خبر الأسد والجامعة العربية على زمن مستقطع -يديعوت

الساعة 10:17 ص|15 نوفمبر 2011

الأسد والجامعة العربية على زمن مستقطع -يديعوت

بقلم: سمدار بيري

مسافة ثلاث أو أربع دقائق سيرا على الاقدام، أكثر من مائة متر بقليل فقط، تفصل بين مقر الجامعة العربية في القاهرة وبين ميدان التحرير.  الاول يرمز الى الوحدة المصطنعة، الزائفة، التي خلقها 21 دكتاتورا من العالم العربي في الـ 65 سنة من وجود الجامعة. بينما التحرير، حتى قبل خلع مبارك، اصبح نقطة الانطلاق للهزة الروحية الجديدة في العالم العربي. هنا يحتجون ضد من اجتمعوا في مؤتمرات القمة واتخذوا "قرارات تاريخية". المواطن الصغير كان دوما بالنسبة لهم خفيفا كالريشة.

        الجامعة العربية اكتسبت لنفسها سمعة دولية هازئة، لمؤسسة عفنة وعديمة الاسنان. ليس في أي حال من الاحوال تجسيد لحلم وجود منظمة تنافس مقر الامم المتحدة في نيويورك أو الاتحاد الاوروبي. الامناء العامون السابقون التسع لم يكفوا عن الشكوى من الاعيب الكبرياء لدى الحكام، حين كان القذافي هو سارق المسرحيات الدائم. كما اشتكى الامناء العامون ايضا من الخلافات الداخلية، الانشقاقات بين المعسكر المعتدل ومعسكر الرفض: مصر، الاردن، المغرب والسعودية في معسكر "الاخيار"، سوريا (التي جرت وراءها لبنان)، العراق، الجزائر والسودان مثلوا آيات الله طهران. تسريبات من المداولات المغلقة حملت قصصا مثيرة عن الشتائم، الصفقات، القاء الاحذية والمغادرة الاحتجاجية من جانب الحكام، حين فشلت الجهود للتظاهر "بالوحدة العربية". الامين العام السابق، عمرو موسى النشط لم يكف عن الشكوى من هزالة وضع الجامعة الاقتصادي؛ فاصحاب المليارات الفاسدون تملصوا حتى من دفع بدل العضوية. نبيل العربي تسلم منصب امين عام الجامعة في عاصفة "الربيع العربي". ثلاثة دكتاتوريين خلعوا، اثنان يترنحان. دفعة واحدة لم يعد من الضروري معالجة ترتيب الخطابات والتشريفات. بل رؤساء الدول الذي يصرون على البقاء بكل ثمن. وهنا علق الامين العام في معضلة: من جهة يرتعد الحكام من معسكر "الخير" خوفا من ان تتسلل اليهم انتفاضة الشوارع، ولكنهم لن يفعلوا شيئا أو بعض شيء لجلب بشرى الديمقراطية. ومن جهة اخرى لا يمكن التسليم بخلايا قناصة على الاسطح في سوريا ومع زعران النظام، الذين حصدوا حتى الان 3.700 متظاهر. سلوك العربي، رجل القانون العنيد (استعادة طابا الى السيادة المصرية مسجلة على اسمه) والدبلوماسي المحنك، يجبره على أن يتصرف مع بشار الاسد مع نظرة حذرة في كل الاتجاهات. من يمكنه أن يسمح لنفسه بتحويل سوريا الى ساحة مواجهة مع الايرانيين؟ اذا ما خلع الرئيس الاضعف في تاريخ دمشق، فانهم سيخسرون الموقع الاستراتيجي الاهم في العالم العربي. من هنا ينقلون الصواريخ الى حزب الله، المرتزقة الى العراق، العبوات الناسفة الى الاردن، الارهابيين الى الخليج ويحلمون بالاستيطان في السعودية.

        تبين أن رئيس وزراء قطر هو الرئيس الدوري للجامعة العربية، وكذا يوجد لقطر حساب عسير مع سوريا. في عصر مبارك أصبحت العلاقات مع دمشق حردا، بعد أن وجه بشار ضربة علنية من تحت الحزام، ودعا حكام مصر والسعودية "اشباه الرجال". من يعرف كيف يقرأ بين السطور يلاحظ مرة اخرى بصمات آيات الله. هذا ليس الفم الكبير لبشار، بل طهران هي التي تتحدث من حنجرته.

        وابل الشتائم التي اطلقها سفير سوريا في الجامعة العربي، يوسف أحمد في اعقاب طرد سوريا يدل على أن القرار ومعناه، يوجد لهما قوة بالذات. فلا مزيد من الامتثال العربي الى جانب بشار، وزمن بقائه سيكون اقصر من 11 سنة حكمه الفاشل. وحتى لو كان الطرد من مؤسسات الجامعة يبدو طقسيا، فانهم سيحرصون على رفعه الى المرحلة التالية. تركيا فقدت الصبر، هيلاري كلينتون تطالب بان يعتزل فورا، الاتحاد الاوروبي والامين العام للامم المتحدة يبحثان عن السبيل لترجمة التنكر العربي الى عملية بلا عنف، ودفع بشار وعصبته الى الخارج. سيكون المزيد من القتلى والمفقودين في سوريا ولكن الاسد فقد الحكم منذ الان.