هذا الامر بصورة خاصة بين يهود الولايات المتحدة الذين يفقدون سمات إثنية وثقافية ودينية ليهوديتهم، ويصعب عليهم ان يجدوا حياة يهودية جماعية. واليهودية في اماكن الشتات تستقي وتتغذى في واقع الامر من الواقع الثقافي والسياسي والديني في اسرائيل، وتحاول احيانا ان تصوغ الحياة في اسرائيل على صورتها.

ان أمن دولة اسرائيل والصراع الاسرائيلي العربي يؤثران أكثر من كل شيء آخر في أمن اليهود في اماكن الشتات. وهما العاملان المركزيان ايضا في النشاط التنظيمي اليهودي في العالم. هذا الى أنه لم يعد من الممكن فصل العلاقة بين معاداة السامية ومعاداة أعداء دولة اسرائيل لها.

يجب على منظمات في اماكن الشتات ان تحصر عنايتها دائما تقريبا في الشأن الاسرائيلي لتُجند موارد ولتبقى، وفي أحرام جامعية في أنحاء العالم، تدور الحياة اليهودية حول التجربة الاسرائيلية المعيشة. وان خططا مثل "تغليت ومساع" (كشف وسفر) تجلب شبابا يهودا الى البلاد لتقوي الصلة باليهودية، هي تعبير آخر عن هذا. وتصور الجاليات لتراث الماضي، البعيد والقريب، يصبح متعلقا أكثر فأكثر بالتجربة الاسرائيلية والتفسير الاسرائيلي للماضي اليهودي. ويتأثر موضوع المحرقة الذي كان لسنين طويلة أداة مركزية للتجنيد الجماعي والمؤسساتي في الجاليات، يتأثر بصورة تناول دولة اسرائيل له.

ويشير باحثون الى ان الأدب والفن اليهوديين بين الجاليات يفقدان من قوتهما، برغم أنه يوجد بطبيعة الامر مُبدعون يهود كثيرون ذوو تأثير كبير في الثقافة في دولهم. وقد انقضت في الولايات المتحدة تلك الايام التي صبغ فيها أدباء ومُبدعون مثل فيليب روت أو سول بلو أو ألفريد كايزن الحياة الثقافية بصبغتهم بفضل الثقافة اليهودية.

أصبح يهود الجاليات في دول كثيرة يلاحظون أكثر فأكثر الأثر الثقافي اليهودي على الانتاج الاسرائيلي الأدبي والثقافي والموسيقي. وهم يرون أن عاموس عوز وأ.ب يهوشع ومئير شيلو ودافيد غروسمان هم يهود. ولا تكاد توجد مناسبة يهودية اليوم تقريبا لا يُقدمون فيها الفلافل والحمص أو السلطة الاسرائيلية المقطعة.

وتتأثر مظاهر الديانة اليهودية بين الجاليات ايضا بتحولات التدين في اسرائيل. فالحركات الليبرالية في اليهودية تدرك أنه من اجل ان تحافظ على حيويتها بين الجاليات، يجب عليها ان تبني لنفسها قواعد أقوى في اسرائيل. ونقل العالم الحريدي ايضا، الذي رفض الوجود الصهيوني، مركز ثقله الى اسرائيل، وتبني حركة شاس قواعد بين يهود الجاليات الشرقية. لكن الليبراليين اليهود ايضا الذين يصعب عليهم الحفاظ على هويتهم وتنظيماتهم، ينجحون في انشاء مؤسسات حينما يكون الشأن الاسرائيلي خاصة يقوم في مركز واقعهم التنظيمي. و"جي ستريت" و"جي ديت" (موقع التعارف بين اليهود)، في الولايات المتحدة اليوم هما من أساطين اليهودية الليبرالية.

ان تحول اسرائيل الى قاعدة الوجود اليهودي بين الجاليات ذو معنى بعيد المدى بالنسبة لتعريف القومية الاسرائيلية ومستقبل الشعب اليهودي نفسه.

نجحت الصهيونية في انشاء دولة، فيها شعبان، اسرائيلي وفلسطيني، لكن هناك من يزعمون انها فشلت في انشاء شعب يهودي في اماكن الشتات والامر ليس كذلك في رأيي. فاسرائيل مسؤولة اليوم أكثر من كل جهة اخرى عن الحفاظ على الهوية العرقية – اليهودية للشعب اليهودي في اماكن الشتات. ويوجب هذا الواقع على قادة الدولة ان يهتموا بألا تُبعد المظاهر اليهودية في اسرائيل يهود الجاليات عنها. ان كثيرين منهم يفقدون الصلة بالشعب بسبب اغتراب عن ممارسات دينية ظلامية بل عنيفة. والديانة اليهودية في اسرائيل ستأخذ في النماء اذا عرفت كيف تستمد من التدين التطوعي في اماكن الشتات، وهذا التغذي المتبادل سيعزز التكافل بين الشعب اليهودي ويضمن الحفاظ على صلة باسرائيل.