خبر اسرائيل تؤيد من يملكون الغراد -هآرتس

الساعة 10:43 ص|02 نوفمبر 2011

اسرائيل تؤيد من يملكون الغراد -هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: اسرائيل تلعب لعبة تقوية طرف فلسطيني على آخر كما فعلت في البدء مع حماس وفتح ثم مع الجهاد الاسلامي في مواجهة حماس وكل ذلك لابقاء الصراع بلا حل - المصدر).

        من اللذيذ إتمام اعمال مع الجهاد الاسلامي. فهو يطلق صواريخ غراد، وترد اسرائيل بالقصف، وتتدخل مصر وتُجري تفاوضا غير مباشر بين الطرفين، وتوجد هدنة ويصبح الجميع راضين. أظهرت اسرائيل مرة اخرى "قوة ردعها" التي لم تردع الجهاد بدءاً عن اطلاق صواريخ – وقد عرض الجهاد قدرته على تحدي حماس وحظيت حماس بمنزلة البالغ المسؤول، ولم يُطلب الى محمود عباس ان يتدخل وهو يستطيع الاستمرار في أداء دور اليائس، وأوضحت مصر مرة اخرى سلطتها باعتبارها رئيسة لجنة البيت.

        هذا هو نوع المواجهات التي تفضلها اسرائيل، فهي لا تحتاج الى تفاوض سياسي متعب أو اعتراف متبادل، والهدنة لا توجب الانسحاب من اراض، والثمن على اسرائيل منخفض نسبيا، والقوى العظمى لا تتدخل، وميزان القوى السياسي غير مهدد بل ان الوزارة الغريبة المختصة بالشؤون الاستراتيجية غير قلقة.

        إن "جمال" هذه المواجهة الاخيرة هو في طريقة تقسيم اسرائيل لصراعها مع الفلسطينيين الى ميادين قتال مفصلة كي تتهرب من حل سياسي شامل، الى ما قبل ست سنين واجهت اسرائيل سلطة فلسطينية سيطرت على جزئي فلسطين – غزة والضفة، لكن نتائج الانتخابات العامة في المناطق في كانون الثاني 2006 جاءت بحماس الى السلطة وبهذا منحت اسرائيل الذريعة التي تحتاجها لتسلب السلطة تمثيليتها. وأصبح جزءا الدولة الفلسطينية سلطتين مستقلتين وحققتا بيديهما الهوى الاسرائيلي بتطبيق مبدأ "فرّق تسُد".

        هذا المبدأ منح حماس حق النقض لكل اجراء سياسي لعباس، أما عدم سيطرة عباس على غزة فهدد بتحويل كل تسوية معه الى عديمة القيمة الأمنية. لم تستطع اسرائيل التخلي عن هذه "الهدية"، ولهذا فكل جهد فلسطيني لتوحيد الصفوف لا يلقى اختلافا فلسطينيا داخليا فقط بل تهديدا اسرائيليا ايضا – مصحوبا بضغط امريكي – بالتنكر للسلطة بل بفرض عقوبات عليها.

        وهكذا أصبحت حماس الشريكة الحيوية في معركة إفشال المسيرة السياسية. وهكذا بُنيت ايضا بصفتها مركبا سياسيا عظيم القوة في التقديرات الاسرائيلية. فبغير حماس بصفتها شريكة في المسيرة لا يوجد لعباس تسوية أمنية كاملة يعرضها على اسرائيل، ومع حماس في المسيرة – لا تكون اسرائيل مستعدة للجلوس للتفاوض. وهكذا يمكن "المسيرة" ان تحظى بحياة خالدة من غير التوصل الى حل. الى أن تبين وليس للمرة الاولى أنه حينما تنشأ الحاجة لاحداث هدنة وتسكين جأش سكان اسرائيل في الجنوب أو لاعادة جندي مختطف، فان حماس يمكن ان تصبح شريكا فاخرا، لأن الحياة تصبح أسهل عندما يوجد شريك ذو مسؤولية. شريك لا يتمسك بايديولوجية فحسب بل يعرف كيف يكون سياسيا مثل شريكه الاسرائيلي بالضبط.

        لكن قبل لحظة من سير حماس في طريق فتح وتحولها عن مكانة منظمة ارهابية الى جهة سياسية محتملة، وتحطيمها بذلك للمعادلة الاسرائيلية، توجد ضرورة أن يتم تعزيز منظمة اخرى في مواجهتها كي تلعب الدور الذي لعبته حماس في مواجهة السلطة. وهي الجهاد الاسلامي. وهكذا ما ظل الجهاد يعصي حماس تستطيع اسرائيل ان تمسك بالحبل من طرفيه بأن تلقي على حماس المسؤولية عما يجري في غزة وبأن تزيد في قوة الجهاد الاسلامي بدقتها في اصابته.

        والنتيجة هي ان الجهاد لا حماس هو الذي يجري التفاوض في مصر مع اسرائيل ويصبح فجأة شريكا ايضا. وعلى نحو مضلل تحظى هذه المجابهة بتعريف "مجابهة غير متناسبة"، لكنها مجابهة متناسبة جدا ليس فيها لاسرائيل رد عسكري مطلق على الجهاد، وهي تضطر الى أن تمثل بصفتها مساوية في القيمة أمام الحكَم المصري، وقابليتها للاصابة لا تقل عن قابلية المنظمة التي تحاربها ولا تختلف طاقة الضرر الاستراتيجي الكامنة لهذه المواجهة عنها في حرب بين جيوش.

        يدعو المنطق السياسي الى العودة الى نقطة البدء، والى تمكين السلطة من انشاء حكومة موحدة تعترف بها اسرائيل، والى الاعتراف بدولة فلسطينية تكون عنوانا واحدا مسؤولا عن كل دعوى عليها. لكن المنطق السياسي (الخارجي) يناقض المنطق السياسي (الداخلي) الاسرائيلي الذي يطمح الى مسيرة سياسية أبدية حتى لو كان ثمن ذلك اطلاق نار عرضيا وعدة قتلى في السنة. وليس للسياسة (الخارجية) أي دواء للتغلب على المنطق السياسي (الداخلي).