خبر مبادرة اسرائيلية: تطوير بيان الرباعية- نظرة عليا

الساعة 09:23 ص|27 أكتوبر 2011

 

 

مبادرة اسرائيلية: تطوير بيان الرباعية- نظرة عليا

بقلم: عوديد عيران وروبي سيبل

بيان الرباعية في موضوع الشرق الاوسط في 23 أيلول 2011، كفيل بان يتبين كاشارة طريق في محاولات الوصول الى اتفاق اسرائيلي – فلسطيني. البيان الحذر مصوغ بشكل يسمح بتوفير اساس لاستئناف المحادثات بين الطرفين. من زاوية نظر اسرائيلية، فان البيان يستقبل بالترحاب، كونه يدعو الطرفين الى "استئناف المفاوضات الثنائية المباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين دون تأخير أو شروط مسبقة". هذه الدعوة الصريحة لاجراء مفاوضات دون شروط مسبقة شكلت حجرا أساس في الموقف الاسرائيلي من المفاوضات. ويشدد البيان على أن الموضوعين المركزيين اللذين يجب بدء المفاوضات بهما هو "الاراضي والامن"، وهو نهج ينعكس هو ايضا في الموقف الاسرائيلي الذي بموجبه لا يمكن التفاوض على الحدود بدون الوصول في نفس الوقت لاتفاق على الترتيبات الامنية. كما أن البيان يمتنع عن الاعراب عن التأييد للتوجه الفلسطيني الى الامم المتحدة ، ومحصور في الاشارة الى مجرد التوجه.

تجدر الاشارة الى أن بيان الرباعية لا يدعو الى تجميد البناء في المستوطنات، وان كانت الدعوة "للامتناع عن الاستفزاز كشرط لنجاح المفاوضات" تأتي بشكل غير مباشر ولكن بوضوح لتخص أعمال اقامة مستوطنات جديدة. وبالفعل، يحاول بيان الرباعية تهدئة الحساسيات الفلسطينية من خلال اعادة تأكيد بيانات الرباعية السابقة، التي تطرقت الى الحاجة لتجميد البناء في المستوطنات. بيان الرباعية يعرب عن التأييد لرؤيا السلام للرئيس اوباما، التي تطرقت الى حدود 67، وتعيد تأكيد اهمية مبادرة السلام العربية.

بيان الرباعية يحدد جدولا زمنيا غير واقعي، اذا ما تم تبنيه فسيشكل سقفا لا يمكن توقعه في أنه سيكون ممكنا الايفاء به في أي ظرف كان، ولا سيما في ضوء الحراك وانعدام اليقين السائدين في المنطقة. ومع ذلك، فقد تبينت الجداول الزمنية دوما كعنصر مرن في المفاوضات في الشرق الاوسط.

اذا ما رفض الفلسطينيون اقتراح الرباعية، او طرحوا شروطا لقبوله، فان اسرائيل كفيلة بان تحظى بانتصار دبلوماسي في المدى القصير، وستتمكن من الادعاء مرة اخرى بانه لا يوجد لها شركاء في المحادثات. ومع ذلك، ففي المدى الابعد، فانها مصلحة اسرائيلية هي الوصول الى تعايش مع القيادة الفلسطينية الحالية. كما أنه واضح جدا بان المؤتمر الدولي المقترح عقده في موسكو من غير المتوقع أن يبشر بالخير لاسرائيل. وعليه، فانها مصلحة اسرائيلية هي الشروع فورا في المحادثات وتحديد أهداف قابلة للتحقيق في المفاوضات. بوسع اسرائيل أن تستخدم الاعلان وردها عليه كي تشرع في حملة دبلوماسية تضع المبادرة على مستوى سياسي واخلاقي عالٍ. اسرائيل يمكنها أن تفعل ذلك من خلال تطوير بيان الرباعية من يوم 23 أيلول، وتكيفه مع اعتباراتها وبقدر ما مع اعتبارات الفلسطينيين.

في هذه المرحلة، الهدف الممكن الوحيد الذي يمكن تحقيقه هو اعتراف اسرائيلي بدولة فلسطينية في حدود مؤقتة متفق عليها. تعايش من هذا القبيل كفيل بان يتضمن تأييدا اسرائيليا لعضوية فلسطينية في الامم المتحدة بل وربما ايضا تجميدا لكل النشاط الاستيطاني في يهودا والسامرة للفترة الزمنية المتفق عليها لمحادثات المفاوضات. تحديد الحدود بانها مؤقتة لا يفرض على أي من الطرفين اتخاذ قرارات أليمة تبدو في هذا الوقت متعذرة من ناحية سياسية. اعتراف كامل كهذا بدولة فلسطينية، حتى وان كانت في حدود مؤقتة، يسير شوطا أبعد حتى من المرحلة الثانية من خريطة الطريق للرباعية في 30 نيسان 2003، والتي تبناها مجلس الامن في الامم المتحدة، ودعت فقط الى "اقامة دولة فلسطينية مستقلة بحدود مؤقتة ومزايا سيادية". في اطار التعايش من هذا القبيل، يمكن لاسرائيل أن توضح بان الترتيبات الامنية هي الاخرى مؤقتة، ومشروطة بالاتفاقات على الحدود الدائمة. توجد احتمالية عالية في أن يخفف الطابع المؤقت للترتيبات الامنية على الوصول الى اتفاق في هذا الموضوع ايضا.

على اسرائيل أن تتخذ موقفا بموجبه اتفاق من هذا القبيل يتضمن ايضا اعترافا فلسطينيا مشروطا بدولة اسرائيل كوطن للشعب اليهودي. ويزول الاشتراط بعد الوصول الى اتفاق شامل. في اطار المحادثات على المرحلة الثانية في خريطة الطريق، يمكن لاسرائيل أن تقترح بان تنقل اجزاء من مناطق يهودا والسامرة توجد اليوم تحت سيطرة اسرائيلية كاملة (المنطقة ج) . مثل هذا النقل للاراضي، والذي يبث رسالة تغييرات على الارض تمهيدا لحل الدولتين لا يترك آثارا استراتيجية عديدة من زاوية نظر اسرائيل، ولا يلزم الطرفين باتخاذ قرار حول الحدود الدائمة، التي في ضوء اندلاع "الربيع العربي" اصبح في هذه المرحلة أكثر تعقيدا.

حصر المفاوضات في الامن والاراضي فقط لا يلغي الحاجة الى الوصول الى اتفاق على كل المسائل الجوهرية، وعلى رأسها الحدود الدائمة، القدس، مسألة اللاجئين، نهاية المطالب والاعتراف الكامل بان حل الدولتين هو تعبير عن وطن قومي للشعبين، الشعب اليهودي والشعب الفلسطيني.

المبادرة المقترحة تحتاج الى تنازلات من الطرفين، ولكنها تسمح بالتقدم حتى في هذه الفترة من انعدام اليقين السياسي في الشرق الاوسط. وهي تضمن جوابا على التطلعات السياسية الفلسطينية بالنسبة للعضوية الكاملة في الامم المتحدة، وتخدم حاجة اسرائيل السياسية لانقاذ نفسها من المصاعب الدبلوماسية ومن الضغوط التي كانت من نصيبها في الفترة الاخيرة.

قول قديم يقضي بان عدو الخير هو الاكثر خيرا. من المعقول الافتراض بان الجهود التي تعتمد على النوايا الخيرة، في الوصول الى اتفاق فوري وكامل على كل مسائل التسوية الدائمة تحركها عمليا امكانية الوصول الى اتفاق محدود على اقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة.