خبر هل نلتقي في الميدان؟- هآرتس

الساعة 09:22 ص|27 أكتوبر 2011

هل نلتقي في الميدان؟- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

بعد غد، مع خروج السبت، يعرض للاسرائيليين امكان ان يقضوا مساءا خريفيا هادئا آخر في بيوتهم. سيُبلغون في التلفاز عن المظاهرة التي ستتم في تلك الساعة في ميدان المدينة، وتقدم شركة لاحصاء الجمهور تقريرا عن عدد المتظاهرين القليل، وسيقول مقدمو نشرات الاخبار باستخفاف وهم يهزون رؤوسهم: ليست هذه مظاهرة المليون التي عرفنا حتى ولا نصف المليون – مات الاحتجاج. بعد ذلك يستطيع الاسرائيليون ان يتفرغوا لسخافات التلفاز.

كانت زخة المطر أمس قصيرة لكنها غسلت كل شيء؛ والايام التي سبقتها كانت رمادية، انه الخريف مع الغيوم (ومع الريح المولولة). وماذا عن الصيف؟ نُسي من القلب نسيانا. نسينا لاول وهلة أنه كان هنا احتجاج، ونسينا أنه بزغ هنا أمل. كان يكفي فرح الابن الضائع الذي عاد الى حضن عائلته، مع بهجة الأعياد، والسماء التي صارت قاتمة والسنة الجديدة التي بدأت، لاغراق كل شيء، لكن قبل لحظة من غرق كل شيء وقبل أن يُنسى كأنه لم يكن، يعرض بعد غد الامتحان الأكبر للاحتجاج الاجتماعي في اسرائيل وهو امتحانه الأصعب حتى الآن.

كان من السهل جمع الجموع مع روح الدعم المشايعة الغامرة لوسائل الاعلام ومع شلومو آرتسي وإيال غولان على المنصة، وبالمجان. وأصعب من ذلك كثيرا جمع الجموع الآن ووسائل الاعلام وغولان موجودان منذ زمن في مكان آخر، ومثلهما ايتسيك شمولي ايضا. نجحت لجنة تريختنبرغ، كما توقعوا ان تفعل بالضبط، في ملاشاة الاحتجاج، ونجح الباحثون عن الاساءة له العظيمي القوة لجعله قزما بل في جعله مهانا. كان يكفي ان ننظر أول أمس فيما بقي: لنرى دفني ليف تبكي مصيرها المر مع ناجية من المحرقة في مؤتمر صحفي هاذٍ في ميدان رابين.

في دولة "المؤسسة" فيها هي مقهى عمره سنتان والذاكرة العامة تثبت فيها مثل عمر فراشة فان هذا هو الوقت للذكير بالمنسي وهو ان احتجاج الصيف الاخير كان هو الاحتجاج الأكثر تأثيرا في تاريخ اسرائيل. فهو لم يخرج الجموع الى الشوارع فحسب بل سجل ايضا في اشهر حياته القصيرة، انجازات لا يستهان بها. وقد علم الاسرائيليين أنهم يستطيعون إحداث تغيير وردد على مسامعهم لغة جديدة غير معروفة، لغة المجتمع المدني. وأصبحت الثورة فجأة كلمة غير فظة ومثلها ايضا الاشتراكية؛ وانخفضت الاسعار وزاد الوعي، وشعر الاغنياء بالمهانة، وأصبح الساسة أقزاما وشعر الجنرالات بضربة طفيفة في أجنحتهم، كل هذا حدث وحدث وليس من وقت بعيد.

الاحتجاج نجح والاحتجاج فشل: نجح في نفخ روح جديدة وفشل في نفخ طول نفس. كان صيف واحد من السعادة مثل أواخر طفولتنا، ووهم حلو يوشك ان يتلاشى الآن مثل فقاعة صابون. يعاود اغنياء البلاد تبجحهم الذي شعروا بالخجل منه للحظة وكأنه لم يكن صيف. والاسعار ترتفع مرة اخرى والكهرباء والوقود وكل شيء، والزيادة المجانية بنسبة 10 في المائة على ورق الحليب المقوى تعتبر "هدية" ستُستعاد. ان العظم الذي رُمي للحظة للجمهور يُعاد الى أصحابه غير الشرعيين. والنظام الجديد الجيد يعود ليصبح نظام الاشياء القديم السيء.

لهذا فان هذه هي لحظة الامتحان الأعلى التي قد تكون الاخيرة ايضا لا للاحتجاج وحده بل للمجتمع ايضا. اذا فضل الاسرائيليون بعد غد "لعبة الزواج" فسنعلم أنه لم تكن اشياء قط. وأن الاحتجاج لم يكن احتجاجا وأن الثورة لم تكن ثورة. واذا بقوا في البيوت فسنعلم أنهم لا يستحقون التغيير، أي تغيير؛ وأنهم لا يستحقون الثورة، أية ثورة؛ وأن الموجود حسن لهم أو غير الموجود في الأساس. اذا كان الاسرائيليون في الوقت الذي يجتمع فيه العالم الغربي في خيام احتجاجه يعودون الى أريكة تلفازهم الوثيرة فسنعلم ان اسرائيل لا تريد التغيير وأن الاسرائيليين لا يستحقون التغيير.