خبر الدولة التي ستكون هنا قريبا -هآرتس

الساعة 09:40 ص|13 نوفمبر 2011

الدولة التي ستكون هنا قريبا -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: الدولة الاسرائيلية سائرة في طريق التحول الى دولة تسلط وعنف ومعاداة للديمقراطية وعنصرية - المصدر).

        ذات يوم، لا بعد زمن طويل، سنستيقظ لنرى دولة اخرى هي الدولة التي في الطريق. لن تشبه الدولة التي عرفنا والتي فيها عيوب ايضا وأمراض واعوجاجات غير قليلة، وعندما نستيقظ سيكون الوقت متأخرا جدا. سيتم تصوير اسرائيل القديمة آنئذ بنور ساطع، هو مثال الديمقراطية والعدل اذا قيس بهذه الجديدة التي أخذت تنشأ قبالة أعيننا المغمضة يوما بعد يوم، وقانونا بعد قانون.

        ان صورة الحياة في اسرائيل الجديدة التي سنحيا ونموت فيها، لن تُذكر بشيء مما تعودناه. ولن تستطيع مثل هذه السطور ايضا ان ترى النور. ستحظى الآراء المرضي عنها بالنشر فقط تلك التي يجيزها مجلس الصحافة الجديد من قبل الحكومة التي سيجلس مندوبوها في كل أسرة صحيفة كي لا تشذ عن نشيد الجوقة. وسيمنع قانون أو أمر (لساعة طواريء)، نشر كل ما قد يضر بالدولة في نظر سلطتها. وسيحظر قانون جديد التشهير بالدولة، وستكون الصحيفة التي تُمسكون بها بين أيديكم صحيفة مختلفة. ستكون فيها أخبار حسنة فقط.

        ولن تكون برامج التلفاز والراديو هي ما عرفتم ايضا. لن تستطيع أي وسيلة اعلام ان تشذ عن القانون بسبب العقوبة الشديدة التي ستجري على الاخلال به. وستُخرج كلمة "احتلال" خارج القانون مثل كلمتي "دولة فلسطينية". وسيقام الصحفيون الخونة مقرونين بعمود العار ويعتقلون أو يُقالون. ليس هذا اليوم بعيدا.

        وليس بعيدا اليوم الذي تُرى فيه شوارع المدن مختلفة. اليوم في القدس وغدا في جميع البلاد، من غير صور النساء. واليوم في القدس، وغدا في جميع البلاد، حيث الحافلات والشوارع المفصولة للنساء والرجال. وسيكون غناء رجال فقط في التلفاز والراديو. وفي وقت ما ستُلزم جميع نساء اسرائيل أن يتنقبن أو يضعن شعرا مستعارا على رؤوسهن. بعد ذلك سيُمنع الرجال ايضا من السير مكشوفي الرؤوس أو حليقي اللحى. لن يبعد هذا اليوم. وستغلق المدن في ايام السبت، فلا حانوت ولا دار سينما، بعد ذلك ستُمنع فيها حركة السيارات. وستُخرج المطاعم التي لا تقدم الطعام الحلال خارج القانون، ويجري واجب تركيب المازوزة على عضادة كل باب غرفة في كل شقة. والازواج الذين لا يسجلون في الحاخامية لن يستطيعوا السكن معا. والازواج المختلطون سيطردون فورا. والازواج غير المتزوجين لن يُسمح لهم بالسير وهم يحضن بعضهم بعضا في الشارع.

        ومرة كل شهر سيزور جميع طلاب اسرائيل المستوطنات من اجل يوم مناصرة. وسيبدأ كل درس بنشيد "هتكفا" والقيام اجلالا للعلم القومي. وسيخسر من لا يخدمون في الجيش الاسرائيلي جنسيتهم ويُطردون. دولة يهودية مع كنيست يهودية: في البداية لن يُسمح للعرب بالمنافسة في قوائم انتخابية مستقلة، وبعد ذلك لن يستطيعوا المشاركة في الانتخابات. وحتى ذلك الحين سيُطرد كل نائب لا ينشد بصوت عال وواضح نشيد "هتكفا" في مستهل كل جلسة للكنيست، طردا دائما. وستغلق أبواب الجامعات أمام الطلبة العرب سوى حصة رمزية يجيزها "الشباك". ولن يحل أن يؤجر العرب شققا سوى في مدنهم وقراهم. وستصبح العربية لغة محظورة. وسيصبح محمود درويش واهارون شبتاي واسحق ليئور شعراء محظورين. وسيهتز عاموس عوز وأ.ب يهوشع ودافيد غروسمان، سيجب عليهم ان يعلنوا مثل كل مواطني اسرائيل، بأنهم صهاينة كي تنشر كتبهم.

        ستُضم الضفة من غير سكانها الفلسطينيين. وتُخرج الجمعيات اليسارية خارج القانون ويُعتقل قادتها. وستنشر الحكومة قائمة سوداء لأصحاب الآراء الشاذة الذين لن يُسمح لهم بالخروج من البلاد أو اجراء مقابلات صحفية مع وسائل اعلام اجنبية. وسيعتبر قاتل اليهود فقط قاتلا. وسيُقسم سفر القوانين باثنين: لليهود ولغير اليهود. وسيجري حكم الاعدام على العرب فقط. وسيُمكّن تشريع خاص المستوطنين من السيطرة على كل ارض في الضفة. وستحظر الرقابة العسكرية نشر كل رأي قد "يمس بمنعة الجيش الاسرائيلي"، ستكون هذه لغة القانون.

        وستصبح المحكمة العليا جهاز استئناف فقط. وستختار الكنيست قضاتها. وتُحدد فيها حصة للمستوطنين والحاخامين واعضاء الحزب الحاكم. وسيستطيع من يضع على رأسه قبعة دينية فقط أن يتولى رئاستها. وسيتمتع الحاخامون بالحصانة مثل اعضاء الكنيست. وسيُجاز كل خروج للحرب واتفاق سلام في البدء على يد مجلس حكماء التوراة.

        الحقيقة أنه لا يُحتاج الى قدر كبير من الخيال لنصف كل هذا لأن المستقبل صار هنا، والثورة في ذروتها، لكن انتظروا – انتظروا ما يتبع.