خبر صديق جيد في الأليزيه -يديعوت

الساعة 09:38 ص|13 نوفمبر 2011

صديق جيد في الأليزيه -يديعوت

بقلم: رونين بيرغمان

ان التصريح الشديد اللهجة، الذي يبدو أنه وجه الى أذن براك اوباما فقط لكنه وصل الى العالم كله، من رئيس فرنسا ساركوزي على رئيس الحكومة نتنياهو في الاسبوع الماضي، أثار مرة اخرى مسألة شكل ونوع العلاقة بين اسرائيل وفرنسا التي تهتز مثل رقاص طوال السنين. هل قصر الاليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية ضدان علينا على نحو آلي؟.

ان شارل ديغول الذي غضب لاغتيال رجل معارض من المغرب في باريس بمشاركة من الموساد واستشاط غضبا ايضا للخروج لحرب الايام الستة، لكنه أراد في الأساس الاقتراب من العالم العربي، قطع بعنف العلاقات الممتازة التي حاكها شمعون بيرس مع باريس. وأمر بحظر مطلق لتزويد اسرائيل بالسلاح وقال ان اليهود هم "شعب نخبوي واثق بنفسه ومتسلط". وتحولت فرنسا من أقرب قوة عظمى الى اسرائيل الى صديقة باردة بعيدة. وقد كان يُنظر الى ورثته في المنصب في البلاد على نحو عام بأنهم مؤيدون للعرب لا أقل، ولهذا فهم غير مرغوب فيهم ان يتوسطوا في الصراع في الشرق الاوسط.

لم يحجم جاك شيراك عن ان ينتقد اسرائيل بشدة لكنه عدل عن النهج الاوروبي بنظرته الى محاربة الارهاب زمن الانتفاضة الثانية. ففي أعقاب لقاء طويل مع رئيس الحكومة اريئيل شارون ونائب رئيس "الشباك" آنذاك يوفال ديسكن، غير موقف فرنسا من عمليات الاغتيال المركز تغييرا حاسما. وبدأ شيراك ايضا يخطو خطوات ذات شأن في مواجهة البرنامج الذري الايراني.

وماذا عن ساركوزي؟ نجح نوعام شليط بفعل ثلاثة اسباب في أن يجند رئيس فرنسا للقتال من اجل الافراج عن ابنه بعد ان لم يُثر هذا الموضوع شيراك ألبتة. فجأة أخذت تُقرأ شيرا أنسكي وهي اسرائيلية تسكن في فرنسا وتعمل في منصب رفيع في بنك فرنسي كبير، عملت اربع سنين بتطوع واخلاص لا ينتهيان. وبفضل أنسكي وقدراتها الدبلوماسية الممتازة نجح شليط في أن يشق طريقه الى داخل الاليزيه، الى مستشاري الرئيس الكبار، مباشرة.

والسبب الثاني هو الود الشخصي مع ساركوزي. بعد ذلك كتبت أنسكي ملخصة واحدا من اللقاءات معه: "كان يمكن أن نرى كم تأثر ساركوزي ببرود أعصاب نوعام وضبطه لنفسه، وحدة صياغته وسيطرته على نفسه".

والسبب الثالث هو ساركوزي نفسه. فقد انتهج نهجا لا لبس فيه، اشكالي بالنسبة اليه من جهة سياسية داخلية، وجعل جلعاد شليط موضوعا مركزيا في برنامج عمل فرنسا. والتقى شليط مرة بعد اخرى ومنحه في نهاية اللقاءات عناية محفوظة لقادة العالم وصاحبه حتى الخروج من القصر إزاء عدسات تصوير الصحافة.

أعلن ساركوزي أنه "لا، لا اثنين بلا الثالث"، وحدد معاملة مساوية لبتنكور، والممرضات البلغاريات اللاتي احتُجزن رهائن في ليبيا، وجلعاد شليط. بل ان فرنسا، كما قال لشليط، عرضت على قطر سرا مبادرة وساطة مشتركة ووعدت بالمساعدة على اعادة بناء القطاع مقابل الافراج عن جلعاد.

وفي مراحل التفاوض الاخيرة استعمل ساركوزي اجهزة الاستخبارات ووزارة خارجيته لاستعمال ضغط على حماس لحل ازمة نشبت في المحادثات في منتصف ايلول. وفي الثالث عشر من ايلول وعد شليط الأب (بحسب ما كتبت أنسكي) قائلا: "جلعاد هو من رعيتي. وأنا كفيل ألا تسقط شعرة من شعر رأسه. ان المس به مس بفرنسا. أنا أُجلّك وأُجّل قدرتك على الصمود. وآمل جدا أن تأتي في المرة القادمة الى هنا مع جلعاد"(والدعوة مفتوحة أمامه في الحقيقة).

وفي الشأن الايراني يكشف ساركوزي عن توجه حازم لا هوادة فيه ربما يكون الأشد صرامة بين جميع الدول التي تتناول هذا الشأن. وفي فرنسا عذاب ضمير للمساعدة الذرية التي منحتها للعراق في حينه وكادت تفضي به الى قنبلة ذرية. ويترجم ساركوزي عذاب الضمير هذا الى خطوات متشددة وتصريحات حازمة.

والخلاصة هي ان الادارة في فرنسا لا تنتهج نهجا معاديا لاسرائيل باعتباره غريزة أساسية بل العكس هو الصحيح فان لاسرائيل صديقا في قصر الاليزيه. وهو لا يخشى ان يقف الى جانبها في موضوعات مشحونة ويعمل حقا لا بالكلام فقط، على مواجهة ما يُرى تهديدا وجوديا وهو الذرة الايرانية.

ليس هذا تأييدا بلا تحفظ، آليا أو عديم الانتقاد، وهو مقرون بسلوك الاتحاد الاوروبي، لكنه توجه ايجابي بصراحة. من المؤسف ان عدم المبادرة الاسرائيلية مع الفروق الشخصية التي أصبحت أشد حدة بين ساركوزي ونتنياهو (الذي لم يذكر فرنسا في خطبة شكره في قضية شليط)، يغطيان على التوجه المؤيد في باريس ولا يُمكّنا من ان نستعمله استعمالا في الحد الأقصى.