خبر القانون وسلب الاراضي.. هآرتس

الساعة 12:32 م|19 أكتوبر 2011

بقلم: درور أتاكس

(المضمون: دأب جماعة من اعضاء الكنيست في اليمين على سن قانون يلغي فاعلية المحكمة العليا باعتبارها مؤسسة تقف حاجزا أمام اليمين والمستوطنين في تنفيذ مآربهم وتطلعاتهم - المصدر).

بُشرنا في الايام الاخيرة بمبادرة اخرى خرجت من تحت يدي جماعة مغتصبي سلطة القانون، التي ينتشر اعضاؤها على الطيف بين كديما والاتحاد الوطني: وهو قانون يلتف على محكمة العدل العليا ويريد ان يقضي بأن جميع المستوطنات والبؤر الاستيطانية التي أُنشئت بمساعدة الحكومة (وأي مستوطنة أو بؤرة استيطانية أُنشئت من غير مساعدة الحكومة؟) سيتم ترخيصها فيما بعد. وهكذا سيتم ترخيص ايضا بؤر استيطانية نشأت خلافا للقانون، على اراض خاصة يملكها فلسطينيون، ولن يستطيع أصحاب الارض استعادتها. اذا أُمضي اقتراح القانون هذا، فان الثورة الدستورية التي يُحدثها اليمين المستوطن في اسرائيل بواسطة تشريع عنصري وعنيف، ستخطو خطوة ضخمة اخرى نحو جعل اسرائيل "دولة لليهود".

في اطار هذه الثورة الدستورية سيُثبت بالقانون مبدأ بسيط وهو ان الاسرائيليين يحق لهم سلب اراض فلسطينية خاصة. وبهذا سيُنتقص بأثر رجعي واحد من الحجارة الأساسية لحقوق الانسان التي اعترفت اسرائيل حتى الآن بواجب احترامها حتى بالنسبة لسكان الضفة الفلسطينيين. واذا حدث هذا فان نظام الفصل العنصري الفعلي الذي تديره اسرائيل في الضفة تحت ستار "الاحتلال المؤقت" سيحل محله فصل عنصري رسمي.

هناك من يعتقدون ان الفصل العنصري الرسمي أفضل من الواقع الموجود منذ 1967 في الضفة، الذي يُمكّن اسرائيل من التصرف مثل دولة مافيا، بشرط ان يتم كل شيء بهدوء وتحت الطاولة. الى الآن نجحت اسرائيل في الامتناع عن دفع ثمن سياسي كبير، داخلي أو دولي. وكان أحد اسباب ذلك ان مقادير سلب الاراضي لم تكن معلومة. وكان السبب الآخر انه حينما كُشف عن مقاديره، زعمت اسرائيل الرسمية دائما ان الحديث عن اخفاقات تطبيق للقانون نقطية تلتزم باصلاحها في المستقبل. والتفسير: حينما ينتهي التفاوض مع المستوطنين في شروط اجلائهم، لكن لا تسألوا من فضلكم متى سيحدث هذا بالضبط. لكن منذ يصبح سلب الاراضي الخاصة مؤسسيا بواسطة التشريع المقترح قد يضيق مجال مداورة اسرائيل في علاقتها "بشريكاتها الاستراتيجيات في الغرب" وعلى رأسها الولايات المتحدة، ضيقا كبيرا.

قد يكون الحديث من جهة قانونية عن مبادرة قانونية في الحد الأدنى، لكن يوجد من ورائها من جهة سياسية منطق صلب. فالمبادرون الى القانون يفترضون انهم حتى لو فشلوا فسيتم تذكرهم قُبيل الانتخابات التمهيدية في الليكود بأنهم "المدافعون عن حقوق المستوطنين الزائدة". وهذه الصفة لم تمنع في الماضي قط من التقدم السياسي لأي شخص في الليكود. والامكانية الثانية وهي التي يفضلها المبادرون الى القانون هو أن يُمضى الاقتراح. وفي هذه الحال من المحتمل ان تضطر المحكمة العليا الى رفضه على أساس عدم قانونيته الواضح.

اذا حدث هذا حقا فستكون هذه خطوة اخرى لتقديم الاجراء الكبير الذي يدأب عليه اليمين المستوطن في السنين الاخيرة، والذي يرمي الى المس بأساس شرعية المحكمة العليا وعرضها باعتبارها فرعا من ميرتس. ويفترض المبادرون الى اقتراح القانون اذا، وبحق من جهتهم، انهم يستطيعون ان يكسبوا فقط من هذه الخطوة.

يحسن ان نتنبه الى مبادرة اخرى تدفعها قدما مجموعة اعضاء كنيست باجتهاد. والقصد الى "قانون غرونس"، الذي يرمي الى تعيين القاضي آشر غرونس رئيسا للمحكمة العليا بدل القاضية مريام نئور. ويُرى غرونس انه قاض لن يسارع الى مناوئة الحكومة والكنيست في القضايا الحيوية في نظر الدافعين قدما بالثورة الدستورية من اليمين. ولا ندعي هنا القدرة على ان نبت هل يستحق غرونس ان يرأس المحكمة العليا، لكن يجب ان يُسأل سؤال صائب واحد: كيف لم يُبطل حتى الآن اللغم الجانبي البرلماني الذي أخذ يُركب أمام أعيننا على أيدي مجموعة من اعضاء الكنيست تطمح الى إبطال فعل مؤسسة المحكمة العليا؟.

كان يحسن ان يعلن غرونس بصوت واضح انه اذا جاز "قانون غرونس" فسيستقيل من المحكمة العليا فورا، وبهذا يسحب البساط من تحت أقدام اعضاء الكنيست اولئك الذين يسنون قانونا يُمكّن من انتخابه رئيسا، من اجل هدم أساطين المؤسسة التي قد يرأسها في المستقبل. يواجه القاضي غرونس الآن اختيار سهل: أن يتم تذكره باعتباره هو الذي دافع عن مكانة المحكمة العليا في وجه الباحثين عن مساءة الديمقراطية الاسرائيلية الموجودة في ازمة متواصلة – أو ان يدخل التاريخ بصفة متعاون مع اليمين القومي العنصري، من اجل رئاسة يُولاها سنتين و11 شهرا.