خبر في النفاق -هآرتس

الساعة 09:26 ص|10 نوفمبر 2011

في النفاق -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: اسرائيل التي استخفت وتستخف بقرارات المجتمع الدولي أصبحت فجأة تُجند هذا المجتمع وتثق به لمواجهة الخطر الذري الايراني وهذا عين النفاق والتلون - المصدر).

        يبدو أنه سيكون لايران قنبلة ذرية، وهذه أنباء سيئة جدا. فالحديث عن دولة تُدبر للشر. ولا حاجة هنا الى الاكثار من الكلام على تهديداتها الفظيعة ونظامها الظلامي، فوسائل الاعلام الاسرائيلية تفعل هذا بما يكفي ويزيد. وفي الآن نفسه لا تثار للنقاش هنا اسئلة اخرى: اسئلة عن المعايير المزدوجة للغرب ولاسرائيل ايضا. فالغرب يسلك سلوكا معوجا. فهو يغض نظره عن دول ذرية معينة بعضها خطير، ويقيم العالم ولا يُقعده في مواجهة تسلح ايران. واسرائيل من جهتها تتوجه الآن الى مساعدة الجماعة الدولية في حربها للذرة الايرانية، وتتجاهل بفظاظة قرارات تلك الجماعة التي ترجو مساعدتها الآن، فالحديث عن نفاق في الحالتين.

        عاش العالم في سلام مع سلاح ذري موجود في حوزة القوى العظمى. فمما لا بأس به أنه يوجد لامريكا سلاح ذري برغم أنها الدولة الوحيدة التي استعملته "استعمالا فظيعا". بل انه مما لا بأس به ان يوجد لروسيا والصين سلاح ذري. لأنه من يستطيع وقفهما. ونشك ايضا في ان يخرج الغرب عن طوره اذا تسلحت دول منه أو مما يرعاه بقنبلة. فالحديث عن دول هي جزء من عائلة الشعوب المتحضرة التي يُباح لها.

        بعبارة اخرى: الحديث عن اعوجاج. فهناك دول يجوز لها واخرى لا يجوز لها. وقد أطلق عدد من الدول المستنيرة تهديدات في الماضي تصريحا أو تعريضا، بأنها قد تستعمل السلاح الذري بظروف ما. وفي اوروبا المستنيرة ايضا حدثت تلك الحرب الفظيعة.

        وتتجاهل القوى الذرية ايضا الفصل الرابع من ميثاق منع انتشار السلاح الذري الذي يدعو الى التخلص منه. فيجوز لها ان تتجاهله. ويعيش العالم في سلام ايضا مع حقيقة أنه يوجد 189 دولة وقعت على الميثاق لكن توجد 4 لم توقع عليه منها اسرائيل.

        تعلم العالم العيش مع قنبلة كورية شمالية وباكستانية برغم ان الحديث عن خطر لا يقل عن الخطر من ايران. ان ايران في الحقيقة تهدد اسرائيل والولايات المتحدة لكن في باكستان ايضا قد تقع القنبلة في أيدٍ فظيعة، وقد يستعمل النظام في كوريا الشمالية سلاح يوم الدين اذا شعر بأنه مهدد. وقد تعلم العالم أن يُعايش هذا بعد أن قسّم قادته بينهم دول العالم الى خيّرة وشريرة، أو في الأساس تلك التي يُباح لها والاخرى التي يُحظر عليها. ويوجد غير قليل من التعسف في هذا التقسيم.

        ان اسرائيل التي لم توقع على الميثاق هي في مجموعة واحدة مع كوريا الشمالية وباكستان والهند، وهي مجموعة مريبة جدا. ولا يسأل أحد لماذا ولا يسأل أحد لمَ لا في اسرائيل ولا في العالم. بحسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوجد اليوم 40 دولة اخرى قادرة على تطوير سلاح ذري خاص بها: وحقيقة ان العالم يسلك هذا السلوك المتلون قد تكون واحدا من بواعثها وحوافزها الى فعل ذلك والانجرار الى سباق تسلح مجنون.

        يوجد غير قليل من النفاق الآن فيما يتعلق بنظرة اسرائيل للعالم. فقد غدت الجماعة الدولية فجأة جهة لا ينبغي أخذ رأيها في الحسبان فقط بل الدعوة الى مساعدتها. وأصبحت توجد فجأة منظمة دولية نعتمد على كلمتها ونريد تجنيدها. فالامم المتحدة – جوفاء، واليونسكو – معادية للسامية، لكن كلمة الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقط هي الكلمة.

        ربما الآن، إزاء تهديد ايران، تبدأ اسرائيل فهم أهمية الجماعة الدولية وقوتها. وربما بفضل ايران يتغلغل هنا آخر الامر معرفة أنه لا يمكن الاستهانة بالعالم طوال الوقت مرة بعد اخرى واستدعاء مساعدته في وقت الضيق فقط. وربما ندرك بفضل ايران أنه لا يمكن ان نتجاهل الى الأبد موقف أكثر دول العالم والبقاء معزولين مُقصين عن هذه الجماعة الى الأبد.

        قال العالم في السنين الاخيرة كلاما حاسما على خطوات اسرائيل، باسم أكثرية كاسحة وصلبة جدا. ولم تستجب اسرائيل: فليس مهما ما الذي يقوله العالم، المهم ما تفعله اسرائيل. وها هو ذا العالم أصبح فجأة مهما لاسرائيل. ايران كاسرائيل ايضا من شبه المؤكد أنها لن تستجيب لصوت العالم لكن ألا تريد اسرائيل أن تشبه ايران ولو بشيء ما؟.