خبر الصفقة انجاز ولكن! ...مصطفى إبراهيم

الساعة 07:44 ص|16 أكتوبر 2011

الصفقة انجاز ولكن! ...مصطفى إبراهيم

انقسم الشارع والكتاب والمحللون الفلسطينيون بين مؤيد ومعارض، في موقفهم من صفقة تبادل الأسرى بين دولة الاحتلال وحركة حماس، خاصة بعد الإعلان عن عدم شمول الصفقة القادة الكبار أو الثقيلين كما يطلق عليهم الإعلام الإسرائيلي، وهم، أمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات، والقيادي في حركة فتح مروان البرغوثي و قادة كتائب عز الدين، عبد الله البرغوثي، وإبراهيم حامد، وحسن سلامة، وعباس السيد، وغيرهم، وشكل غيابهم صدمة كبيرة لدى عموم الفلسطينيين بما فيهم حماس نفسها.

ومع بدء وصول الأخبار عن الصفقة كان الغموض سيد الموقف، لكنه سرعان ما تبدد بحقيقة ان القادة غير مشمولين في الصفقة، وكان على حماس ان تكون أكثر شفافية في تناول تفاصيل الصفقة ومصارحة الناس من البداية بحقيقتها، فهي انجاز للفلسطينيين وللمقاومة وحركة حماس.

 

ومع ذلك فالصفقة مقبولة وسيكون هناك أفراح بإتمام الصفقة والانجاز التاريخي كما تطلق عليها حماس، ودولة الاحتلال لم تكسر القواعد ولا الخطوط الحمراء لإطلاق الأسرى في صفقة شاليط، وسيكون هناك أتراح وحزن وغصة كبيرة لدى كثير من الفلسطينيين خاصة عائلات الأسرى الذين لم تشملهم الصفقة التي لم تكن الأولى في تاريخ الثورة الفلسطينية كما صرح احد المسؤولين في حكومة حماس، بل هي رقم 37 في تاريخ صفقات تبادل الأسرى والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

 

ومع ذلك فالصفقة تعتبر انجاز ولا تشكل هزيمة لحماس، ولا تقلل من صمود رجال المقاومة خمس سنوات في الحفاظ على حياة الجندي جلعاد شاليط مقابل الإفراج عن عدد كبير من الأسرى، وذلك يعتبر فشل لدولة الاحتلال في ظل استنفاذها جميع الوسائل و ما تمتلكه من تكنولوجيا متطورة وشن عدوان إجرامي على قطاع غزة، من اجل العثور على مكان شاليط وتحريره، بالرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه الغزيين من شهداء وجرحى وتدمير البنية التحتية وحصار ما زال مستمرا.

 

الأسئلة المشروعة والمطلوب من حماس الإجابة عليها وإزالة الغموض في تفاصيل الصفقة والتي تتعلق بشرط رفع الحصار عن قطاع غزة، والمعاناة المستمرة التي سببها للناس، والتي ربطت دولة الاحتلال رفعه بالإفراج عن شاليط وشاركها المجتمع الدولي في استمراره حتى الآن، كذلك شرط رفع المعاناة السيئة والقاسية عن الأسرى خاصة الذي يعيشون ظروف العزل والعقاب اليومي، أو أسرى قطاع غزة غير المسموح لعائلتهم بزيارتهم منذ عدة سنوات.

 

ومع الصدمة وخيبة الأمل بعدم الإفراج عن رموز المقاومة، يجب أن لا ينسينا ذلك ان هناك أسرى حرية ما زالوا في السجون ومن بينهم رموز كبار غيبهم السجن والانقسام، ولم يأخذوا حقهم في التضامن الشعبي والرسمي معهم والنضال من أجل إظهار قضيتهم العادلة، ومدى المعاناة التي يعيشونها للرأي العام الدولي من اجل الإفراج عنهم، والاستمرار في النضال لنصرة قضيتهم، وعدم التشكيك في الصفقة والنوايا والقول ان المخفي أعظم، وان هناك طرف خاسر وآخر رابح، فنحن الرابحون جميعا من هذا الانجاز الذي تم تحقيقه، وتفويت الفرصة على دولة الاحتلال التي تعمل على تعميق الانقسام وتعزيزه بين الفلسطينيين.

 

وبالرغم من الغصة والمرارة والتحفظات فالصفقة انجاز ولكن! فثمن شاليط كان باهظاً والمخاطر الكبيرة ما زالت محدقة بالفلسطينيين وقضيتهم، ويجب ان لا نترك قضايانا تعصف بها الأهواء والرؤى الحزبية الضيقة، وعلى الفلسطينيين استخلاص العبر من ذلك، والتخلص من حقبة سوداء في تاريخهم ما زالت مستمرة، والبدء من جديد من خلال المشاركة في العرس الفلسطيني بالإفراج عن أسرى الحرية المحررين وتكريمهم والاحتفاء بهم، واستغلال الفرصة بالتطلع للمستقبل، وتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية هي الرد الحقيقي على دولة الاحتلال.