خبر لا يفهمون العربية- معاريف

الساعة 09:04 ص|23 أكتوبر 2011

لا يفهمون العربية- معاريف

بقلم: تسفي غباي

سفير ونائب مدير عام وزارة الخارجية سابقا

ما الذي يفصلنا عن العالم العربي بعد 63 سنة من النزاع؟ جواب محتمل على ذلك يوجد في كتاب "الهوة" الذي كتبه ايلي افيدار، رئيس استخبارات ورجل السلك الدبلوماسي. وبالفعل هوة تفغر فاها بيننا وبين العرب، في قسم منها نشأت بذنبنا، كنتيجة لعدم فهمنا العربية وعدم القراءة السليمة لعقليتهم.

زعماء اسرائيل تطلعوا الى حث سياقات السلام "على الورق" وباعوا للجمهور "احلاما غير واقعية". اسرائيل لم تتمكن من الفهم بانها توجد في الشرق الاوسط وليس في اوروبا وان عليها ان تتعلم كيف تعيش كلاعب اقليمي في هذه المنطقة. على اسرائيل أن تتحدث الى العالم العربي بلغته وليس من فوق رأسه. خروجنا الفزع من لبنان، في ظل هجر حلفائنا، صورنا في نظر العرب كمن يتملكنا الخوف وكمتهورين وعظم اعدائنا – حزب الله. خروجنا من قطاع غزة بشكل احادي الجانب، دون حوار مع قيادة الفلسطينيين، رفع حماس الى الحكم وسجلنا كرافضين للحوار.

عدم فهمنا للعالم العربي كبير. فوارق العقلية تسود بين الاسرائيليين والعرب. كتاب أفيدار، الذي يضع امامنا مرآة يظهر منها سلوكنا تجاه العالم العربي، بدأ باستعراض مشوق للقاء بين وزير الخارجية الاسبق شلومو بن عامي وبين وزير خارجية قطر حمد بن جاسم (11/12/2000). في اللقاء أعرب بن عامي عن استعداد لتنازلات كبيرة في المواضيع الجوهرية – القدس، الحرم واللاجئين. ولكن لمفاجأة الحاضرين الاسرائيليين، رد فعل وزير الخارجية القطري كان انه "لا يوجد احد في العالم العربي يمكنه أن يعلن عن نهاية النزاع!" لم نفهمه او لم نرغب في أن نفهمه خلافا لتطلعاتنا للاعلانات السلمية، والعرب يفضلون الاكتفاء بعلاقات هادئة وبمضامين عملية.

وكمن كان من أوائل الدبلوماسيين الذين وصلوا الى مصر في أعقاب التوقيع على معاهدة السلام، تبينت لي هذه الظاهرة. اسرائيل تطلعت الى رفع الاعلام، وابراز التواجد وانهاء المفاوضات بفعل تعاقدي ورسمي. وقعنا مع مصر قرابة ستين اتفاق تعاون (التطبيع) في مجالات مختلفة ومتنوعة، ولكن القليل جدا منها نفذ. الرئيس أنور السادات الذي وقع على معاهدة السلام لم يهتم بالاتفاقات بل تطلع الى ان يربي شعبه على علاقات سلام مع اسرائيل في مسيرة هادئة وطويلة.

نحن نعاني ليس فقط من عدم فهم العقلية العربية، بل وأيضا من انعدام الاطلاع العميق على تاريخ الشعوب العربية وبالاساس من عدم معرفة اللغة العربية، التي هي العنصر المركزي في رص صفوف العالم العربي. أعلنا عن "شرق أوسط جديد"، ولكننا لم نسأل العرب اذا كانوا معنيين بذلك. وهكذا استدعينا لانفسنا مظاهر الغضب والكراهية. لم نفهم باننا مسينا بالكرامة العربية. ينبغي الاعتراف بمشاعر العرب وفهم مخاوفهم من التغييرات السريعة، قبل الخروج بمخططات طموحة.

الدول العربية تدير سياسة دبلوماسية متنوعة ومليئة بالتضارب. زيارة رئيس وزراء الى عاصمة عربية او الاحتفال في ساحة البيت الابيض لا يغيران احساس العداء ويستبدلانه باحساس المحبة. العالم العربي مركب ومتنازع، كما تنعكس الامور يوميا امام ناظرينا.

الكراهية لاسرائيل هي القوة التي ترص صفوف العرب. الزعماء العرب استغلوا ذلك كمدخل لاشغال الرأي العام بالنزاع العربي – الاسرائيلي، ولم يحرصوا على مصالح شعوبهم. المثقفون العرب لاحظوا ذلك وثاروا في كتاباتهم وهكذا أثروا على شعوبهم. اما اليوم فان اسرائيل والموضوع الفلسطيني لا يقفان في رأس اهتمامهم. الاشتراط بين الانشغال بالنزاع العربي الاسرائيلي وبين الوضع السيء للشعوب العربية لم يعد مقبولا، مثلما تثبت ثورات "الربيع العربي". محللون عرب اشاروا الى أنه لو كرس الزعماء العرب اهتماما لكتب احتجاج المثقفين وقصائدهم، لكانت تعذرت مفاجأة "الهزة الارضية" الحالية في الشرق الاوسط.

علينا أن نفهم العالم العربي كي نغير ميل الاخفاقات التي نشهدها في السنوات الاخيرة. يجب التعامل باحترام مع العرب كي يتعاطوا معنا باحترام ويغيروا الفهم العربي بان زعماء اسرائيل هم عصبة أشرار. هكذا يحتمل بناء علاقات سوية بين الدول العربية واسرائيل.