خبر بيبي ابننا جميعا، وبيرس ما يزال حيا -يديعوت

الساعة 09:09 ص|17 أكتوبر 2011

بيبي ابننا جميعا، وبيرس ما يزال حيا -يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

يمكن ان تكون كلمة عبقري مصطلحا نسبيا. فكروا لحظة في طفل عمره سنة، يقف على قدميه لاول مرة. "انه عبقري!" تصيح أمه وأبوه؛ "انه عبقري!" يتابعهما الجدان والجدتان. ويرنو الطفل اليهم بنظرة لا يوجد أكثر منها فخرا ولا أجمل منها في العالم كله...

وآنئذ يسقط دفعة واحدة مثل شجرة مجتثة كما يسقط الاطفال.

تشعر الأم بأنه يجب عليها ان تضع العبقرية في تناسب فتقول: "عبقري أمه"، وتلخص العرض بقبلة.

ما الداعي الى قول هذا؟ انه قرار نتنياهو على قبول صفقة شليط. كان قرارا صحيحا: فبعد خمس سنين أجرت فيها حكومتان اسرائيليتان تفاوضا عقيما وأملتا معجزة لم يكن هناك مناص من صفقة. والثمن الذي تجبيه الصفقة باهظا والأخطار كبيرة – ولا جدل في هذا.

هذا الى أن نتنياهو خلص في هذه الحال الى قرار يعارض الرسالة التي تحملها حينما دخل السياسة معارضة مطلقة – وهي محاربة الارهاب بلا هوادة وبلا صفقات، بكل ثمن. ان هذا التحول التام أمر غير سهل على سياسي. فهو يستحق تأييدا عاما لأنه عرض نفسه للانتقاد، ويستحق المدح بسبب ما استقر رأيه عليه.

لا يوجد مجد هنا ولا يجب ان يكون. فجلعاد شليط لا يعود الى البيت بعد عملية لامعة لدورية هيئة القيادة العامة ولا بعد عملية سرية للموساد أو تهديد أخاف آسريه. انه يعود بعد ان يئس المخولون بالقرار من المجيء به بطريقة اخرى. فهذه صفقة يأس وصفقة لا مفر منها. والفرق بينها وبين الصفقة التي رفضها اولمرت ليس جوهريا: فهي في مادة القادة الذين يبقون في السجن أسهل؛ وفي مادة اطلاق سراح الارهابيين من مواطني اسرائيل أقل من ذلك.

ان الاختلاف بين الصفقتين موجود في مستويين آخرين. الاول، موقفا رئيس "الشباك" ورئيس الموساد: فقد عارض ديسكن ودغان؛ وأيد كوهين وباردو. وتأييدهما رجح الكفة. والثاني هو الزمان: فسنتان ونصف هما زمن كثير جدا في حياة رهينة في غزة. لن يعترف نتنياهو بهذا لكن مشاعر الاتهام في الشارع الاسرائيلي والحملة الدعائية المشحونة بالعاطفة التي بُنيت حولهم قد صنعت الفرق.

قبل ان تشكر عائلة شليط للوزراء الذين صوتوا مؤيدين، يجب عليها ان تشكر لخبيرة الدعاية العامة تامي شنكمان التي روجت للحملة الدعائية، ولرئيس مقر العمل شمشون ليبمان الذي وجهها. اذا كان هناك مجد فلهما المجد.

بعبارة اخرى ليس هذا وقت نفخ الصدر، انه وقت اظهار ضبط النفس. فكر نتنياهو في البداية في ان ينتظر بضعة ايام يستقبل بعدها جلعاد شليط وعائلته في ديوانه. بعد ذلك غير رأيه واستقر رأيه على المجيء الى قاعدة سلاح الجو. واستطيع أن أفهم البواعث: فصورة اولى مع جلعاد تساوي عدة اصوات انتخابية.

مع ذلك فان الاستغلال الساخر للحادثة مقلق. والابتذال يثير الغضب. ان نتنياهو، اذا أصر على السيطرة على الحادثة، فلن يسلك سلوكا يختلف كثيرا عن ليمور لفنات التي احتلت بالقوة عرض الالعاب الاولومبية في أثينا. يُدفع الساسة الى ان تلتقط لهم الصور أما القادة فيعرفون الانتظار.

لكن لماذا نشكو نتنياهو الذي يحاول الربح من صفقة شليط في صناديق الاقتراع. فشمعون بيرس الذي تحرره سنه ومنصبه، في ظاهر الامر، من رعب صناديق الاقتراع لا يسلك سلوكا مختلفا. فحينما تلقى بيت الرئيس قائمة القتلة التي أُمر بيرس بالعفو عنهم في اطار الصفقة، أعلن بيت الرئيس ان بيرس يزن ان يضيف الى توقيعه على كتاب العفو ملاحظة مدروسة مثل "لا أنسى ولا أغفر". ان وسائل الاعلام التي تشتري في ايام الفراغ بين قرار الصفقة والتنفيذ بالفعل كل معلومة في الدعاية العامة، سارعت الى تبني بيرس في عناوينها الصحفية. كل الاحترام لشمعون.

يمكن فقط أن نتخيل القاتلة في مطعم سبارو أو القتلة في حافلة حيفا يعودون من السجن الى البيت. عائلاتهم تبتهج لكنهم يبكون بكاء مريرا: "بيرس لا يغفر لنا، بيرس لا يغفر. كنا نفضل ان نبقى في السجن حتى آخر أيامنا بشرط ان يغفر".

ان بيرس متسق في توليه الرئاسة: فهو يقول كل يوم للناس كل ما يريدون سماعه. فهو يؤيد الاحتجاج الاجتماعي ويؤيد ميزانية الأمن ويؤيد صفقة شليط ويؤيد الاحتجاج على الصفقة. وبيرس في سريرته مثل زليغ بطل فيلم وودي آلين القديم. وهو رحيم وحنون. وهو مستعد لاغتفار كل شيء ونسيان كل شيء بشرط واحد هو ألا ننساه. وكما يقول الشعار الذي صاحب حملة شليط – بيرس ما يزال حيا. وبيبي ابننا جميعا.