خبر سنة الحسم غدت هنا -هآرتس

الساعة 09:27 ص|10 نوفمبر 2011

بقلم: آري شبيط

(المضمون: دغان نوّم الاسرائيليين وجعلهم يفترون عن الاستعداد لمواجهة البرنامج الذري الايراني بايهامه إياهم أن الزمن لاحراز قنبلة ذرية ايرانية ما يزال طويلا - المصدر).

        كان الجدل الكبير في المؤسسة الاسرائيلية سنين طويلة جدلا في الزمن. فقد زعم رئيس الحكومة ووزير الدفاع انه لا زمن في مواجهة ايران. وزعم رئيس الموساد السابق أنه يوجد زمن في مواجهة ايران. والآن تأتي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتبرهن على أنه لا يوجد زمن حقا وما تزال المفاجآت ممكنة. وكما حدثت معجزات في الماضي، قد تقع معجزات في المستقبل ايضا. لكن صورة الوضع الآن هي ان بنيامين نتنياهو واهود باراك كانا على حق، أما مئير دغان فاخطأ وأضل. لن تكون 2018 ولا 2015 سنتي الحسم بل ستكون 2012 سنة الحسم. فاسرائيل أخذت تقترب من مفترق القنبلة أو القنبلة.

        أدركت اسرائيل في مطلع سني الألفين أنها تجابه مشكلة ايرانية صعبة. وقد أدركت ولم تدرك. فقد فضلت حكومات اسرائيل والجمهور الاسرائيلي ايضا أن يشغلوا أنفسهم بسوريا وفلسطين وحزب الله وحماس. وجرى تفضيل العقيدة القديمة. والسياسة الضئيلة الشأن والشره الكبير. وفضلنا جميعا ألا نعلم ما علمناه. لكن المؤسسة الاستراتيجية لم تكن قادرة على تجاهل أنه أخذت تنشأ عاصفة وراء جبال الظلام. لهذا فرضت على أفضل الشباب وقف العاصفة. وكسب وقت. سنة ثم سنة ثم سنة. وغد بعد غد بعد غد.

        أصبح مذهب الغد مذهبا سائدا. وأصبح سهلا سياسيا وسهلا شعوريا وجاء بنتائج. ونُسبت الى دغان امتيازات. وأُجلت سنة الحسم مرة بعد اخرى. وأُخر خط الموت مرة بعد اخرى. وتمت اعمال رائعة وحدثت انجازات مدهشة. اسرائيل لم تعالج السرطان لكنها أخرت مرة بعد اخرى انتشاره. وهكذا أصبح دغان الكاهن الأكبر. وهكذا رسخ الشعور بأن دغان قادر على كل شيء. ونشأ في اسرائيل وهم ان اسرائيل ستبلغ الخلاص بالحيل.

        ان التقرير الذي نشر أمس في فيينا يحطم الوهم. فالتقرير يبرهن على أن ايران ليس لها برنامج تخصيب ولا برنامج صواريخ فحسب بل برنامج انتاج سلاح ذري ايضا. وهو يبرهن على ان لايران منشآت سرية وقنوات سرية وعلى أنها تعمل سراً على انتاج قنبلة ذرية. ان ايران على الشفا حينما يوجد في القبو خمسة أطنان من اليورانيوم المخصب بدرجة منخفضة وسبعون كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بدرجة متوسطة. وحينما تطور ايران مفجرات ذرية ومعدنا كرويا ذريا ورؤوسا حاملة للمادة الذرية تصبح تهديدا حقيقيا فوريا. نُسبت الى دغان عظائم لكنه لم يثبت للمهمة التي ألقاها عليه اريئيل شارون قبل عشر سنين. فهو لم يُفشل البرنامج الذري الايراني.

        ان دغان، لابعاد نفسه عن الفشل، خرج في هجوم أهوج على نتنياهو وباراك. ولهذا شاهدنا ما شاهدناه في الاشهر الاخيرة وفي الاسبوعين الاخيرين. لكن المشكلة لا تبدأ ولا تنتهي عند نتنياهو وباراك، ان المشكلة هي ان اسرائيل لم تستغل حتى النهاية السنين التي هي أثمن من الذهب التي منحها دغان إياها. تمت أمور، وتمت أمور عظيمة. وليس صدفة انه في ذات صباح أزرق يُطلق صاروخ بالستي من رمال البالماحيم. لكن اسرائيل لم تفعل ما كان يجب عليها فعله لاعداد نفسها في الداخل والخارج. واسرائيل لم تنجح في صد ايران من جهة سياسية. واسرائيل لم تستغل الانفصال ولم تستغل أنابوليس ولم تعرض على براك اوباما اقتراحا لا يمكن رفضه. فقد أقنعت المؤسسات الاستراتيجية في الغرب لكنها لم تُجند الرأي العام في الغرب. ولم ينجح شارون واهود اولمرت وتسيبي لفني ونتنياهو وباراك في جعل الجماعة الدولية تفعل ما لا يستطيع فعله سوى الجماعة الدولية.

        قبل سنين قال لي رجل استخبارات رفيع المستوى وحكيم ان توجه دغان ليس جزءا من الحل بل جزءا من المشكلة. وقد وضح اليوم ما الذي قصد اليه رجل الاستخبارات ذاك. ان وهم الزمن الذي أحدثه دغان ويُحدثه جعلنا ننام جميعا. ووهم الزمن جعل أحاسيسنا تتبلد. لم نشأ ان نسمع حس آلات الطرد المركزي ولم نشأ أن نفهم معناه. لكننا نسمع الآن. وقد نفد الزمن الآن. فماذا عن غد؟ غد الآن.