خبر شليط أُنقذ من مصير أراد- هآرتس

الساعة 10:25 ص|12 أكتوبر 2011

 

شليط أُنقذ من مصير أراد- هآرتس

بقلم: عاموس هرئيل وآفي يسسخروف

(المضمون: بينما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) اكتفى بخطوات سياسية رمزية من توجهه الى الامم المتحدة، من المتوقع لحماس أن تقود احتفالات تحرير 1.027 سجينا – ثمن غير مسبوق في تاريخ صفقات الاسرى لاسرائيل. عائلات السجناء ستلتقط صورهم في كل وسائل الاعلام العربية، وحماس ستخرج مسيرات ضخمة احتفالا بانتصارها – المصدر).

        يوم الاحد القريب القادم، 16 تشرين الاول، ستحل الذكرى الـ 25 لسقوط مساعد الطيار رون أراد في الأسر. الخطوة التي قادها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذروتها في الجلسة الليلية للحكومة أمس، تأتي للتأكيد بأن مصير الجندي المخطوف جلعاد شليط لن يكون كمصير أراد. اذا لم تقع نقاط خلل في اللحظة الاخيرة، سنرى ان شليط سيعود الى الديار في غضون ايام قليلة، بعد أكثر من خمس سنوات في الأسر.

        تقارير متفائلة عن صفقة قريبة في قضية شليط، ولا سيما في الصحافة العربية، ظهرت صبح مساء في السنوات الخمس الاخيرة. هذه المرة، يوجد أساس صلب جدا للتفاؤل. الفارق الجوهري هو في نية الطرفين، كون الصيغة المبدئية للصفقة كانت معروفة منذ بضعة اشهر بعد سقوط شليط في الأسر: تحرير 450 سجينا فلسطينيا "ثقيلا"، مع نقل شليط الى محطة انتقالية في مصر وبالتوازي مع عودته الى الديار في اسرائيل؛ وبعد ذلك، في مسافة الأمان، تحرير 550 سجين آخر تختارهم اسرائيل، يُعرض كبادرة طيبة للحكم المصري.

        من تفاصيل اولى تسربت عن الصفقة أمس، يبدو ان كل واحد من الطرفين وافق على التنازل في النقطة التي تشتعل لخصمه. اسرائيل قلصت عدد السجناء الذين ستطردهم الى خارج البلاد والى غزة، بدلا من العودة الى بيوتهم في الضفة الغربية. حماس وافقت على التنازل عن تحرير بعض الكبار من بين مخربيها، بمن فيهم الرموز الكبيرة: عبد الله البرغوثي، ابراهيم حامد، عباس السيد، احمد سعدات ومروان البرغوثي. والآن سيعنى كل طرف في ترويج الصفقة لجمهوره الداخلي: سيوضح تصميمه، تمسكه بمبادئه وسيشدد على التنازلات التي انتزعها من الخصم.

        مشكلة المخابرات

        نتنياهو جاء أمس الى جلسة الحكومة بقدر كبير من الثقة. كل استطلاعات الرأي العام تشير الى تأييد جماهيري واسع للاتفاق، حتى بثمن تحرير قتلة. مع ريح الاسناد التي منحتها له قنوات التلفزيون، ببث انفعالي، لم يكن لديه سبب حقيقي للقلق. قلائل الوزراء الذين كان بوسعهم الوقوف ضده في مثل هذه الحالة.

        بقدر ما، على الأقل، فان قادة اذرع الامن ايضا الى جانبه. رئيس الاركان بني غانتس دعي الى الجلسة كي يقول للوزراء ان الجيش الاسرائيلي ملتزم باعادة الجندي الذي اختطف في اثناء اداء مهامه حتى ولو بثمن باهظ. رئيس المخابرات السابق، يوفال ديسكن، قدم اعتراضا شديدا على بعض من التنازلات التي استوجبتها الصفقة، حتى نهاية ولايته في ايار الماضي. يبدو أن المرونة المعينة في موقف حماس في الاسابيع الاخيرة ستسمح لرئيس المخابرات الجديد يورام كوهين بدمغ الصفقة بخاتم التسويغ الامني. كوهين قال في المؤتمر الصحفي أمس انه في ظل غياب طريق بديل لتحرير شليت، لم يكن من التوقيع على الصفقة في الظروف الناشئة.

