خبر أشواق الى بيغن..هآرتس

الساعة 09:23 ص|31 أكتوبر 2011

بقلم: عكيفا الدار

قبل بضع سنين من قتل الشابين الفلسطينيين اللذين اختطفا مسافري الخط 300، نشرت هنا تقريرا صحفيا عن صحفي فلسطيني من شرقي القدس، اشتكى من انه حينما كان في الحجز الاداري عذبه محققو "الشباك". لم يكن قتل حتى ولا تكسير عظام، بل مجرد "رجاجات" واهانات وليال بلا نوم (والتهمة بالمناسبة "العضوية في منظمة معادية" – فتح).

        بخلاف شمعون بيرس، رجل "معسكر السلام" الذي أيد الطمس على قضية الخط 300، أمر رئيس الحكومة آنذاك مناحيم بيغن، زعيم "المعسكر الوطني"، بالتحقيق المتعمق لادعاءات الشاب الفلسطيني. وانتهى التحقيق الذي أجراه المدعي العام للدولة آنذاك جبرائيل باخ، انتهى الى عزل محققي "شباك" والى توجيهات متشددة منعت استعمال التعذيب في التحقيق مع معتقلين امنيين.

        يسهل ان نصف أي ضجيج كان سينشأ في الكنيست لو أن شخصا ما من المستوى السياسي أو القانوني تجرأ على ان يمس اليوم بشعرة من رأس رجل أمن لأنه "في الحاصل العام مس بعربي". ونشك كثيرا في ان مناحيم بيغن كان يُكرم بالجلوس اليوم في مقاعد الليكود. ان بيغن الذي كان عرّاب عضو الكنيست ياريف ليفين (الليكود)، الذي أفسد رائحة المحكمة العليا ووالد اقتراح قانون زيادة التعويض بسبب اساءة التشهير، ما كان ليجد مكانا في الكنيست الثامنة عشرة التي تفتتح اليوم دورتها الشتوية.

        كان سيعتبر طائرا غريبا في نظر كثيرين ايضا من اعضاء كتلة كديما البرلمانية ومنهم رئيسة الحزب، تسيبي لفني وولي العهد شاؤول موفاز. ان النضالات التي أجراها بيغن لتحصين سلطة القانون والحفاظ على حقوق الانسان وحرية التعبير، لا تجذب ايضا قلب زعيمة حزب العمل شيلي يحيموفيتش. فبرنامج العمل "اليساري" هذا، تفضل ان تتركه لزهافا غلئون ورفاقها في ميرتس.

        ان المبادرين الى اقتراحات القانون المعادية للديمقراطية التي تمت اجازتها في الكنيست وتلك التي تنتظر على مائدتها يعرضون مؤيديها بأنهم "وطنيون". ويوصف المعارضون بأنهم "ليّنو النفوس"، يُسلمون أمن الدولة. في ورقة بحث نشرها البروفيسور مردخاي كرمنتسر والمحامي عمير فوكس من المعهد الاسرائيلي للديمقراطية، يفحصان نظرية بيغن ويُبينان أنه يمكن ان تكون ذا تصور أوسع للديمقراطية ووطنيا وملتزما بأمن الدولة ايضا. وبرغم ان الاقتباسات مأخوذة من خطب بيغن في الكنيست حينما كان زعيم المعارضة في الكنيست، كان على نحو عام مخلصا لمبادئه حينما بلغ السلطة ايضا.

        لا يستطيع أحد أن يشك في اهتمام بيغن بأمن مواطني اسرائيل. وقد قال بيغن في نقاش تم في جلسة الكنيست العامة في 20 شباط 1962، لاقتراح قانون الغاء قوانين الطواريء: "وجود هذه القوانين يثير علامة سؤال عن الحقوق الأساسية لكل مواطن في اسرائيل... سمعنا دعوى تقول ان البريطانيين ربما أحسنوا إلينا لأنهم تركوا لنا، حينما غادروا البلاد القوانين من سنة 1945. وهذه دعوى غريبة جدا... اذا لم يكن من الجيد لدولة اسرائيل ان تسن قانونا كهذا أو مثله فهل يجدر بدولة اسرائيل ان تتمسك بهذا القانون؟". في تلك الخطبة رفض بيغن دعوى انه لا يجوز منح مواطني اسرائيل العرب مساواة تامة في الحقوق لأنهم لا يخدمون في الجيش وقال: "هذه دعوى غريبة. استقر رأينا على عدم الزام السكان العرب، بعكس الدروز، بالخدمة العسكرية... نحن نؤمن بأنه يجب ان تكون وستكون في دولة اليهود مساواة في الحقوق لكل مواطنيها بلا فرق في الدين والقومية والأصل".

        قبل ذلك في خطبة خطبها في الكنيست في كانون الاول 1959 قال مناحيم بيغن "لسنا نقبل الرأي نصف الرسمي الذي سمعناه أيام ولاية الكنيست الثالثة ومؤداه ان الدولة تمنح حقوقا وان الدولة يحق لها ان تأخذ الحقوق. نحن نؤمن بأنه توجد حقوق للانسان تسبق صورة الحياة البشرية التي تسمى دولة".

        وفي سنة 1956 حينما كانت الديمقراطية الاسرائيلية ما تزال في قماطها، اقترح بيغن ألا "تسن الكنيست أي قانون فيه تحديد لحرية التعبير خطيا أو شفهيا". فكم هو فظيع أنه بعد أكثر من خمسين سنة يُشك حتى في هذا المبدأ الديمقراطي المفهوم من تلقاء ذاته في كنيست اسرائيل. يا مناحيم بيغن من يكشف التراب عن عينيك.