خبر ماذا كان يفعل رابين- هآرتس

الساعة 10:13 ص|09 نوفمبر 2011

ماذا كان يفعل رابين- هآرتس

بقلم: نيفا لانير

(المضمون: تقارن الكاتبة بين سلوك اسحق رابين في المناصب التي تولاها وسلوك الساسة الاسرائيليين الكبار الذين يتولون مقاليد الامور اليوم - المصدر).

        كان من اللذيذ ذات مرة ان تعتبر مواصلا لنهج اسحق رابين. حدث في اسرائيل في مطلع التسعينيات – بلا حركة احتجاج – تغيير في ترتيب الأفضليات الوطني. ففي ميزانية حكومة رابين الاولى جُمد بناء 15 ألف شقة في المناطق، مكّن من تحويل ثلاثة مليارات أو اربعة مليارات شاقل الى ميزانية التربية والبنى التحتية. وزادت ميزانية التربية في اربع سنين من 8 مليارات شاقل الى 14 مليارا وهي زيادة حقيقية تبلغ 70 في المائة. ومكّن نمو سريع من سن قانون تأمين صحي رسمي. وتحويل المعاهد الى اكاديميات وبناء جهاز دراسات عليا في الضواحي، وشق شوارع وطرق التفافية (اجل في المناطق ايضا)؛ ومكّن ايضا من اتخاذ قرار شق الشارع 6 وانشاء مطار بن غوريون 2000. ومكّن ايضا من مضاعفة ميزانية العالِم الرئيس، ومساواة مخصصات الاولاد ومخصصات التطوير في الوسط العربي، وسن قانون الجنود المسرحين وإحداث ثورة في تخصيص نفقات للسلطات المحلية. وانخفضت البطالة من 11.5 في المائة الى 6.5 في المائة. ولم تزد ميزانية الامن!.

        وما جاء بعد ذلك سيء الذكر. فاتفاقات اوسلو والسلام مع الاردن والازهار والنماء هددت بأن تغرق في أمواج الارهاب الفلسطيني. وأحدث التحريض السياسي وقتل رئيس الحكومة تغييرا عميقا. يُخيل إلي احيانا أن دهرا سياسيا قد مضى منذ ذلك الحين لكن الامر ليس كذلك. فالثلاثة الذين يقودون اسرائيل اليوم كانوا ذوي سطوة في السياسة الاسرائيلية قبل 16 سنة ايضا حينما قُتل اسحق رابين. الاول وهو بنيامين نتنياهو كان من كبار المحرضين عليه. وأقسم اثنان هما اهود باراك وشمعون بيرس أن يكونا "متابعي نهج اسحق العزيز"، والتمسك بتراثه ونظريته الامنية والاجتماعية. ومع افتراض أنهما لم يتظاهرا، فان من المثير للاهتمام أن نعلم متى تحررا من العبء؟ ومتى تخلصا من الضرورة التفكيرية "ماذا كان رابين يفعل؟"، أكان هذا عشية الانتخابات حينما طُبخ الحلف السياسي بين اهود باراك والشخص الذي سار أمام تابوت موتى في مفترق رعنانا وشاهد من الشرفة في ميدان صهيون صور رابين في ملابس الـ اس.اس تُحرق وتشتعل مع هتاف "رابين خائن"؟ أوربما حدث التحلل من عبء رابين الزائد مع انشاء حكومة نتنياهو – باراك – ليبرمان، بتشجيع الرئيس شمعون بيرس؟ هناك شيء ما آسر في محاولة تتبع المجد المُراكم، ونشوء شهوة القوة والحاجة الى السيطرة. وقد اعتقدنا في الـ 16 سنة الاخيرة أننا رأينا منها الكثير. ويتبين الآن أن ذلك كان أقل القليل. هذا الاسبوع حينما شاهدت وزير الدفاع يعد مُجري اللقاء معه من الـ بي.بي.سي بأنه لا حاجة الى ان يغير خططه القريبة لأن "اسرائيل لن تهاجم ايران هذا الاسبوع"، حاولت ان أُقدر المسافة بين جلالة عجرفته و"اسحق" كما اعتاد باراك ان يتوجه إليه متقربا حتى في تأبينه له.

        لا أعلم ماذا كان رابين يقول ويفعل في هذه الايام لو عاش. لكن لنا جميعا أكثر من اشارة الى ما لم يكن يفعل. فقد رأيناه سنين طويلة في وزارة الدفاع ورئاسة الحكومة. ولم يجعل نفسه مخلصا وفاديا، وعالِما بكل شيء أفضل من الجميع. ولم يهب الى التوجيه والامر بالتحقيق مع المُسربين ولم يعرف ما هي الحيل الاعلامية. ولم يحتَلْ على الامريكيين ولا على وزراء في حكومته. ولم يوصِ بعملية عسكرية من غير تأييد مستوى العمليات، ولم يحتكر اتخاذ القرار على عمل عسكري ولم يُلقِ تبعة فشل تنفيذه على المستوى تحته. ولم يصل أي اختلاف في الرأي بينه وبين رئيس هيئة الاركان الى مائدة مراقب أو لجنة. ولم يُدفع الى أي اطار. وطوبى له أنه لا يعلم أن متابع نهجه الذي وعدنا بفجر يوم جديد قد يجلب علينا ظلاما في الظهيرة.