خبر اعتذارات للأسرى.. بقلم / توفيق أبو شومر

الساعة 09:25 ص|06 أكتوبر 2011

اعتذارات للأسرى.. بقلم / توفيق أبو شومر

بالأصالة عن نفسي وعن كثيرٍ من الشعب الفلسطيني المقهور، أتقدم إليكم أيها الأسرى الفلسطينيين بهذه الاعتذارات.

 

أعتذر لكم أيها المناضلون الأحرار عما فعلناه بكم في غيابكم، فقد قسَّمنا بطولاتكم ونضالكم ومعاناتكم بيننا، وحولناكم إلى شعارات وملصقات وبوسترات لنُزيَّن بكم جدراننا، وخيمات اعتصامنا، ومعاطف صدورنا الغالية،وإمعانا منا في تخليد ذكراكم حنَّطناكم كالتماثيل، وخزَّنا صوركم في مخازن أحزابنا، وكان غرضُنا نبيلا (لتزينوا صورنا في المناسبات الاحتفالية....ولتكنوا خلفيات لوجوهنا المصقولة وأجسادنا المغلفة بالألبسة الثمينة)!!

 

 ونظرا لغلاوتكم علينا فقد صنعنا من صوركم أشكالا وألوانا، منها الورقية المصقولة ، ومنها الجلدية الكبيرة الحجم، ومنها المنقوشة على طاقياتنا وقمصاننا وميدالياتنا، نحملها معنا لتبرزونا في المناسبات، ونكون قادرين على الحصول على مكاسبنا بخوارق صوركم وبهالات أسمائكم!

 

وقد حرصنا كل الحرص أن نحيط وجوهكم، ونغلف صوركم، بأعلام أحزابنا الفلسطينية فقط لا غير، ومنعنا منعا باتا أن نلفكم بأعلام فلسطين، لأن أعلام فلسطين تدخل ضمن الممتلكات العامة التي لا يحترمها أحدٌ في وطني، أما أنتم فملك لنا وحدنا!.

 

أعتذر لكم أيها المناضلون الأحرار عن تقصيرنا في حق أبنائكم وأمهاتكم، فنحن دوما نتيح لهن أن يشاركننا في كل المناسبات، فنحضرهن في حافلات خاصة، ونتركهن يحملن صوركم، ونصورهن ونرسل لكم نسخة من صورهن في كل مرة، أما النسخة الأخرى فتظل في أرشيفنا في صورة (فواتير وإيصالات)!! كدليل على أننا قمنا بالواجب، كذلك فإننا نُحضر لهن وسائل الإعلام لتصورهن وهن يبكينكم، وإذا أردتم الدليل فانظروا صورنا مع أمهاتكم وبناتكم وزوجاتكم، ونحن نرتدي أفخر الملابس وأربطة العنق الفاخرة، ونبتسم لكاميرات التصوير ولواقط الإذاعات المسموعة، أليس هذا دليلا قاطعا على أننا أدينا الواجب المفروض علينا نحوكم أيها الأبطال؟!.

 

أعتذر لكم أيها الأسرى الأحرار بالنيابة عن بعض زملائكم في الأسر، ورفاقكم في السجون، ممن سبقوكم إلينا، ولكنهم أرادوا أن يمحوا آثار السنوات الطويلة في الأسر فقرروا أن ينتقموا من العذابات والألم وذكريات الشبح والضرب والإهانة بعدم الحضور إلى أية مناسبة تذكرهم بكم ، وحجتهم ظهور طائفة من المرتزقة على أكتاف الأسرى، اسمهم ( مقاولو الأسرى) !

 

فقد كنا نراكم في عيونهم، ولكننا لم نعد نفعل ذلك فكثيرٌ منهم أخلفوا وعدكم، وخذلوا رجاءكم، واكتفوا من الغنيمة بالإياب، فصاروا يلتذون بهالات أسمائهم الجديدة، كمعالي الوزير، وسماحة الأمير، ودولة القدير، وشغتلهم المناصب والعقارات والتجارات، والسفرات والجمعيات والمؤسسات وما في حكمها، وكلها بالطبع تدخل في إطار ( النضال الوطني) !!

 

فهم مناضلو الألفية الثالثة، التي لم تتمكنوا أنتم من اللحاق بركبها، إذن فهم مشغولون اليوم بترتيب أمور حياتهم وفق ما تتطلبه هذه الألفية من نشاط!!

 

أعتذر لكم أيها الأحرار عن تقصير السياسيين والمسؤولين ورجال الحكومتين في حق أسركم وأهلكم، لأن الحكومات دائما لا تملك فائضا من المال قادرا على منح أسركم مرتبات تمكنهم من الحياة الكريمة، فما تتقاضاه أسركم في غيابكم ، يكفي ليبروزوا صوركم في إطار خشبي ، ويشتروا بما يتبقى منها بعض الألبسة وأرغفة الخبز!!

 

ولو كانت الحكومات والأحزاب والمؤسسات تملك فائضا من المال، يفيض عن تكاليف السفرات والمهمات للقادة والمسؤولين، وتكاليف الضيافات في الفنادق الفاخرة لأعضاء الوفود، وأثمان السيارات الفاخرة بالدفع الرباعي والثماني والتوربو، وقاهرات الصحراء!! ولو كنا نملك فائضا يفيض عن شراء العقارات والأملاك والشقق والأبراج، وتكاليف قصور أفراح أبنائهم وبناتهم، وأثمان باقات الورود الفاخرة، ونفقات المكاتب بالسجاد العجمي الفاخر!!

 

 ولو كنا نملك فائضا عن كل ما سبق، فإننا كنا ننوي أن نمنح أسركم رواتب شهرية مغرية!

 

اعذرونا أيها الأبطال حين نقصِّر في حق أسركم وأبنائكم، فما تقصيرنا إلا لأننا كرسَّنا كل جهودنا لنصرة الوطن، الذي هو وطنكم أليس كذلك؟!

 

دمتم (في سجونكم)  لنا فخرا وعزا، ولوطنكم رفعة وذخرا!!