خبر شليط فاتفاق سلام -هآرتس

الساعة 09:00 ص|25 أكتوبر 2011

شليط فاتفاق سلام -هآرتس

بقلم: ميراف ميخائيلي

        (المضمون: وقع بيبي نتنياهو على صفقة شليط التي عارضها قبل ذلك ولم يُبين لماذا الآن بالأخص فلعله – وهذا تفاؤل من الكاتبة – يوقع على اتفاق سلام مع الفلسطينيين موضوع منذ سنين على مائدة هذه الحكومة والحكومات السابقة - المصدر).

        تكشف المباحثات في تفضلات لتعزيز السلطة الفلسطينية على أثر انجاز حماس بصفقة شليط، عن سلوك حكومة اسرائيل غير الجدي. ألم يوجد خلال سني التباحث الخمس من يجد الوقت للتفكير في هذه القضية والاستعداد اليها قبل الأوان بل ربما ليطبقها بعد ذلك؟ قد لا يكون الحديث عن عدم تفكير بل عن تفكير مسبق خاصة: ان ما جعل بنيامين نتنياهو ينفذ الصفقة هنا والآن ارادة معاقبة محمود عباس على اجراءاته في الامم المتحدة، ولتعزيز حماس التي هي أكثر جدية في دور "لا يوجد شريك". هذا أحد التفسيرات لسؤال لماذا نفذ نتنياهو صفقة شليط الآن؛ ويوجد ايضا "تنظيف المائدة" استعدادا لمهاجمة ايران، واعادة بناء مكانة رئيس الحكومة، ورد على الاحتجاج الاجتماعي والاضرابات.

        كل هذه التفسيرات منطقية وحسنة لكنها جميعا بمثابة تخمينات. فلا يمكن ان نعلم ماذا من كل هذا أحدث التغيير النفسي في نتنياهو، الذي جعل التوقيع على تلك الصفقة نفسها ممكنا عن غير ممكن. لان الحديث عن صفقة كانت على المائدة منذ ثلاث سنين على الأقل – فنتنياهو نفسه ينسب مخططها الى الحكومة السابقة. وهي صفقة عارضها وعارض أمثالها شفهيا وخطيا، وصفقة يعارضها "شركاؤه الطبيعيون"، ومع كل ذلك استقر رأيه ذات يوم على تنفيذها.

        لا يوجد جواب قاطع عن سؤال "لماذا" لأن رئيس الحكومة لم يُقدمه. لم يفسر نتنياهو ما الذي غير رأيه المبدئي، وما الذي جعل الاستسلام للارهاب ممكنا، وما الذي أحل اطلاق سراح ألف مخرب، وما الذي جعل حياة جلعاد شليط تساوي هذا الثمن. وعدم التفسير هذا يبرز بالأخص وبين يديه التفصيل الزائد الذي علل به نتنياهو أخطار الاستسلام للارهاب ورفض اجراء تفاوض مع حماس. ونحن نعلم على وجه الدقة لماذا لا لكننا لا نعلم حقا لماذا نعم.

        من المفهوم ان هذا السلوك يخيب الأمل ويبعث اليأس: فقد كان يمكن التوقيع على نفس الصفقة قبل ثلاث سنين وتوفير سنين مهمة جدا من المعاناة والاضرار بشليط والمجتمع الاسرائيلي كله، لكنه يوجد جانب مضاء ايضا: فانه يتبين انه مع وجود الظروف الملائمة – التي لا نعرف ما هي بالضبط – يستطيع نتنياهو ان يعمل مخالفا موقفه المبدئي كليا، وما يؤمن به. وهو يفعل ذلك مع الترويج للقرار على أنه رائع من غير أن يُقدم تفسيرات. "يبرهن نتنياهو وليس لاول مرة على أنه براغماتي أكثر من ان يكون عقائديا"، كتب يوسي فيرتر في اليوم الذي عُلم فيه بالصفقة. أي ان تلك الدينامية بالضبط قد تكرر نفسها باتفاق سلام مع الفلسطينيين.

        ربما تنشأ ذات يوم الظروف التي ليس لنا أن نُخمن ما هي، والتي تجعل نتنياهو يتخذ قرارا قياديا، يقض مضجعه ويلقي ثقلا على كتفيه، ليوقع مع الفلسطينيين على اتفاق سلام، وهو نفس الاتفاق الموضوع على نحو من الأنحاء منذ سنين كثيرة على موائد كثيرة وسيصبح ذات يوم "أفضل اتفاق يمكن احرازه" أو "موروثا عن الحكومة السابقة ولا مفر"، أو سببا للاعلان كما أعلن نتنياهو حينما صوت مؤيدا الانفصال – "ضُمن مستقبل وأمن الأكثرية الغالبة من الاسرائيليين".

        ربما نستيقظ ذات يوم في الصباح ونقرأ أنه وقع اتفاق سلام مع الفلسطينيين. تدعو الثمانية الى جلسة ليلية سرية، وتجتمع الحكومة في جلسة خاصة، ويمتدح اهود باراك رئيسه الذي يستمع له، وتتذكر ليمور لفنات الاقتراع على الانفصال الذي أيدته "بقلب ممزق"، ويعترف شالوم سمحون بأنه آمن في الماضي بأنه لا يوجد شريك لكن الامر غدا الآن أسهل عليه كثيرا، ويصوت افيغدور ليبرمان وبوغي يعلون وعوزي لنداو معارضين.

        هذا هو استنتاجي المتفائل من صفقة شليط. آنذاك ايضا سيكتبون ركاما من الكلمات في أنه لماذا الآن، وآنذاك ايضا سيُقال خسارة – خسارة – خسارة لأن الاتفاق لم يوقع قبل سنين، برغم انه كان يمكن التوقيع عليه قبل سنين وتوفير الكثير من الحياة والمعاناة والكراهية والمال، لكنه آنذاك ايضا سيكون تنفيذه متأخرا أفضل من ألا ينفذ أبداً.