خبر في دولة الجُبناء- معاريف

الساعة 10:14 ص|15 نوفمبر 2011

في دولة الجُبناء- معاريف

بقلم: عوفر شيلح

 (المضمون: في دولة يدعي فيها وزير دفاعها أنها قوية من الهند حتى كوش لا يجب ان يخافوا الى الأبد ويُسكتوا بالقوة الانتقاد الداخلي - المصدر).

        الامر الاشكالي حقا في مشاريع القوانين التي تقيد التمويل من خارج البلاد الذي تتلقاه جمعيات حقوق الانسان هو النقاش حولها. تتضح منه الصورة الحقيقية لاسرائيل، الدولة التي يكاد يكون خمس ميزانيتها مكرس للامن، وتقعد على ترسانة من السلاح يقل مثلها في العالم: كيان خائف، يقوده أناس عقليتهم تشبه عقلية اليهود في بلدة صغيرة في اوروبا.

        هذه تعليلات وزراء في الحكومة، التي على حد قول وزير دفاعها أقوى من الهند وحتى كوش: "لا يعقل"، قالت من كانت حتى وقت قصير مضى مسؤولة عن تعليم المواطنين الشباب، "ان تتدخل دول اجنبية في ما يجري هنا عندنا، دولة تكافح في سبيل وجودها وفي سبيل حياة مواطنيها". وأضاف الوزير يوسي بيلد، الذي كاد ذات مرة يكون قائد جيش القوة العظمى في البلدة: "نحن نعيش في وضع خاص لا تتميز به أي دولة". وقد أيد مشروع القانون ايضا وزير التعليم الحالي والوزير جلعاد أردان اللذين ولدا في السنوات التي ضربت فيها اسرائيل ثلاثة جيوش عربية في ستة ايام.

        ولكن معارضي القانون ايضا عارضوه لذات السبب نفسه: تحدثوا عن رد فعل الأغيار وعن الخطر على التبرعات للمستشفيات والجامعات. لم يحرص أي منهم على أن ينشر باسمه الاقوال البسيطة واللازمة التالية: دولة حقيقية، ديمقراطية حقيقية، تعرف ان قوتها تُبنى من قدرتها على احترام الهيئات التي تنتقد نشاطها في الداخل وفهم دورها الحيوي. لمثل هذه الدولة توجد صورة وقيم هي التي تبقيها، وليس فقط السؤال الخالد ماذا سيقول الأغراب.

        ليس أقل من اربعة جنرالات يجلسون في حكومة بنيامين نتنياهو، يجلسون ويرتعدون خوفا: من "خط للعامل"، الجمعية التي تساعد مهاجري العمل؛ من "بتسيلم"، التي توثق خروقات حقوق الانسان في المناطق ومن "نحطم الصمت"، منظمة أقامها جنود قتاليون وتوثق حالات شذ فيها جنود الجيش الاسرائيلي عن التعليمات الواضحة للجيش نفسه بالنسبة للمسموح والمحظور في العلاقة مع الفلسطينيين في المناطق. أحد منهم، قادة الوحدة الخاصة "سييرت متكال" وفرق المدرعات، لم يخرج بصوت عال ضد مسرحية الجُبن اللامعة هذه.

        سيأتي يوم يجتمع فيه هؤلاء الجنرالات، الجُبناء مع أوسمة البطولة، في غرفة واحدة مع رئيس الوزراء، الذي هو ايضا ضابط في الوحدة المختارة وكذا خائف حتى العظام، ليبحثوا اذا كانوا سيُدخلون اسرائيل في حرب: وهم سيفعلون ذلك ليس بصفتهم الزعماء المنتخبين لدولة قوية وواثقة بنفسها، بل بصفتهم مُعيلي الأسرة في حاضرة ضعيفة، الاعتبار الوحيد لديها هو ماذا سيقول الطاغية.

        هذا لا يعني ان المعارضة أفضل. النساء اللواتي يقدنها، واللواتي يفترض ان يمثلن خطابا آخر وفهما آخر، لا يصعدن على أي متراس. فمن يريد أن يكون "يسارا"، ومن يريد ان يتحدى حقا جُبن الدولة هذه؟ آمن أكثر بكثير الانشغال بحقوق عاملات الصندوق (اللواتي يستحقن بالطبع) من الدفاع عن النشاط الحيوي لمن يتحدون أوهامنا عن "الاحتلال المتنور"، "حقوق الانسان" و"دولة مفتوحة أمام الناس المأزومين". كما صمت ايضا صوت الحاصل على جائزة نوبل للسلام، الرجل الذي ينزل في مقر الرئيس ويتكبد بين الحين والآخر عناء اطلاعنا كم هو قلق من الوضع.

        رجل شجاع واحد يوجد في قائمة المخاوف، روبي ريفلين يسمى. رجل تربى على عقيدة العزة الوطنية، والحائط الحديدي الذي لا يعتمد فقط على القوة المادية، بل أولا وقبل كل شيء على المعرفة في أننا اذا لم نكن نورا للأغيار فلن يكون أي معنى لوجودنا على الاطلاق. وبين الحين والآخر يدعو باسم رجل يدعى جابوتنسكي، الذي على ما يبدو كان لاعب كرة قدم في بيتار يروشاليم، وليس واضحا ما علاقته بما يجري. ولكن من يأبه بروبي. في دولة الجُبناء الشجاع يُعد غريب الأطوار.