خبر نصر يرونه من هناك- يديعوت

الساعة 11:51 ص|07 أكتوبر 2011

 

نصر يرونه من هناك- يديعوت

بقلم: سمدار بيري

حلت الذكرى السنوية الـ 38 لحرب يوم الغفران على مصر في ظروف خاصة. فبدل عروض ضوئية – صوتية عند أسفل الأهرامات، سيطر التوتر على الشوارع والميادين، وتم توسيع قانون أحوال الطواريء مع مواد مشددة وعقوبات شديدة لكل من يحاول المس بأمن الدولة.

فضل صحفيون كبار هذا الاسبوع ان ينشروا صفحة بيضاء بدل مقالات الرأي عن الوضع المعقد بسبب اليدين الطويلتين للرقابة العسكرية التي قامت قرب آلات طبع الصحف الكبيرة. أُعلن أن يوم الذكرى السنوية للحرب يوم عطلة في مؤسسات الدراسة والقطاع العام لكن اذا أردنا ان نحكم على المزاج العام للـ 85 مليونا من المصريين قلنا انهم لا يشتهون الاحتفال.

لاول مرة منذ سنين لم يكن حسني مبارك هو الذي تلا التهنئات بـ "العملية اللامعة" و"الخدعة الكبيرة" لعبور القناة. ان مبارك الذي أصر على أن يمحو من كتب تاريخ "حرب العاشر من رمضان" اسمي رئيس هيئة الاركان الشاذلي واللواء الجمسي مخطط العبور، اضطر الى متابعة المراسم من غرفة العلاج المحروسة في المستشفى.

بدلا منه زار قبر أنور السادات "المشير"، حسين طنطاوي وزير الدفاع القديم الذي يتولى الحكم المؤقت، ووضع اكليلا من الزهور على نصب الجندي المجهور، وصافح المعوقين وأدى التحية العسكرية للتشكيلة الجوية والمظليين الذين نفذوا عرضا بهلوانيا – ودعا الجماهير الى الاحتفال في ميدان التحرير.

ولا يمكن ان نتجاهل االمفارقة الساخرة: ففي حي المعادي ذاك الذي تمت الطلعة الجوية في سمائه سكن حتى المدة الاخيرة السفير اسحق لفنون وجميع الدبلوماسيين الاسرائيليين. وفي طرف هذا الحي يحتجز الثلاثون من قادة السلطة المخلوعة في سجن طُرة وفيهم جمال وعلاء مبارك إبنا "المخلوع"، وهو اللقب الذي يصاحب مبارك منذ نُحي عن القصر قبل ثمانية اشهر.

المَلَكْ

ما الذي تذكرونه من حرب 1973، تسأل "مجموعة مؤرخي 1973". وُلد 85 في المائة من السكان المصريين بعد تلك الحرب، ومرة كل سنة يأخذون طلاب المدارس لجولة في "معرض بانوراما"، في "حي النصر" في القاهرة الموسوم باسم تلك الحرب. تبدأ الجولة بتجوال بين الدبابات وأجزاء طائرات وراجمات للجيش الاسرائيلي غُنمت في سيناء.

وفي القاعات الكبيرة الثلاث يجسدون مع دمى بحجم البشر، تلبس الملابس العسكرية للجيش الاسرائيلي والجيش المصري، الساعات الست الاولى للعبور وسقوط حصون خط بارليف، وترتفع صرخات انكسار الأسرى الاسرائيليين من مكبر الصوت. يُبين مبارك ان "انتصارنا على العدو كان حادا وسريعا وذكيا". ولا ذكر لكل ما حدث بعد ذلك – في الحرب والسلام.

في منتصف الاسبوع أبرزت "مجموعة المؤرخين" موقعا جديدا في الانترنت يرمي الى تعليم الجيل الشاب ان حرب 1973 تستحق الذكر لا بسبب العطلة السنوية فقط. وهم يشكون من ان عشرات ملايين الشباب لم يستطيعوا حتى ان ينسوا ما لم يعرفوه قط. أُدخلوا الموقع الجديد اذا لنقول لكم ماذا حدث هناك ومن هم أبطال النصر.

ان "المَلَك"، أشرف مروان – العميل الذي أنذر الاستخبارات الاسرائيلية بالحرب، وقع ولقي حتفه في ظروف غامضة وأُعلن بعد موته انه "بطل قومي" في مصر – قد اختفى من الموقع. والابطال بحسب الرواية الجديدة، هم طيارو سلاح الجو (من غير قائدهم مبارك الذي مُحي اسمه بأمر)، الذين منحوا قوات الصاعقة التي عبرت القناة أولا وسيطرت على الحصون الاسرائيلية، غطاءا من أعلى، ويذكرون بينهم ايضا طيارين عراقيين انضما الى العملية وحظيا بوسامي امتياز.

