خبر عديمو وعي -هآرتس

الساعة 10:46 ص|03 أكتوبر 2011

 

عديمو وعي -هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

 (المضمون: من الضروري ان يعترف الاسرائيليون والفلسطينيون معا بعضهم بعقائد وحق بعض - المصدر).

        يُذكر رد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وفرقة متحدثيه على الانتقاد الدولي للموافقة على خطة البناء في حي غيلو، بالطرفة عن الخادم الذي ضرب الملك على عجزه وفي الطريق الى المقصلة بين أنه ظن خطأ أن هذا كان عجز جلالة الملكة. ان التوجه الاسرائيلي الذي مؤداه انه يجوز لنا ان نفعل في القدس ما يحلو لنا، واحد من أعراض مرض خبيث يجعل الاسرائيليين يفقدون الوعي. تُبين خطبة الرئيس محمود عباس في الجمعية العامة للامم المتحدة أن الفلسطينيين ايضا أُصيبوا بالمرض اللعين ويعانون فقدان الوعي.

        ان الجانب الثاني من الاعتقاد اليهودي ان القدس كلها لنا، ولنا فقط – وفيها الحوض المقدس والمدينة القديمة والقرى الفلسطينية التي ضمتها اسرائيل عن رأيها هي – هو عدم معرفة بالصلة الاسلامية بالقدس. ان اسرائيل بتسويغها الملكية اليهودية لجميع أجزاء المدينة تحت راية "القدس الموحدة، عاصمة الشعب اليهودي الأبدية"، تمس بواحدة من العقائد المركزية للجيران. فالفلسطينيون يرون عدم الاعتراف بصلتهم بالقدس معناه محو هويتهم. ومحاولة اقناع مسلم تقي بأن الحديث عن عقيدة ولدت في القرون الاخيرة فقط، تساوي محاولة اقناع يهودي حريدي بأنه يجوز أكل الخنزير في يوم الغفران. ان المقابر مليئة بناس جادلوا عقائد دينية وقومية.

        ذكرتني المناكفة بين نتنياهو وعباس بالمرأة التي اعتادت ان تتمنى لابنها العاق ان يعامله أبناؤه ذات يوم كما يعاملها. وحينما كان الولد المسكين يسمع هذا الدعاء كان ينفجر ببكاء مرير. فالفلسطينيون بدل أن يُبينوا للاسرائيليين وللعالم كله انهم يحترمون (لا يقبلون بالضرورة) عقائد الجيران، يقلدون سلوكهم. تساءل نتنياهو في خطبته الطويلة في الامم المتحدة لماذا يأبى الفلسطينيون الاعتراف بحق الشعب اليهودي بدولة على ارض اسرائيل. ولم توجد كلمة اعتراف واحدة – ولن نقول عطف – بحق الفلسطينيين الطبيعي في دولة في تلك المساحة من الارض.

        ليست المسألة مسألة نسيان. فقد حرص نتنياهو في خطبة بار ايلان ايضا على ألا يتطرق ولو رمزا، الى حقوق الفلسطينيين التاريخية. وتحدث في نفس الوقت عن صلة الشعب اليهودي بأرض اسرائيل وعن الفلسطينيين باعتبارهم "مجموعة سكان تعيش هنا". أي انهم بعبارة اخرى مشكلة سكانية ينبغي ان يوجد لها حل. وأوضح عباس انه ايضا لا يقتل القُمل في كل ما يتعلق بانكار عقيدة الجيران والمس بمشاعرهم. فقد تحدث الزعيم الفلسطيني عن الارض المقدسة باعتبارها ارض النبيين عيسى ومحمد لكنه "نسي" سيدنا موسى.

        أوضح شخص ما ان موسى لم يحظ بدخول الخطبة لأنه لم يحظ بدخول ارض الميعاد، ربما، لكنهم لا يدخلون قلوب اليهود على هذا النحو ولا باعلانات ان المستوطنين اليهود لن يكون لهم موطيء قدم في فلسطين. هل الفلسطينيون معنيون باستنساخ قوانيننا الجديدة التي ترمي الى دفع المواطنين العرب عن بلدات يهودية؟ ان زعم بعض الساسة الفلسطينيين ان الهيكل لم يكن موجودا على جبل الهيكل في القدس ألبتة صورة مرآة لاستخفاف معسكر اليمين اليهودي بقدسية الحرم الشريف للمسلمين. والحقائق التاريخية التي تعتمد على نتائج أثرية صلبة ليست ذات صلة بشؤون من هذا القبيل ايضا.

        ان الاعتراف المتبادل بالحقوق التاريخية والعقائد الدينية للشعبين لا يقل أهمية عن كيلومترين أو ثلاثة مربعة، وعن محطة انذار اخرى أو عدد اللاجئين الذين سيُسمح لهم بالعودة الى بيوتهم. ان عدم الاعتراف بشرعية عقائد الغير يفضي الى عدم اعتراف بالمرض الذي يهدد وجود التوأمين السياميين. فهو يغذي توجه "لا شريك" ويفضي الى طريق مسدود.

        لكن الاعتراف المتبادل الرسمي يجب ان يكون نتاج تفاوض سياسي الى جانب مسيرة مصالحة وتربية على السلام، حقيقية، وإلا سنصبح مثل الرجلين اللذين أُلقيا في بئر في قصيدة الشاعر الوطني الفلسطيني محمود درويش. فبدل ان يتعاون الاثنان على انقاذ أنفسهما أمسك أحدهما برقبة صاحبه لا يتركها حتى حينما كانت أفعى سامة تزحف نحوهما.