خبر ما عرفناه عن حماس- هآرتس

الساعة 09:09 ص|23 أكتوبر 2011

ما عرفناه عن حماس- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

قالوا لنا ان حماس عصابة متعطشة للدم؛ وقالوا لنا انه لا يوجد من يُتحدث اليه؛ وقالوا لنا ان استخباراتنا هي الأفضل في العالم وأننا نعلم كل شيء عن تلك العصابة القاسية (غير مشتمل ذلك على مكان أسر جلعاد شليط). وإن تعجب فعجب قولهم ان الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ الدولة أجرت تفاوضا جديا مع هذه العصابة الأصولية، وتوصلت معها الى اتفاق جدي واذا لم يكن هذا كافيا – فقد تبين فجأة ايضا ان كلمة "العصابة" كلمة والاتفاق معها اتفاق. لكن تعالوا نُسكن النفوس فورا بالقول انه يمكن الاعتماد على اسرائيل ألا تفضي صفقة شليط الى أي تطوير للعلاقة بحماس. فالبحر نفس البحر، والعرب نفس العرب وحماس نفس حماس في نظر اسرائيل (والولايات المتحدة)، بعد الاتفاق ايضا.

يمكن الاعتماد على اسرائيل ألا تغير شيئا في تفكيرها، لأنه في ذروة صفقة الأسرى استمرت هنا، بكامل قوتها وقبحها، حملات غسل الأدمغة والتخويف والشيطنة وسلب الانسانية. فالأسرى الـ 1027 كلهم غيلان بشرية، والافراج عن كل واحد منهم، وفيهم سامي يونس ابن الثانية والثمانين، خطر يمشي على قدميه.

ان كل محاولة لفهم فرح عائلات الأسرى الفلسطينيين المحررين، وبعضهم بعد عشرات السنين من السجن، لاقت رشقات احتقار وزخات كراهية قومية: فلشليط وحده عائلة والفرح في اسرائيل وحدها. ان كل مقدم برامج في التلفاز أطلق لسانه بكلام بذيء ازاء احتفالات الفرح في غزة. تخيلوا فقط ماذا كان سيحدث لو أن تالي أخبار واحدا حاول ان يقول العكس وهو انه ربما يكون حسنا ان يسود الفرح لاول مرة في الآن نفسه، في غزة ومتسبيه هيلا.

قُرن بعمود العار فورا كل من حاول ان يزعم ان الطرفين لهما دماء على الأيدي، وانه يوجد بين الأسرى الفلسطينيين ايضا من حُكم عليهم بعقوبات سجن قاسية ليس فيها أي تناسب، وان ظروف سجنهم أصعب من ان تحتمل ايضا، بلا عطلة أو مكالمة هاتفية واحدة مدة عشرات السنين، ومن غير زيارات العائلة احيانا مدة سنين؛ وانه يمكن في اسرائيل قتل سبعة فلسطينيين والخروج لعطل متوالية، وانشاء عصابة ارهاب يهودية سرية والتحرر في طرفة عين، وتحطيم جماجم مخربين مقيدي الأيدي وأن تحظى بعفو بلا محاكمة. في دولة القانون تلك، من نقل مخربا قبل ثلاثين سنة يجب ان يمكث في السجن مؤبدا، ومن قتل فلسطينيين يُعفى احيانا حتى من المحاكمة. ان جميع الأسرى المحررين الـ 1027 هم "قاتلون". فهل سمعتم مرة عن "قاتل يهودي"؟ عامي بوبر مثلا؟.

ان يورام شكولنك – وهو ليس "قاتلا" – قتل فلسطينيا مقيدا وأُفرج عنه بعد أقل من ثماني سني سجن. واسرائيلي آخر هو كريم يونس الذي نقل ماهر يونس الذي قتل جنديا، ما زال يمكث منذ 29 سنة في السجن، بلا عطلة واحدة وبلا مكالمة هاتفية واحدة وحتى من غير أن تُحدد عقوبته. ومثله ايضا الاسرائيلي وليد دقة الذي لا يمنحونه حتى ان يخلو بزوجته. فمن يتجرأ على ذكر هذا في بحر مديح الذات.

تأثر القلب عندنا كثيرا بمشاعر العائلات الثكلى التي قتل المخربون الذين أُخلي سبيلهم في الصفقة، أعزاءها، فماذا عن العائلات الفلسطينية الثكلى التي قتل أعزاءها اسرائيليون، ولم يُحاكم قاتلوهم أو مكثوا فترات سجن تثير السخرية؟ ما الذي يفترض ان تشعر به؟ إياكم حتى وأن تسألوا.

في خضم موجة الفرح الاسرائيلية المفهومة والمحقة كان هناك مكان لأن نوجه ولو للحظة نظرة انسانية نحو الجانب الثاني ايضا. فهناك ايضا يوجد بشر وفيهم فريق من الأسرى وأبناء عائلاتهم، ذوو مشاعر وحقوق. كان من المناسب ألا يُفرج عن بعض هؤلاء الأسرى أبدا، لكن يوجد بينهم ايضا من كان يجب الافراج عنهم منذ زمن لو أنه سادت المساواة جهاز القضاء الاسرائيلي ولو أنه ايضا سادت الحكمة لوجب جعل الصفقة أداة لتغيير الجو. ماذا كان سيحدث لو أُفرج مثلا عن حفنة الأسيرات اللاتي لم تشتمل عليهن الصفقة خطأ؟ وماذا كان سيحدث لو أُفرج ايضا عن مروان البرغوثي واحمد سعدات تفضلا على المعسكر المعتدل؟ وماذا تستطيع اسرائيل ان تقول لمن يدعون الآن الى معاودة اختطاف جنود؟ أأنه يوجد احتمال لأن يُفرج عن الأسرى المؤبدين الفلسطينيين بطريقة اخرى؟.

ان من يُثر في اسرائيل هذه الاسئلة المثقلة فالحكم عليه واحد. فنحن تكفينا حقيقة واحدة، واحدة ووحيدة ليس غير.