خبر جدل ايجابي في شاليط- هآرتس

الساعة 09:02 ص|23 أكتوبر 2011

 

جدل ايجابي في شاليط- هآرتس

بقلم: بنياه عوز - زلتسبرغر

ان صفقة الافراج عن جلعاد شليط هي أصعب امتحان نضج يجري الآن على المجتمع الاسرائيلي، حتى انه أصعب من احتجاج الخيام. ما زالت لم تسجل درجة فيهما لكنهما يشهدان بمسار نضج اسرائيلي عميق. فقد بينت اسرائيل باعتدال الاحتجاج المدني وإحكامه وبالشجاعة الشعورية التي تشتمل عليها الموافقة على صفقة شليط، بينت عن قدرتها على ان تسلك لا مثل الأمم السويّة فقط بل مثل واحدة من أكثرها اتزانا وحكمة.

ففي مقابل كل من يصبغ الجدران بشارة الثمن ويحرق المساجد آلاف من الناس يفكرون بالديمقراطية ويصنعونها. ان حكومة اسرائيل تعمل اليوم بازاء جمهور ذي علم، وكثير الاصوات ويحسن التعبير جيدا. والاسرائيليون دونما صلة بآرائهم في القضايا المختلف فيها، هم اليوم المجتمع المدني الأكثر نشاطا واتصالا في العالم.

ان قضية شليط بالطبع تثير مشاعر قوية الى هنا وهناك. لكن الجوانب العقلانية للجدل خاصة أشد أسرا. توجد دعاوى ثقيلة الوزن لمؤيدي ولمعارضي الافراج عن ألف ارهابي مؤثم مقابل جندي واحد. وفي ظل عاصفة المشاعر التي تبلغ هنا وهناك درجة تأجيج الغرائز، يجري جدل اخلاقي حقيقي وعميق. وكعادة هذا الجدل في تاريخ الافكار، فان الطرفين يقولان كلاما ذا معنى. كان هيلل وشماي وعمانوئيل كانط وجون ستيوارت ميل يندمجون اندماجا ممتازا في هذا الاختلاف المبدئي.

باعتباري اؤيد قرار التبادل لاسباب مستمدة من نظرية العقل الاجتماعي ومن التراث الجمهوري – المدني، عندي احترام كبير لمن عارض الصفقة لاسباب راسخة في تصورات فلسفية اخرى. يستطيع الطرفان مثلا ان يعتمدا على المذهب المنفعي. ما هو امتحان النتيجة الصحيح، أضحايا المستقبل أم التكتل المدني؟ وما هي مكانة الفرد أهو لبنة في سور أم لب المجتمع؟.

لا يوجد حل مدرسة. ان جدلا عميقا بين مشاركين كثيرين يثمر حسما أفضل. وهذا بالتقريب ما قصد اليه التنائيون والأموريون وماركوس توليوس شيشرون وجون ستيوارت ميل.

يناقش فلاسفة في اكسفورد وبرينستون قضية وزن خطر موت ثوري لشخص معين حيال خطر موت في المستقبل لكثيرين مجهولي الهوية. والقضية عندنا واقع يتباحث فيها شعب كامل.

يمكن ان نتوقع في حب استطلاع مجيء فلاسفة اسرائيليين يكتبون فصولا جديدة في نظرية الاخلاق بناء على مشاكل العدل الكبيرة التي تتيحها لنا حياتنا. هذا ما كان في أثينا القديمة، وفي بريطانيا الحديثة في عصور سلفت. ويتطلب الوضع الاسرائيلي في القرن الواحد والعشرين ايضا تفكيرا فلسفيا جديدا. الفلسفة بمعناها الملح والحي والواقعي كما كانت في اليونان وبريطانيا كتلك التي ما تزال ملطخة برشاش الدم والوحل لكنها نقدية ومعللة.

تتلاقى هنا قضايا كثيرة جدا: ما هو الوزن النسبي للفرد والمجموع؟ وما الذي نُقتل كي لا يجوز وما الذي يجوز كي لا نُقتل؟ وما هي الهزيمة وما هو النصر؟ وتداعيات اخرى كثيرة مثل هل أحافظ أنا على أخي كي لا تبتهج بنات الغُرْل (غير المختونين). وهذا هو زوج تناقضات زئيف جابوتنسكي: في البدء كانت الأمة، وفي البدء كان الفرد.

في الوقت الذي يكون فيه بنات الفلسطينيين فرحات ويخرجن هناك في غزة في رقص حول أبطالهن القتلة، يمتزج عندنا الفرح بالحزن والخوف لكن بالفخر الصامت ايضا.

لأن الاختلاف نفسه كان شهادة تكريم لهذا المجتمع، فهنا ايضا عمل مبدأ دائرة المتحادثين. ومن المهم جدا أن يدوي جدلنا في شوارع عسقلان في وسائل الاعلام العالمية. وهو في أفضل حالاته جدل عميق وخلاق. وقضايا الحياة والموت ايضا تُبت هنا دائما تقريبا بواسطة اللسان لا بحد السيف. وهذا في الحقيقة جواب غير سيء عن سؤال من الذي انتصر.