خبر ماذا يكون اذا لم يفرضوا عقوبات؟- هآرتس

الساعة 10:14 ص|09 نوفمبر 2011

 

ماذا يكون اذا لم يفرضوا عقوبات؟- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

        (المضمون: اسرائيل بين نار الهجوم على ايران الذي تعارضه الجماعة الدولية ورمضاء عدم الهجوم الذي يعرض الثقة بها للخطر ولا يخرجها من هذه الورطة إلا ان تفرض الجماعة الدولية عقوبات على ايران - المصدر).

        اليكم الصيغة الاسرائيلية من معضلة السجين: اذا أثمر تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطوفان التقارير الصحفية عن نية اسرائيل مهاجمة ايران حصة جديدة من العقوبات على طهران، فستضطر اسرائيل الى أن تبت أمر هل تكتفي بها أم عليها ان تهاجم مع كل ذلك.

        واذا صعب على الامم المتحدة في المقابل ان تتخذ قرارا على عقوبات ذات شأن، بسبب معارضة روسيا والصين، فستواجه معضلة فظيعة: لأنها اذا لم تهاجم ايران فستخسر الثقة بها تماما. لأنه كم مرة سيستطيع العالم بعدُ الاقتناع بتهديدات باطلة؟ واذا استقر رأيها على الهجوم بعلة ان الجماعة الدولية لا تفعل ما يكفي، فستجعل "المشكلة الايرانية" مشكلة اسرائيلية وهكذا ستمنح الجماعة الدولية إعفاءا من علاج ايران.

        كان يكفي ان نسمع هذا الاسبوع رئيس فرنسا نيكولا ساركوزي الذي أعلن أن "وجود اسرائيل، بعد ما حدث في الحرب العالمية الثانية، هو حدث سياسي مركزي في القرن العشرين ولا ننوي الهوادة في هذا"، كي ندرك الى أي مدى نجحت اسرائيل في تقليص تهديد ايران العالمي الى تهديد لاسرائيل. وهذا بالمناسبة هو ساركوزي نفسه الذي حذر في نيسان من ان "هجوما اسرائيليا على ايران سيكون كارثة".

        ان الثرثرة الاسرائيلية المدبرة لا تنجح فقط في صرف مركز الاهتمام والرعب عن الذرة الايرانية الى الخوف من رد اسرائيلي بل تحول مسألة الرد الاسرائيلي عن معضلة استراتيجية الى معضلة منطقية. وهي معضلة ليست الاسئلة المركزية فيها هل يوجد لاسرائيل قدرة على الهجوم وهل تعلم أين تهاجم، وهل هي قادرة على تحمل هجوم ايراني مضاد وماذا ستكون الآثار السياسية؟ ان السؤال المركزي الآن يتقلص الى تساؤل هو هل من المنطقي ان تهاجم اسرائيل، أي هل تعمل مثل دولة مجنونة لا تحسب حسابا ألبتة لنتائج أفعالها.

        هذا السؤال يجعل اسرائيل في موقف مشابه لموقف ايران. لأن التساؤل المركزي عنها منطقي ايضا وهو: هل تكون ايران مستعدة لتحمل انهيار اقتصادي وإضرار عظيم بالأرواح من اجل ان يوجد مشروعها الذري فقط؟ ان الجهد الدولي لفرض عقوبات اخرى على ايران أو لاقناعها بالترغيب بالكف عن تطوير قنبلة، يعتمد على افتراض ان الحديث عن دولة عقلانية وأنها لذلك سترضى في نهاية الامر. فاذا وُجد التصور الاسرائيلي برغم ذلك والذي يقول ان ايران ليست عقلانية بل هي دولة منتحرين، فانه لا داعي حتى لفرض عقوبات اخرى عليها لأنها لن تستطيع أصلا اقناع مجانين بتغيير سياستهم.

        وهنا ايضا يكمن التناقض في المنطق الاسرائيلي. لأنه اذا كانت البروق والرعود التي تصدر عن حكومة اسرائيل ترمي الى حث الجماعة الدولية على فرض عقوبات اخرى تكف جماح "الجنون الاسرائيلي"، فانها تشهد أصلا بأن اسرائيل ما تزال ترى ايران دولة عقلانية قد تُغير رأيها نتاج ضغط دولي. وهذا الاستنتاج كان يجب ان يفضي الى استعمال سلسلة من الخطوات السياسية لا التهديدات العسكرية التي تسجن معارضي ايران ايضا – مثل أكثر دول اوروبا والدول العربية – في حظيرة واحدة لا يُسمع فيها سوى صوت واحد وهو: لا للهجوم العسكري. وحينما يكون هذا هو الاختلاف حيث يعارض اصدقاء اسرائيل ايضا – أو الباقون منهم – عملية عسكرية، فان الصيغة المعتادة التي تقول ان "جميع الخيارات على المائدة وفيها الخيار العسكري" تصبح صيغة بلا قيمة.

        لأنه حينما تحث اسرائيل على عملية عسكرية يتبين ان الخيار العسكري خاصة هو الذي يلقى سورا واقيا دوليا. وهكذا يصبح التهديد الملمح اليه الذي يرمي الى ردع ايران تهديدا فارغا اذا لم تنهض اسرائيل الآن وتهاجم. بيد أنها لا تريد في الحقيقة فعل هذا فقد أرادت التهديد فقط وإحداث استيقاظ دولي لكنها أحرقت ما طبخت.

        لأن اسرائيل الآن تواجه ايران في لعبة بوكر بين لاعبين تستطيع ايران فيها ان تكشف عن اللعبة الاسرائيلية أو أن تعرض نفسها لخطر الهجوم، وفي الحالتين ستُدفع اسرائيل الى وضع حرج لا تستطيع تخليصها منه إلا الجماعة الدولية اذا فرضت عقوبات على ايران. فماذا يكون إن لم تفعل؟.