خبر بفضل الأمل.. اسرائيل اليوم

الساعة 12:35 م|19 أكتوبر 2011

بقلم: يوسي بيلين

(المضمون: من المهم المسارعة الى تخطيط خطوة تحرير سجناء لا تنبع من ابتزاز وتضم اساسا سجناء فتح. على اسرائيل أن تثبت بان تحرير السجناء الفلسطينيين لا يكون فقط نتيجة لاختطاف اسرائيليين - المصدر).

1. محظور اليأس. غير مرة في السنوات الخمسة والنصف استرق الينا اليأس. سألت نفسي ماذا يقول لنفسيهما نوعام وأفيفا. هل هما مقتنعان بانهما سيريان ابنهما؟ وغير مرة تذكرت: هذا بالضبط ما فعلناه سنوات على سنوات في مسعى تحرير رون اراد؛ الموضوع كان عاليا في قائمة مواضيع الحديث مع الرؤساء، رؤساء الوزراء ووزراء الخارجية. كلهم تعاملوا مع الموضوع بجدية كبيرة ووعدوا بالمساعدة. في مرحلة معينة اعتقدنا اننا نؤدي دورنا بلا أمل حقيقي في ان يحصل شيء.

أتذكر في أحاديث مشتركة مع نوعام في خارج البلاد، رئيس الصليب الاحمر، يعقوب كلونبرغ، حين رفع يديه بعد أن تبين له انه لن يسمح لمندوب من منظمته بزيارة جلعاد. أتذكر مساعي وزير الخارجية النرويجي، يوناس ستاور ومساعي ممثله، سوان سابيا، للحصول على شريط صوتي أول. المحادثات مع جيمي كارتر، المحادثات مع وزير المخابرات المصرية السابق، عمر سليمان، والتي وصف لي فيها، منذ أكثر من ثلاث سنوات الصيغة الدقيقة للتبادل الذي تم هذا الاسبوع. المسافة عن اليأس لم تكن واسعة، والعناد فعل فعله.

2. في نهاية المطاف كان من حقق الامر هما الوالدان. بالطبع – محظور حرمان الاخرين من دورهم الهام: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المحافل المختلفة في جهاز الامن ممن عملوا على ذلك لسنوات، الدول التي ساعدت، وبالاساس المانيا ومصر، وسائل الاعلام التي أدت دورا هاما في الكفاح الجماهيري، الاف الاشخاص الذين تظاهروا، وواظبوا وتكبدوا العناء.

ولكن اذا ما سأل جلعاد من حقا حرره؟ سيتعين على أحدا ما أن يقول له انهما اثنان، مجهولان، في لحظة انقطعت حياتهما العادية، وبغير ارادتهما تماما، وخلافا لطبيعتهما وجدا نفسيهما يتحدثان ويخطبان، ينزلان في خيمة ويتظاهران، ويقضيان ايامهما ولياليهما في سبيل شيء واحد.

لو أنهما اكتفيا باللقاءات مع الجهات المسؤولة عن مساعي التحرير، لو أنصتا للزعماء، لكان بوسعهما أن يتلقيا الحجة غير الكاذبة بان "الدولة تفعل كل ما تستطيع كي تحرر جلعاد". الدولة بالفعل قامت بشقلبات في الهواء في عدة مجالات كي تعيد جلعاد. ومن كان مسؤولا عن تحقيق هذا الهدف يشعر بالفعل بان الجهود هائلة، وليست كل دولة كانت ستبذل مثل هذه الجهود. ولكنهما، الاثنان، عرفا جيدا بانه من أجل تحريره يجب اتخاذ قرار واحد آخر، أصعب القرارات، والذي لم يتخذ منذ سنوات. لم يكن لجلعاد أي فرصة للتحرير دون قرارهما بان يوقفا حياتهما الى أن يرياه.

3. زعماء ذوو مسؤولية وطنية لا يمكنهم الا ان يغيروا مواقفهم السابقة. اوباما لا يغلق غوانتمانو؛ شارون فهم بان نتساريم ليست تل أبيب، بيغن فهم بان لا معنى لشراء بيت في سيناء. القرار بعدم القيام بعمل ما اقتنعت بأهميته، فقط لانك لا تريد أن ينتقدوك، او يقتبسوا جملة من كتابك، هو قرار ذاتي وعديم المسؤولية الوطنية.

4. لا معنى للتعهد الرسمي من الاسرى المحررين بعدم العودة الى الارهاب. تجربة الماضي تقول ان بعضهم سيعود الى استخدام العنف. هذه ليست مسألة احصائية. حتى لو كان لا يدور الحديث عن 60 في المائة بل عن 5 في المائة – فان الضرر الذي قد يلحقوه، لا سمح الله، كبير جدا.

