خبر العرب صاروا يهودا- يديعوت

الساعة 09:21 ص|02 أكتوبر 2011

العرب صاروا يهودا- يديعوت

بقلم: ايتان هابر

مرة، قبل عشر سنين وأكثر، كتبت هنا شيئا يشبه "العرب صاروا يهودا – اليهود صاروا عربا"، ونشأ هياج مرير من قبل اليهود ومن قبل العرب، فقد زعم الجانبان حدوث إهانات شديدة، لكنني أقول اليوم ان تلك المقالة كانت صادقة وانها سبقت زمانها.

تبرهن جميع الدلائل على انه بعد 63 سنة دامية تعلمت الدول العربية حولنا جميع الدروس الممكنة في مجالات الردع والانذار والحسم، وهي تستعمل اليوم استعمالا حكيما تأليفا بين النشاط السياسي والاستعداد العسكري. قد تكون الذكرى السنوية لحرب يوم الغفران هذا الاسبوع، تاريخا صحيحا لذكر هذه الحقائق المغضبة. ومن يغضبون من نشر كهذا كانوا سيخرجون عن طورهم آنذاك ايضا – قبل 38 سنة – لو أننا كتبنا ما عرفناه، حينما طلبوا الينا ألا نذعر الضباط والساسة من مجاثمهم.

وباختصار: كانت السياسة الاسرائيلية خلال سنين مبنية على الردع، فاذا فشل فعلى الانذار واذا لم يثبت هذا والعياذ بالله للامتحان فقد كنا نملك قوة الحسم. فماذا فعل أعداؤنا؟ تعلموا معادلة بقائنا وهم يعلموننا الآن بأصعب طريقة علينا.

يحصل اولئك الأعداء على درجة عالية جدا في امتحان الردع. فنحن نستطيع ان نتذاكى وان نطبخ أنفسنا بعصارتنا لكن دولة اسرائيل في هذه الايام مردوعة من جهة سياسية وقانونية وتخشى ردعا اقتصاديا، وبحق. ومن الحقائق التي نشرت ان اسرائيل أرادت كما يبدو أن ترد ردا شديدا في المدة الاخيرة في غزة وجاءت من مصر رسالة لا لبس فيها مؤداها ان نشاطا اسرائيليا شديدا قد يسبب هياجا وردودا شديدة على اسرائيل. في الماضي خرجت اسرائيل لحربين في لبنان ولعملية "الرصاص المصبوب" في غزة ولم تقع السماء على الارض في القاهرة.

أنحن مردوعون من جهة قانونية؟ لم يولد حتى الآن في قيادة الدولة والجيش الاسرائيلي من يريد أن يمتحن المحكمة الدولية في لاهاي. ومن الحقائق أن جنرالا كثير المعارف لم ينزل من الطائرة في لندن حينما انتظره شرطيان عند تفتيش جوازات السفر. أنحن مردوعون اقتصاديا؟ لسنا كذلك حتى الآن لكننا نستعد: فعشرات الشركات الاسرائيلية تعمل في العالم من فروع وهمية، بلا ذكر أصل المنتوج وبلا كلمة واحدة بالعبرية بيقين.

أما وضعنا في مجال الردع فليس أفضل: فذات مرة قبل يوم الغفران الفظيع ذاك، كانت الجيوش حولنا محتاجة الى زمن طويل نسبيا لاستعدادات لا يمكن اخفاؤها، وهو ما مكّن الجيش الاسرائيلي من الاستعداد (وفشل بالطبع، في تلك الحرب). واليوم على أثر تعلم الدروس، اختارت الجيوش العدو حولنا سلاح الصواريخ من اجل تقصير أو إبطال قدرة الجيش الاسرائيلي على الردع. ففي مكان ما هناك قرب دمشق في سوريا، وعلى ضفتي الليطاني في لبنان، أو في أزقة رفح، سيضغط شخص ما على الزر وهكذا ستعلم اسرائيل انها تحت هجوم بالصواريخ. ان كميات كبيرة من وسائل القتال تتدفق من ايران عن طريق السودان الى سيناء وغزة وعن طريق دمشق الى لبنان. ونظام الصواريخ في سوريا من أكثر وأكثف الانظمة في العالم. ومن المهم ان نعلم ان وسائل القتال في الدول حولنا هي "آخر كلمة"، وأكثرها امريكية حديثة: فبواسطة السلاح تسيطر الولايات المتحدة على الجيوش حولنا ويخيل اليها انها بذلك تسيطر على الدول أنفسها.

وفي مجال الحسم تعلمت الجيوش العربية ان تحاول احباط أساس السياسة التي قُررت مبادؤها على يدي بن غوريون وهي نقل الحرب الى ارض العدو فورا. اذا حدثت هنا حرب صواريخ ارض – ارض فلا توجد قيمة كبيرة جدا للقضاء على فرقة مدرعة. ان عدد الضحايا في الجبهة الداخلية، والدمار الكبير سيحددان المنتصر في الحرب. ويحاولون هناك إفشال قدرة الجيش الاسرائيلي على المداورة البرية بـ "تبطين" الميدان بسلاح مضاد للدبابات حديث جدا ونزول تحت الارض. فقطاع غزة وجنوب لبنان نفق كبير.

والاستنتاج انه يمكن اذا نشبت حرب والعياذ بالله ان تكون أطول مما عرفنا ويمكن ان تجري على ارضنا. وهذا ما قلناه أولا وهو ان العرب يحاولون ان يصيروا يهودا وربما ينجحون ايضا.

هذه المقالة لا ترمي الى التخويف، ولا ينبغي على أي حال من الاحوال ان تُنسب الى الحرب لتقليص ميزانية الدفاع بل أردنا أن تعلموا فقط.