خبر معضلة ايرانية .. اسرائيل اليوم ..بقلم: دوري غولد

الساعة 06:58 م|14 أكتوبر 2011

معضلة ايرانية .. اسرائيل اليوم ..بقلم: دوري غولد

        (المضمون: احدى نتائج الانتفاضة في سوريا قد تكون تراجع نفوذ طهران في سوريا وفي لبنان. في هذه الحالة ستحاول ايران التغلغل الى الاردن وحاليا تكتفي بحلها الاسترايتجي مع حماس – المصدر.

أفادت الامم المتحدة الاسبوع الماضي بان ما لا يقل عن 2.900 شخص قتلوا في الانتفاضة في سوريا منذ شهر اذار الماضي. وبينما ركز قسم من الاسرة الدولية على المس الهائل بحياة الانسان، والذي تعرض له السكان المدنيون السوريون، فحص محللون سياسيون في العالم العربي أيضا آثار التمرد في سوريا على ميزان القوى في الشرق الاوسط، ولا سيما بالنسبة لمستقبل النفوذ الايراني في سوريا وفي لبنان.

فمثلا، في مقال طويل في صحيفة "السفير" اللبنانية، نشر في منتصف شهر ايلول طرحت هذه المسألة بالنسبة لمستقبل حزب الله.

وقد نظر في عدة سيناريوهات في هذا السياق. حسب السيناريو الاول، النظام السوري سيحافظ على مكانته ووقته ولن يضطر الى تقديم تنازلات للغرب في سياق علاقته مع "المقاومة" – أي حزب الله وايران. السيناريو الثاني هو ان يضطر النظام السوري الى التنازل عن سياسته الخارجية السابقة التي تضمنت دعما لحزب الله وايران، مقابل دعم الغرب.

حسب السيناريو الثالث، سيسقط نظام بشار الاسد ويستبدل بنظام مؤيد للغرب، يقطع سوريا عن حزب الله وعن ايران.

الكاتب، لبناني لا يخفي عطفه على حزب الله، لا يزال يؤمن في ايلول في أن السيناريو الاول هو الاكثر واقعية بين كل الخيارات التي على جدول الاعمال.

ولكن ماذا سيحصل اذا ما تبين ان تحليل المحلل في صحيفة "السفير" مغلوط، وايران توشك على أن تفقد النافذة الاستراتيجية لحزب الله في العالم العربي؟ اذا ما اصبح تنظيم الاخوان المسلمين في سوريا القوة السائدة في النظام ما بعد الاسد، فمن شأن ايران أن تتعرض لتراجع كبير في نفوذها.

صحيح أن الاخوان المسلمين أيدوا حزب الله ضد اسرائيل في 2006 وبالتالي ايضا انسجموا مع ايران الشيعية، الا انه يوجد لهم الان بديل اسلامي سني في صورة تركيا اردوغان. مثلا، تركيا اصبحت المضيفة للقاءات الاخوان المسلمين السوريين في ظل تطوير تأثيرها داخل المعارضة السورية بشكل عام. ويجري الاتراك مناورات عسكرية على الحدود السورية، يلمحون بامكانية الاجتياح، وهكذا يصبحون عنصرا سائدا في الازمة الحالية. اضافة الى ذلك، ففي زمن انتفاضة المدنيين، رأى الشعب السوري كيف أن النظام في دمشق اعتمد على القوى البشرية الايراني وعلى حزب الله في قمع المتظاهرين. يوجد نفور يتجاوز الحدود السياسية في سوريا ضد فكرة الحفاظ على التحالف السوري – الايراني في المستقبل.

الديمغرافيا تتغير

اذا فقد الايرانيون رأس جسرهم الى العالم العربي، يطرح السؤال هل يوجد لديهم بديل؟ هناك مراقبون يعتقدون بان الايرانيين يفكرون بتحويل الاردن الى مركز النفوذ الجديد لهم في العالم العربي. في الماضي، هذه الامكانية ما كانت حتى لتطرح على جدول الاعمال، كون السكان الاردنيون من ناحية تاريخية هم مسلمون سُنة باستثناء أقلية مسيحية صغيرة. وخلافا لهم، في سوريا النخبة العلوية اعترف بها كشيعية منذ السبعينيات.

