خبر المهووس أم المجنون -معاريف

الساعة 09:19 ص|02 أكتوبر 2011

المهووس أم المجنون -معاريف

بقلم: بن كاسبيت

(المضمون: في الجدال أيهما أفضل إسلام طهران أم إسلام اردوغان فاني لا أزال أفضل اسلام الزعيم التركي، مع التشديد على كلمة لا أزال - المصدر).

        في نهاية كل جدال في الموضوع التركي، ويخاض غير قليل من هذه الجدالات في الزمن الاخير، يأتي السطر الاخير: الطرف الذي يؤيد الاعتذار الاسرائيلي ومحاولة المصالحة مع القوة العظمى الاسلامية، يسأل الطرف الاخر: "أي اسلام افضل – اسلام طهران أم اسلام اردوغان؟". هذه هي الورقة التي بشكل عام ترجح الكفة في صالح مؤيدي النهج المتصالح حيال مطالب رجب طيب اردوغان. واضح ان تركيا افضل من ايران، أليس كذلك؟ ومع ذلك، فدولة شبه غربية، شبه اوروبية، عالمية الفكر، منفتحة على العالم، ديمقراطية، عضو في الناتو، لا تدعو الى إبادة اسرائيل، لا تنكب على تطوير وسائل الدمار الشامل، تعيش بين أمم العالم بسلام نسبي.

        إذن ها هو معطى يشغل البال: حسب تقرير حديث العهد لمعهد الصحافة الدولية، يستند الى تقرير مفصل لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا، فان تركيا تتصدر العالم في عدد الصحفيين المتواجدين في السجن. المرتبة الاولى، تعود، دون منازع، لسلطة اردوغان التي تحتجز في هذه اللحظة قيد السجن ما لا يقل عن 57 صحفيا. وهيا لا ننسى بان هذا سجن تركي. بالمناسبة، المرتبة الثانية تتقاسمها ايران والصين، مع 34 صحفي لكل منهما. وهذا يعني ان عدد الصحفيين المحبوسين في تركيا يكاد يكون ضعف عدد المحبوسين في ايران، الحكم الفردي الاسلامي الظلامي. وفضلا عن ذلك: حسب ذات التقرير، تتخذ ضد 700 حتى 1.000 صحفي تركي آخر في الفترة الاخيرة اجراءات قضائية كهذه أو تلك من جانب السلطة يمكن أن تؤدي الى حبسهم أو التضييق على خطواتهم. ولم نتحدث بعد عن مئات الضباط الكبار الذين اعتقلهم نظام اردوغان على نحو مفاجيء مؤخرا بتهمة التخطيط لانقلاب عسكري، والاستقالة المفاجئة لكل قادة أذرع الامن قبل بضعة اسابيع.

        ماذا يحصل في تركيا؟ سؤال ممتاز. صحيح، سطحيا، في كل تردد بين اردوغان واحمدي نجاد لا مجال لاي تردد: المجنون التركي أفضل من المهووس الفارسي. اردوغان على الاقل يلعب بقواعد اللعب الدولية. المشكلة الوحيدة هي ان الحقائق لا تستوي دوما مع هذا التفضيل. حسب معلومات وصلت الى أصحاب القرار في اسرائيل، ففي لقاء اردوغان مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، في اثناء الجمعية العمومية في نيويورك، طلب التركي على نحو تظاهري ادراج اللغة التركية ايضا كلغة رسمية في الامم المتحدة. وهذا يضاف الى باقي أحابيل رئيس الوزراء التركي، وقرعه طبول الحرب ضد نصف العالم وتهديدات المميزة التي أصبحت غريبة بعض الشيء في الزمن الاخير (بالضبط مثلما لدى الحاخام عوفاديا: اردوغان يتخبط وبعد ذلك رجاله يشرحون بانه لم يفهم على نحو سليم، لم يترجم بدقة، لم يقصد وما شابه. يكاد لا يمر يوم لا يهدد فيه اردوغان قبرص أو يفرض اغلاقا بحريا على اسرائيل أو يدق طبول الحرب حيال اليونان او يطلق بعض الغضب على الاسد (في هذه الحالة على حق) او مجرد يتورط بقول عديم المنطق، بعد ذلك يتبين أنه اخرج عن سياقه.

        حسب احدى الروايات، التي لا يوجد لها سند بالادلة، فهو ليس مستقرا نفسيا تماما. حسب رواية اخرى، فانه يتعرض لتأثير قوي من وزير خارجيته داوداغلو الذي يعتبر المنظر الاسلامي المتطرف لديه، ومن جهة اخرى للتأثير المتوازن من جانب الغرب، وبالاساس الولايات المتحدة. اردوغان يتمزق بين هذين النهجين، ولهذ فانه يتذبذب بانفلات عقال بين الغرب والشرق وهكذا دواليك.

        في كل الاحوال واضح أن تركيا التي سميت ذات مرة "الرجل المريض في اوروبا" تكسب اليوم باستحقاق لقب "الرجل غير المستقر في الشرق الاوسط". اردوغان ملزم بان يفهم بان استمرار هذه الصيغة لن تضيف له شرفا، والامر الاهم بالنسبة له في العالم، كما شرح لنا، هو الشرف. هذه المكانة لن تمنحه اياه ايضا. من يرغب من أن يكون قوة عظمى اقليمية ملزم، أولا وقبل كل شيء، بان يبدي الاستقرار، الاعتدال والثبات.

        ونحن؟ على الرغم من ذلك ورغم كل شيء، بين طهران واردوغان لا أزال افضل اردوغان. ولكن بالوتيرة الحالية، فان التشديد هو على كلمة "لا ازال".