خبر بيبي ليس زعيما حتى الآن.. هآرتس

الساعة 11:57 ص|21 أكتوبر 2011

بقلم: يوئيل ماركوس

(المضمون: ان افراج بنيامين نتنياهو عن جلعاد شليط لا يجعله زعيما وسيكون زعيما حينما يقوم بتنازلات من اجل تسوية سلام تعيش فيها اسرائيل في حدود آمنة - المصدر).

سيأتي يوم يعرض فيه على بيبي السؤال التقليدي بأسلوب بلاتو شارون: "ماذا فعلت من اجل الدولة؟"، وسيفكر ويفكر، ويستطيع في النهاية ان يجيب: حررت جنديا مختطفا من أسره. اجل، جندي شاب واحد. لو أنهم عرضوا هذا السؤال على دافيد بن غوريون لأجاب: انشأت دولة اسرائيل، ولو انهم عرضوه على مناحيم بيغن لأجاب بأنه جاء بالسلام مع مصر. وكان اسحق رابين يجيب بأنه جاء بسلسلة اتفاقات سلام تشمل الاعتراف بمبدأ الدولتين في اتفاق اوسلو الذي وقع عليه في مراسم احتفالية على أعشاب البيت الابيض.

وكان اريك شارون ربما يجيب بأنه اول رئيس حكومة أخلى بالقوة مستوطنات غوش قطيف في غزة بأمل خزن "حلم ارض اسرائيل الكاملة". وكان اهود باراك يستطيع ان يجيب بأنه فعل ما لم يتجرأ أحد من رؤساء الحكومة على فعله قبله وهو الخطوة الزعامية التي هي اخراج الجيش الاسرائيلي من لبنان ذات ليلة.

أفرج رابين عن 1150 مخربا مقابل اعادة يوسف غروف وحزاي شاي ونسيم سالم في الصفقة السيئة الذكر، صفقة جبريل. قبل تنفيذ الصفقة بيوم تم في ديوانه لقاء مع "لجنة المحرِرين". واذا لم أكن مخطئا فقد كان محرر صحيفة "هآرتس" غرشام شوكان هو الذي سأل هل يوجد بين المفرج عنهم من "توجد دماء على أيديهم". وكان جواب رابين لا لبس فيه: لا. ليس واضحا حتى اليوم هل ضللنا على عمد أم لم يثبت للضغط ووافق في آخر لحظة على الافراج عن كبار القتلة. بعد ذلك اعترف رابين بأنه ما كان يستطيع ان يثبت لنظرات مريام غروف وضغوطها. وعلى كل حال كشفت هذه الصفقة التي عصفت بالدولة عن نقطة ضعفنا. وفيما يتعلق بحماس: حينما رأت انها لا تستطيع ان تتغلب علينا، حولت الاختطاف الى سلاحها الذري.

غير الموقع أدناه باعتباره جزءا من شعب اسرائيل كله، رأيه عدة مرات في قضية جلعاد شليط. فقد كتبت ذات مرة "لا بكل ثمن" وكتبت اخرى "نعم بكل ثمن". لم تطارد هذه المعضلة الشعب فقط بل أحدثت مشكلة نهايتها معلومة سلفا. وليس مهما أن ينشئوا لجانا تقرر انه "من الآن فصاعدا" سيكون واحد مقابل واحد فقط – فلسنا على ثقة من ان هذه الدراما لن تتكرر. فاذا كانت الصفقة متفقا عليها جدا وشعب اسرائيل متأثرا جدا فلماذا لا تتكرر في المستقبل ايضا.

بخلاف رد الجمهور الغاضب على الافراج بالجملة عن مخربين في الماضي، استُقبل القرار هذه المرة بتفهم بل بفرح. وذلك قبل كل شيء بسبب شخصية شليط الذي بدا في جميع الصور مثل ولد أمه. وثانيا بسبب المعركة التي قامت بها العائلة. فقد احتلت قلب الجمهور بمظاهرات هادئة. ولم يكن والد في الدولة لم يفكر ماذا كان يحدث لو ان ابنه كان محبوسا في ظلام القبو خمس سنين. لا يوجد أحد غير سعيد من اجل العائلة لكنه حزين وقلق ويتساءل كيف لم يعرف الجيش وأذرع الاستخبارات البعيدة الصيت أين هو محبوس.

تبنى بيبي قرارا أُنضج في الحكومة السابقة وجند الأكثرية في حكومته واهتم بأن يُعظم وبحق نصيبه في اتخاذ القرار. كانت سارة زوجته الاولى التي هاتفت والدة شليط في خيمة الاحتجاج لتبلغها ان ابنها على شفا الافراج عنه. ربما كان يمكن تنفيذ الصفقة بشروط مشابهة في فترة رئيس الحكومة السابق ايضا. لكن رئيسي الاذرع الاستخبارية كانا مؤيدين هذه المرة بخلاف الماضي. وحقيقة ان هذا حدث في ولايته وكانت له الجرأة لاطلاق مئات القتلة، بدعم من الجهات الامنية، تضيف اليه نقطة ستُتذكر له تذكرا حسنا.

فهل يجعل هذا بيبي زعيما يقود الى السلام؟ سيكون أشرار يزعمون ان بيبي كُسر ازاء ضغط ثبت له أسلافه. بيبي لم يُكسر بل كسب مكسبا لتعزيز مكانته السياسية والشخصية. ان الافراج عن شليط عنده أسهل كثيرا من التنازل عن اراض من اجل السلام. ان عملا زعاميا واحدا لا يجعل بيبي زعيما وينبغي ألا ننسى ان قيادة حماس كانت في ضائقة بسبب ضغط مئات العائلات لاطلاق أقربائها الذين مكثوا في السجن سنين طويلة.

ان ما رأيناه من جملة ما رأيناه في التفاوض هو ان مصر وتركيا غير غائبتين حينما يُحتاج اليهما. ان الافراج عن شليط وحده لا يجعل نتنياهو زعيما. سيعتبر زعيما حقيقيا في اليوم الذي يعلم فيه ان التنازلات المفرطة يقومون بها لا من اجل جندي واحد بل من اجل تسوية سلمية في حدود آمنة من اجل الشعب كله وهو ما يزال بعيدا عن هناك.