ولكن يكاد يكون كل المحررين ينتمون الى المنظمات الفلسطينية، ولن يعملوا الا اذا قررت المنظمات العمل. في وضع الهدنة،  كتلك القائمة، عمليا، مع حماس، والتهدئة القائمة مع م.ت.ف ليسوا اناسا خطرين. في وضع المواجهة، بعضهم سيكون خطيرا مثل كثيرين آخرين اكثر شبابا ونجاعة منهم. قسم آخر منهم – ممن تعلم العبرية في السجن، استغل الوقت للثقافة ولمعرفة الطرف الاخر على نحو افضل – كفيل بان ينضم الى جيل سابق من السجناء السابقين الذين اصبحوا الزعامة البرغماتية لـ م.ت.ف ويؤمنون بان السلام مع اسرائيل هو مصلحة وطنية فلسطينية.

5. واضح بان من يرغب في أن يرسم خطا، بعد تحرير شليط، ويقول ان من الان فصاعدا ستتصرف اسرائيل بشكل مختلف في موضوع تحرير المخطوفين، فانه يفعل شيئا صبيانيا، سواء أردنا أم لا، نشأت هنا عادة، في بعضها سابقة، بالنسبة لحجم المحررين وفي سياق شدة الجرائم التي ارتكبوها. موضوع "دم على الايدي" مثلا سيسقط من جدول الاعمال في التحريرات المستقبلية. يدور الحديث هذه المرة بحاويات دم وليس بقطرات. السؤال يمكن أن يكون مستوى الخطر وليس شدة الجريمة، وكذا مستوى الخطر ليس مسألة علمية. استنتاجات لجنة شمغار يمكن على ما يبدو، تخزينها حتى قبل ان تنشر.

6. على هذه الخلفية بالذات من المهم المسارعة الى تخطيط خطوة تحرير سجناء لا تنبع من ابتزاز وتضم اساسا سجناء فتح. على اسرائيل أن تثبت بان تحرير السجناء الفلسطينيين لا يكون فقط نتيجة لاختطاف اسرائيليين. من المهم ايضا التوازن في التفوق الكبير لتحرير اكثر من الف سجين فلسطيني الممنوح لحماس، والاظهار بان ليس العنف وحده هو المجدي بل والتنسيق الامني معنا ايضا.

7. اذا كان موضوع تحرير السجناء حتى الان مشكلة احتمالية كامنة في سياق الاتفاق الدائم الاسرائيلي – الفلسطيني، واضح اليوم ان هذا العائق قد زال. اذا كان هذا هو الثمن الذي وافقت اسرائيل على دفعه لقاء جندي واحد، فلا يوجد أي احتمال الا يوقع اتفاق السلام بسبب عدم الموافقة على تحرير هذا السجين أو ذاك. مهما كانت مؤبداته المتراكمة.

8. عدم تحرير مروان البرغوثي يعرض كانجاز اسرائيلي. هذا خطأ اسرائيلي وانجاز لحماس. حماس أثبتت بانها كافحت في سبيل تحريره، ولكن في عدم تحريره تؤجل الدخول الى الساحة لخصم ذي قدرة سياسية وعطف جماهيري واسع ليس لاي واحد آخر في اوساط الخلفاء المحتملين لعباس. في الانتخابات القادمة لرئاسة السلطة، والتي لن يشارك فيها عباس، سيشارك البرغوثي من السجن. احتمالات انتخاباته كبيرة جدا. بعد ان ينتخب سيمارس على اسرائيل ضغط من جانب العالم لتحرر من السجن الرئيس المنتخب، وتحت هذا الضغط سيتعين عليها أن تفعل ذلك. وكي لا تدخل في هذا الشرك، من الافضل أن تحرره في أقرب وقت ممكن.

9. حماس هي عنوان يمكن الحديث معه. حماس لا تطلب خوض مفاوضات سلام معنا، والعنوان الفلسطيني كان ولا يزال م.ت.ف قيادة محمود عباس. ولكن حماس تسيطر في غزة، وهي تنجح على نحو كبير، في وقت نار الصواريخ من قطاع غزة على اسرائيل، وهي قادرة على أن تدير مفاوضات على تحرير شليط وتنفيذ الاتفاق وحسب كل المؤشرات ستبقى في غزة لزمن طويل قادم.

اسرائيل لا يمكنها ان تواصل تجاهل حماس على مدى الزمن. لا مفر من الحديث معها والوصول الى تفاهمات تسمح للطرفين بالتعايش بامن اكبر وفتح الحدود لعبور البضائع الى غزة دون تلك القيود التافهة التي أتاحت ازدهار صناعة الانفاق.

10. في الصحافة الاجنبية يدور الحديث عن نافذة الفرص لشهرين لعمل اسرائيلي ضد ايران. الشتاء من شأنه أن يجعل النشاط الجوي صعبا فيما أن اتفاقا بين ايران ومجموعة الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن من شأنه أيضا ان يجعل صعبة مثل هذه العملية. في الصحافة الاجنبية يربطون بين تحرير شليط وامكانية عملية في ايران. ينبغي الامل في أن يكون هذا اغراقا في الخيال.