ومع ذلك، فان الديمغرافيا في الاردن بدأت تتغير كنتيجة للحرب في العراق في 2003. قرابة مليون لاجيء عراقي دخلوا الاردن في السنوات الثمانية الاخيرة، منهم مئات الاف اللاجئين الشيعة. معظم العراقيين الشيعة موالون لزعمائهم الدينيين مثل آيات الله السيستاني وليس للزعماء الذين في ايران. ولا يزال، يمكن ان نتوقع أن تحاول ايران استغلال هؤلاء السكان لتحويلهم الى هدف لدعايتها الدينية ولادخالهم تحت نفوذها.

الايرانيين يستثمرون في أحيان قريبة في الاماكن المقدسة للشيعة كوسيلة لخلق مواقع نفوذ، ولا سيما في تلك التي ترتبط بعائلة علي، امامهم الاول. في دمشق وسعوا موقعا على اسم ابنة علي، زينب، تضمن قبرها، وجعلوه مكان حج جماهيري. في الاردن يوجد قبر مشابه موله الايرانيون لشقيق علي، جعفر، قرب مدينة الكرك، على مسافة نحو 150 كم جنوب عمان.

الاف العراقيين والايرانيين يزورون المواقع الشيعية الكثيرة التي توجد في الاردن، وهذه لا تتضمن فقط ابناء عائلة علي بل وايضا ابناء صحابة محمد، ممن يقدرهم الشيعة. توجد تقارير عن شيعة عراقيين يشترون الاراضي قرب هذه الاماكن. في العام 2006 زار الزعيم العراقي الشيعي الراديكالي مقتدى الصدر الاماكن المقدسة في الاردن.

لخيار ايران الاردني لا يزال لا يوجد ذراع عسكري. ليس لحزب الله تواجد في الاردن، مع أنه كان نشطا في العراق المجاورة. اذا ما اصبح العراق دولة قمر تسير في مدار ايران بعد انسحاب الولايات المتحدة، فلا نستبعد امكانية أن تتمكن ايران من استخدام حزب الله في العراق.

المحور المناهض لايران

في هذه الاثناء، الايرانيون يقيمون حلفا استراتيجيا مع حماس. حتى لو تحولت تركيا لتصبح الحليف الخارجي السائد للاخوان المسلمين في سوريا، فلن تخفف ايران من قبضتها على فرع آخر للاخوان المسلمين، حماس. حماس في الاردن قد تصبح أداة هامة لايران في مساعيها لخلق تواجد عسكري مستقبلي في الاردن. قوات الامن في الاردن لا بد ستعارض مثل هذه المحاولة، ولكن من شأنها أن تصطدم بمصاعب عديدة في احباط الخطوة تماما.

في هذه الاثناء، انضم الاردن رسميا الى المحور المناهض لايران في الشرق الاوسط. فقد قُبل الاردن هذه السنة كعضو جديد في مجلس التعاون في الخليج بقيادة العربية السعودية، الهيئة التي تضم دول الخليج الست. ليس للاردن نفط ولكن لديه ما يقترحه على دول الخليج من خبرات عسكرية، تحتاجها.

وبالفعل، بعث الاردن هذه السنة الى البحرين نحو الف جندي وشرطي للمساعدة في قمع التمرد الشيعي ضد الملك السني. في كانون الاول 2004 اصبح الملك عبدالله الاردني الزعيم السني الاول الذي حذر الغرب بشكل علني من "الهلال الشيعي" الآخذ في البناء بعد حرب العراق – الهلال الذي ستستغله ايران لتعميق نفوذها في ارجاء العالم العربي.

في هذه الايام التي يوجد فيها الشرق الاوسط في حالة انعدام للاستقرار، على اسرائيل أن تتابع بحذر هذه التطورات، ولا سيما اذا حاولت ايران نقل مركز ثقل نفوذها العسكري من الحدود الشمالية الى الجبهة الشرقية.