لا يتجاهلون الآن باعادة كتابة الحرب إسهام الرئيس السادات فقط  الذي اعترف بأنه "من غير قدرتنا على نصب قاماتنا في حرب 1973 بعد الهزيمة الذريعة في 1967، ما كنت استطيع أن أسمح لنفسي بالخروج بمبادرة السلام". وفي مصر التي تلعق جراح الثورة، لا مكان لقادة سياسيين. وبدلا منهم فان الاستخبارات العسكرية مستعدة الآن للكشف عن "الحكايات الغامضة".

عامل المساج

هناك على سبيل المثال، قضية علي العطفي الذي نجح في ان يتولى عمل عامل المساج الشخصي للرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات. يكشف موقع "مؤرخي 1973" عن قضية مثيرة عن ظروف تجنيد العطفي واستعماله عميلا للموساد في قصر الرئاسة. اختص بالتدليك والعلاج الطبيعي في هولندة، وجُند للموساد وأُرسل (على حساب مستعمليه الذين دفعوا ايضا أجرة الدراسة في الخارج وزودوه بمعدات وأدوية) الى القاهرة، وتجول في الحلقات المترفة لمتخذي القرارات وأصحاب الملايين.

بعد أن حظي بموطيء قدم عند صهر السادات، المقاول عثمان، وعند رئيس المخابرات في تلك الايام، كمال حسن علي، كان من حسن حظه أن دُعي الى تدليك السادات يوميا وحظي بموطيء قدم في كل واحد من قصوره في أنحاء مصر. حظي العطفي بثقة الرئيس وخدمه سبع سنين، وعيونه مفتوحة واسعة على كل من يدخل ويخرج، ودُعي الى الرئيس في ساعات غير عادية بما أمتع مستعمليه في الموساد.

بحسب الشبهة تلقى العطفي من مستعمليه زيت تدليك ساما أدى الى موت عبد الناصر، لكن لم توجد نية للقضاء على السادات: فقد استغل الموساد العطفي للحصول على صورة وضع عن مزاجه العام وما يحدث في محيطه القريب.

وفي آخر الامر أثار العطفي ارتياب المخابرات المصرية. وبتفتيش سري في بيته تم الكشف عن جهاز اتصال واعتقل واعترف وحُكم عليه بالاعدام وزُج به سنين طويلة في السجن. وقد رفض مبارك جميع الجهود والوساطات لمنحه عفوا.

الحسناء

تقوم في مركز قضية تجسس اخرى الشابة الحسناء هبة سليم التي نجحت في إغراء ضابط رفيع المستوى في المخابرات هو العقيد فاروق الفقي. وانتهت القضية بعقوبتي إعدام شنقا. خرجت هبة سليم وهي ابنة عائلة محترمة غنية في القاهرة للدراسة في باريس واتصلت في السبعينيات بطلاب يهود وأبلغتهم قائلة: "لستم حيوانات شريرة كما ربونا على الاعتقاد فيكم".

جُندت عميلة وعادت الى مصر وأسرت الفقي الذي أعلمه مستعملوها الاسرائيليون. وفي واحدة من رحلاتها الى باريس عرضوا عليها ان تقفز الى اسرائيل وعرضت طلبا خاصا هو أن تلقى رئيسة الحكومة غولدا مئير. "نقلت غولدا جوابا بالموافقة، وكان اللقاء مؤثرا حينما سقطت العجوز والشابة الحسناء الواحدة بين ذراعي الاخرى وقالت غولدا لهبة سليم: أنت تقومين من أجلنا بعمل ممتاز".

بيد ان هبة سليم كما يكتب "مؤرخو 1973"، كانت عميلة نشيطة جدا. فقد نقبت من اجل مستعمليها في ملفات سرية وبحثت عن معلومات عن استعدادات الجيش المصري للحرب، وساءلت ضباطا واستغلت علاقات عشيقها الى أن ارتاب رئيس المخابرات العسكرية بأن له خُلدا في المكتب.

في البداية اعتقلوا الفقي الذي دل المحققين على آثار هبة سليم. واتُهم الاثنان بالخيانة وحُكم عليهما بالموت شنقا وأُرسلا لانتظار تنفيذ الحكم في سجنين في القاهرة.

في زيارة مناحيم بيغن لمصر في 1980 أدهش السادات بطلب خاص قائلا: تعالوا ننس ما كان في حرب 1973 وجميع الجواسيس التي استعملناها عندكم واستعملتموها عندنا. حان الوقت للافراج عن هبة سليم. وأوشك السادات أن يستجيب للطلب حينما قفز رئيس المخابرات الذي كان شاهدا سامعا من مكانه وانطلق مسرعا الى سجن النساء. وبعد ساعة عاد ليبلغ الرئيس ورئيس حكومة اسرائيل قائلا: "لا يمكن الافراج عن هبة سليم. أعدمناها قبل ساعتين".