خبر مشاعر مختلطة -معاريف

الساعة 09:10 ص|17 أكتوبر 2011

مشاعر مختلطة -معاريف

بقلم: عوفر شيلح

(المضمون: هكذا اصبحت قضية أسير واحد، من اصل مئات الاسرائيليين الذين قضوا في الاسرى على مدى السنين، معيارا يظهر كم طويل الطريق الذي قطعناه في المنحدر، من دولة تدار بموجة العقل الى خليط من الافراد توجههم المشاعر، ممن ببساطة لا يمكن قيادتهم - المصدر).

        قائمة القتلة الذين سيتحررون في صفقة شليط تغلي الدم. ثمة مجال أيضا للادعاء بانه لو أنها نشرت في توقيت مبكر، كلها أو جزء منها (القائمة النهائية لم تتقرر الا الاسبوع الماضي، ولكن معظم الاسماء التي فيها، بما في ذلك أكثر من مائتي سجين مؤبد معروفة منذ سنين)، لكان من المحتمل ان يتغير موقف الجمهور من الصفقة بأسرها. شيء آخر ينبغي التفكير فيه في اطار الدروس في اليوم الذي ستهدأ العاصفة العامة المعروفة باسم "قضية شليت".

        بالمقابل، لا حاجة للمرء لان يكون خبيرا قانونيا كي يخمن بان محكمة العدل العلي سترد الالتماسات. هكذا كان في كل الحالات السابقة، ومشكوك أن يكون هناك قاض مستعد لان يكون مسؤولا عن عدم عودة جلعاد شليت الى الديار. الحكومة عملت هذه المرة أيضا في اطار صلاحياتها، مثلما استخدمت هذه مرات عديدة في الماضي، وحجم الاعداد التي يدور الحديث عنها لا يغير ذلك. الصفقة ستقر، وباستثناء شيء غير متوقع حقا ستخرج الى حيز التنفيذ ايضا.

        من المجدي، مع ذلك النظر الى هذه القائمة: فهي تدل على ان هناك ميل اساسي في عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بصفقات الاسرى. فالحكومة في قرارها تستند الى تقدير المحافل المهنية وعلى رأسها المخابرات. ولكن هذه المحافل ليست مسؤولة عن الفكرة الوطنية بل فقط عن تقدير الخطر المحدق من تحرير المخربين. في هذا الجانب كانت هناك مبالغة في كل السنوات الاخيرة، والشروط التي حققها في نهاية المطاف المفاوض دافيد ميدان فاقمتها: 330 مخرب مبعد الى الخارج او الى قطاع غزة، حيث ستكون كل معرفتهم السابقة وكل ما تعلموه في السجن غير ذات صلة حقا في المواجهة التي أصبحت مختلفة تماما. في وضع يوجد فيه في القطاع مدربون ايرانيون والاف الصواريخ، فان مخربين نقلوا اناسا الى العمليات الانتحارية لن يكونوا اكثر من رموز. 110 مخرب يعودون الى الضفة هم من شيوخ المخربين، وهم سيأتون الى منطقة تسيطر عليها اسرائيل على نحو مثير للانطباع، بتنسيق مع السلطة الفلسطينية التي تكافح الارهاب بقدر لا يقل عنا.

        الخطر، وهنا رأي كل شيء ذو صلة بالضبط مثل رأي رئيس الوزراء، هو في الرمزية. أنا لا أتحدث عن كليشية "التشجيع على اختطاف جنود آخرين"؛ فالدافعية للاختطاف تنبع من مجرد حقيقة أنه يوجد الاف السجناء الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، وفي السنوات الخمس التي مكث فيها شليت في الاسر دون صفقة لم تقل الدافعية في شيء. الرمزية هي في استعداد اسرائيل لتحرير أكثر من ألف شخص مقابل أسير واحد، استعداد كل رؤية بشأنها هي شرعية: رؤية اولئك الذين يرون في ذلك دليلا على التكافل المتبادل، الذي يميزنا عن المحيط الذي نعيش فيه، ورؤية اولئك الذين يعتقدون بان فيها استسلاما مهينا يحقق للعدو انتصارا في الوعي عظيم الضرر.

        الحكومة ورئيسها هما بالطبع من ينبغي أن يقررا. يحتمل أن يحسنا عملا اذا ما أخذا بالحسبان هذه المسألة، سواء بالنشر المسبق لما يمكن نشره أم من خلال التفكير الاعمق بالعناصر الحقيقية للقوة الاسرائيلة. من الصعب أن نطلب ذلك بالذات من بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الذي في عهده بلغ الذروة الاحساس بالضحية الاسرائيلية ورؤية كل عدو بتعابير الكارثة والخطر الوجودي، كل هذا بقيادة رئيس الوزراء نفسه. ولكن هذا ضروري.

        ما يجري في اليوم الاخير، يشكل استمرار مباشرا لما حصل هنا على مدى خمس سنوات وبلغ ذروته منذ اقرت الصفقة في الحكومة، يقترب من جنون الانظمة، ويقترب من جنون يقع فيه الوعي الاسرائيلي هذه الايام في مواضيع عديدة. روح الخصخصة التي بفضلها أصبح شليط "ابننا جميعنا" في حملة بكاءة وصبيانية، تجد تعبيرها الان ايضا في الوجه الاخر من العملة. مخرب قتل اسرائيليا في عملية لا "ينتمي" الى عائلة القتيل. فهو عمل ضد اسرائيل، يقبع في السجن الاسرائيلي بقوة قرار المحكمة، والمنظومات القائمة يحق لها أن تحرره في اجراء قانوني مناسب. مشاعر العائلة مفهومة لكل انسان، ولكن المشاعر ليست الاساس لقرار سلطوي وهي لا تستبعده. ومع ذلك في قضية شليط المشاعر هي الشيء الوحيد المهم من اللحظة الاولى. وهكذا اصبحت قضية أسير واحد، من اصل مئات الاسرائيليين الذين قضوا في الاسرى على مدى السنين، معيارا يظهر كم طويل الطريق الذي قطعناه في المنحدر، من دولة تدار بموجة العقل الى خليط من الافراد توجههم المشاعر، ممن ببساطة لا يمكن قيادتهم.