خبر الفلسطينيون وطلب الاعتراف بالدولة- نظرة عليا

الساعة 11:41 ص|07 أكتوبر 2011

 

 

الفلسطينيون وطلب الاعتراف بالدولة- نظرة عليا

اين توجد الدولة؟

بقلم: روبي سايبل

محاضر في القانون الدولي، الجامعة العبرية، القدس

كتب محللون سياسيون بانه على الرغم من حقيقة أن خطاب الرئيس عباس في الجمعية العمومية في الامم المتحدة في ايلول تضمن هجوما لاذعا على اسرائيل، فان الخطاب تضمن ايضا تنازلا تاريخيا عن التطلعات الاقليمية الفلسطينية لمناطق خلف حدود الرابع من حزيران 1967.

محمود عباس أشار في خطابه بالفعل الى أن طلب منح مكانة عضو في الامم المتحدة جاء "على اساس حدود 4 حزيران 67، مع القدس عاصمة للدولة المستقبلية". وحظي هذا القول بالتعزيز عندما أضاف عباس بان "هدف الشعب الفلسطيني هو تحقيق حقوقه الوطنية، غير القابلة للجدال في دولته المستقلة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية وتقع على كل اراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة، التي احتلتها اسرائيل في حرب حزيران 1967. واضيف الى هذه الصيغة ملحق طالب "بتحقيق حل عادل ومتفق عليه لمسألة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار 194، كما صيغ الامر في مبادرة السلام العربية".

خلافا للخطاب، فان الطلب الذي رفعه الفلسطينيون عمليا يبدأ باعلان يقول ان طلب الحصول على مكانة عضو يستند الى وثيقتين، "قرار رقم 181 للجمعية العمومية في الامم المتحدة بتاريخ 29 تشرين الثاني 1947، وكذا الى اعلان الاستقلال لدولة فلسطين في تاريخ 15 تشرين الثاني 1988".  الطلب الذي رفع الى مؤسسات الامم المتحدة لقبول فلسطين عضوا لا يتناول على الاطلاق خطوط 67 او حدود الدولة الفلسطينية. في الرسالة الى الامين العام للامم المتحدة والتي ارفقت كملحق للطلب، كتب محمود عباس بان "الاغلبية الساحقة من الاسرة الدولية أعربت عن تأييدها لحقوقنا غير القابلة للجدال كشعب، وبالاساس في الدولة، من خلال منحها اعترافا متبادلا بدولة فلسطينية على اساس حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية". وبتعبير آخر، فان الرسالة تشير الى أن الاسرة الدولية تؤيد مبدأ خطوط 67، ولكنها مرة اخرى لا تشير ما الذي يراه الفلسطينيون انفسهم كحدود لهم. ومثلما في الخطاب، تشير الرسالة الى ان الطلب لنيل العضوية يأتي وفقا لحقوق اللاجئين الفلسطينيين حسب القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك وفقا لقرار 194.

من الجانب القانوني، ليس الفلسطينيون ملزمين بأن يشيروا في هذا الطلب للاعتراف بفلسطين كعضو في منظمة الامم المتحدة الى ما يقدرونه كحدودهم. ومع ذلك، فان الوثيقتين اللتين يتطرقون اليهما في طلبهم، أي قرار 181 (مشروع التقسيم من العام 1947) واعلان الاستقلال الفلسطيني من العام 1988 ليس لهما أي صلة بحدود 1967. اعلان 1988 صيغ بغموض مقصود في كل ما يتعلق بالحدود، في ظل اشارته الى "اقامة دولة فلسطين على اراضينا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف". مشروع التقسيم للعام 1947 أوصى بحدود، منحت ضمن امور اخرى كل الجليل وبئر السبع تقريبا للدولة العربية المقترحة وأخرجت القدس سواء من الدولة العربية أم من الدولة اليهودية. مشروع التقسيم في العام 1947 رفضه في حينه الفلسطينيون وعموم الدول العربية. وبالتالي فان حقيقة ان هاتين الوثيقتين هما الوثيقتان الوحيدتان اللتان يتطرق اليهما الطلب الفلسطيني الموجه الى الامم المتحدة في العام 2011، هي اختيار غير ناجح، اضافة الى كونها حقيقة تتحدى الرأي السائد والذي بموجبه تنازل الفلسطينيون بشكل رسمي عن كل مطالبة بالاراضي من الفترة التي سبقت شهر حزيران 1967. اضافة الى ذلك فان اعلان العام 1988 أشار بشكل صريح الى ان "دولة فلسطين هي دولة عربية، جزء لا يتجزأ وغير قابل للانفصام عن الأمة العربية". في ضوء هذا التصريح الفلسطيني، تصبح المسائل المتعلقة برفض الفلسطينيين العنيد الاعتراف باسرائيل بأنها الوطن القومي للشعب اليهودي، حادة على نحو خاص.

المسألة الهامة الاخرى التي تُفهم من الطلب الفلسطيني نيل الاعتراف بدولة هي المطالبة بأن اضافة الى الدولة الفلسطينية يجب أن يتوفر حل لمشكلة اللاجئين العرب "وفقا لقرار الجمعية العمومية للامم المتحدة رقم 194". هذا القرار من الامم المتحدة أوصى بأن "يُسمح للاجئين، المعنيين بالعودة الى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، عمل ذلك في أقرب وقت ممكن يكون فيه الامر قابلا للتنفيذ". ويعتقد الموقف الفلسطيني بأن تعبير اللاجيء ينطبق على أنسال اللاجئين، وبالتالي فانه يوجد الآن نحو 5 مليون لاجيء فلسطيني. وأشار الفلسطينيون في نفس الوقت الى أنهم لا يتوقعون من اسرائيل ان تستوعب عمليا 5 مليون عربي فلسطيني وأنهم مستعدون لاجراء مفاوضات على تطبيق هذه المسألة. ومع ذلك، فانهم يواصلون الطلب بأن تقبل اسرائيل مبدأ قرار الامم المتحدة 194 وأن توافق على ادارة المفاوضات حسب هذا القرار. يبدو انه في صيغة طلبهم من الامم المتحدة يشددون على ذلك كشرط لازب.

رغم ان النص يقيد ظاهرا المطالب الاقليمية الفلسطينية بحدود العام 1967، إلا ان مراجعة أكثر تدقيقا له تُبين الى ان التوجه الفلسطيني الى الامم المتحدة بطلب الاعتراف بدولة ينطوي على شروط ومطالب من شأنها ان تطرح مصاعب جمة في كل مفاوضات مستقبلية. في خطابه أمام الجمعية العمومية ذكر الرئيس محمود عباس مواضيع "القدس، اللاجئين الفلسطينيين، المستوطنات، الحدود، الامن والمياه" التي يجب اجراء مفاوضات عليها بين الطرفين. هذه المسائل يمكنها ان تسوى فقط بالمفاوضات، ورفع الطلب الفلسطيني الى الامم المتحدة، بعناصره المقلقة، لا يوشك على ان يجعل هذه المسيرة أكثر تبسيطا.