خبر كارثة وفرصة .. معاريف

الساعة 01:09 م|26 أكتوبر 2011

بقلم: نداف ايال

­(المضمون: مصالح الدول لا تتبخر. المساعدة الانسانية هي، في نهاية المطاف، مساعدة انسانية اساسا. وحتى الكوارث لا يمكنها أن تنقذ دولا من نفسها ومن الكراهيات والشقاقات عندها؛ هذا يمكن أن يفعله فقط السياسيون، لشدة القلق - المصدر).

        الدبلوماسية هي كائن حي مختلف مع دم بارد. في أفضل أحوالها، تقف ببرود حيال أحداث دراماتيكية، بدهاء ولكن بولاء دائم للمصالح الصلبة والصرفة. اللحظات المشوقة هي عندما يصطدم الفن السياسي جدا بمأساة كبرى، كارثة طبيعية تؤدي الى موت الالاف. عضلات الدبلوماسية تتحفز عندها، بالذات عندها، فتنقض مهاجمة.

        قبل أقل من سنة بقليل وقع الحريق الكبير في الكرمل. فأعلن الاتراك، فورا تقريبا، بانهم سيبعثون بطائرات للاطفاء. وفي موعد قريب من هذا الاعلان، الاعلان عن العمل، جاءت النية الدبلوماسية: "هذا مدخل لتحسين العلاقات بين الدولتين"، قال طيب اردوغان. الطريقة التي تلقت فيها اسرائيل المساعدة من السلطة الفلسطينية، من الاردن ومن تركيا كانت دبلوماسية الكوارث التقليدية. من السهل تصوير هذا كخطوة سياسية مدروسة فقط، ولكن هذه ليست الحقيقة تماما.

        دبلوماسية الكوارث تعتمد على الحدس الانساني الاقدم بكثير من السياسة – المعرفة في أن شيئا سيئا يحصل لجارك ويمكن أن يحصل لك ايضا. شراكة المصير الانساني هذه تخلق قوة منيعة للتقرب، والدبلوماسية هي انتهاز مثل هذه الفرص. علاقات اسرائيل – تركيا حظيت بقفزة هامة في الهزة الارضية في 1999 في أعقاب عمل وفد قيادة الجبهة الداخلية. لم يكن هذا السبيل الوحيد الذي من خلاله تحسنت العلاقات الاقليمية: النموذج الاكثر دراماتيكية كان تحسين العلاقات بين اليونان وتركيا بسبب المساعدة اليونانية. في كل هذه الحالات لم تخلق الكارثة تقاربا، بل شكلت محفزا له. كل المعطيات كانت هناك، ولكن كانت حاجة لدفعة اخرى صغيرة، انسانية. لشدة الاسف، جاءت بكارثة.

        هذه النماذج تخدم كليشيه دبلوماسية الكوارث. الواقع هو مختلف قليلا بعض الشيء. توجد نماذج تؤدي فيها الكارثة الانسانية الى كارثة دبلوماسية. فعندما أصابت هزة أرضية تايوان في 1999 وقتلت الاف الاشخاص، سارعت الصين الى عرض مساعدتها. وفسر التايوانيون عرض بيجين كمحاولة للسيطرة التسيدية. هذا نموذج نادر.

        في المدى القصير، مثل هذه الدبلوماسية، بشكل عام تساعد على تحسين احساس العلاقات بين الدول بل وبين الاعداء، الولايات المتحدة وايران ادارتا حوارا مجاملا جدا في أعقاب الهزة الارضية في طهران. ولكن في المدى البعيد، تبين بحوث آنية بان التأثير قليل جدا على العلاقات المتبادلة. ولا حاجة للتوجه الى الاكاديمية.

        اردوغان تحدث عن امكانية تحسين العلاقات في أعقاب المساعدة في اطفاء حريق الكرمل، ولكن لا شيء، كما نعرف جيدا، خرج من هذا. حادثة مرمرة، في نهاية المطاف، لم تنسى، اسرائيل لم تكن مستعدة للموافقة على صيغة الاعتذار وأنقرة لم تعتزم التخلي، ومشاعر التضامن الانسانية ذابت مع حلول الصيف.

        بتعبير آخر: مصالح الدول لا تتبخر. المساعدة الانسانية هي، في نهاية المطاف، مساعدة انسانية اساسا. وحتى الكوارث لا يمكنها أن تنقذ دولا من نفسها ومن الكراهيات والشقاقات عندها؛ هذا يمكن أن يفعله فقط السياسيون، لشدة القلق.