        من هنا وما بعد، هذه حقا ستكون أولا وقبل كل شيء مشكلة كوهين. بعد ابعاد المسؤولين الكبار من الضفة، سيعود مئات المخربين الى المنطقة. ومع أنه سيكون للسلطة الفلسطينية مصلحة خاصة بها لملاحقتهم ومنع استئناف العمليات، ولكن تجربة الماضي – من صفقة جبريل عبر صفقة تننباوم وحتى تحرير السجناء الذين أنهوا قضاء محكومياتهم في السنتين الاخيرتين – تدل على ان قسما هاما منهم يعود الى صورة الارهاب، في الغالب وهو مزود بتجربة زائدة اقتناها في السجون الاسرائيلية. المخابرات والجيش الاسرائيلي سيدخلون في هذا الصراع من موقف متفوق، بعد سنوات من تدير البنى التحتية للارهاب في الضفة، ولكن احدا لا يمكنه أن يضمن الا تقع في السنوات القادمة عمليات تنفذ بمبادرة محرري صفقة شليت.

        حبل النجاة لحماس

        المرة تلو الاخرى أوضح في الاشهر الاخيرة المسؤولون المصريون الذين كانوا يشاركون في المحادثات على صفقة جلعاد شليت، بان الفارق بين الطرفين يتقلص. ولكنهم المرة تلو الاخرى ذكروا ايضا الحاجة الى قرارات شجاعة، تاريخية من الطرفين. وبالفعل، يبدو أن استعداد حكومة اسرائيل وحماس لابداء المرونة هو الذي شق الطريق لاستكمال الصفقة.

        رغم الفرح الواضح لعائلة شليت ومواطني اسرائيل بتحرير جلعاد من الصعب تجاهل ثمن هذه الصفقة. تفاصيل الاتفاق ليست واضحة تماما وبعد ومع ذلك، يبدو أن لالاف من سكان قطاع غزة ومؤيدي حماس كانت أمس اسباب وجيهة للخروج الى الشوارع والاحتفال. من جهة اخرى، فان "الانجاز"، كما وصف خالد مشعل الصفقة بعيد عن التطابق مع المطالب الاولى للمنظمة. في ضوء وضعها السياسي الصعب يبدو أن حماس اضطرت الى التنازل عن الكثير من مطالبها، بما في ذلك الموافقة على ابعاد 203 سجناء الى خارج الضفة.

        من جهة، من المتوقع لحماس أن تستخلص ربحا سياسيا فوريا من اتمام الصفقة في الايام القريبة القادمة. بينما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) اكتفى بخطوات سياسية رمزية من توجهه الى الامم المتحدة، من المتوقع لحماس أن تقود احتفالات تحرير 1.027 سجينا – ثمن غير مسبوق في تاريخ صفقات الاسرى لاسرائيل. عائلات السجناء ستلتقط صورهم في كل وسائل الاعلام العربية، وحماس ستخرج مسيرات ضخمة احتفالا بانتصارها.

        بالمقابل، من المتوقع لحماس أيضا أن تتعرض لانتقاد على ما بدا كتنازل كبير من ناحيتها: 203 سجناء محررون سيبعدون من الضفة والكثير من سجنائها الكبار سيبقون في السجن. يدور الحديث عن عدد غير مسبوق من المبعدين في مثل هذه الصفقة، ويبدو أن المنظمة حشرت في الزاوية ولهذا وافقت في نهاية المطاف على التنازل الدراماتيكي.

        ولا يزال، يدور الحديث عن حبل نجاة سياسي لحماس. مكانتها تدهورت في الاشهر الاخيرة، ليس فقط في الضفة بل وفي غزة ايضا. وأظهرت الاستطلاعات ذلك، ولا سيما بعد توجه ابو مازن الى الامم المتحدة. واصبحت حماس غير ذات صلة تقريبا، والوضع في غزة لم يظهر أي تحسن دراماتيكي. اتفاق شليت واحتفالات النصر للمنظمة ستنقذها من الحفرة السياسية العميقة التي هبطت اليها.

        المنتصرون الكبار الاخرون في الجانب العربي هم رجال المخابرات المصرية. ليس الوسيط الالماني او غيره نجحوا في اتمام الصفقة بل بالذات المخابرات العامة المصرية برئاسة مراد موافي، ونائبه الذي ادار المحادثات، الجنرال محمد ابراهيم. المخابرات المصرية ومعها القيادة المصرية بأسرها أثبتت انه لا يزال بوسعها اتمام خطوات دراماتيكية في الشرق الاوسط. ولكن من المشكوك فيه أن يكون بوسع هذا النجاح ان يشهد في شيء على قدرة القيادة الحالية في القاهرة على تصدر خطوات دراماتيكية داخل  الدولة.

        اذا ما تمت الصفقة بالفعل، تستحق المانيا ومصر ومبعوثو رئيس الوزراء الى المفاوضات، عوفر ديكل وحجاي هداس ومن حل محلهما دافيد ميدان. كلمة طيبة. ميدان، كبير الموساد حتى وقت اخير مضى، بذل في هذه الاشهر جهودا جبارة لاتمام الصفقة. وترافق هذا الجهد مع نهج جديد وتفكير ابداعي، بدا امس انه حقق النتائج اخيرا.