خبر ستكون هذه سنة رائعة- يديعوت

الساعة 08:58 ص|28 سبتمبر 2011

ستكون هذه سنة رائعة- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: الحكومة الاسرائيلية تتشبث بالوضع الراهن الذي هو أفتك أعداء اسرائيل – المصدر).

        أُمر ركاب الطائرة بشد الأحزمة، لكن رئيس الحكومة اختار التجاهل، فاجتاز المسافة بين القسم الاول الذي هُييء له ولزوجته خاصة، وهذه رواية "إل عال" موجهة الى الخيمة في روتشيلد، ومر بطائفة مستشاريه وأفراد دعايته وبلغ الى متنها. "سنة خير"، تمنى للصحفيين الذين غطوا زيارته وأضاف "مصدر رزق جيدا".

        من اللذيذ العودة الى البلاد من امريكا البائسة التي تئن تحت نسب بطالة عالية ترفض الانخفاض، وازمة اقتصادية عميقة وشلل سياسي. ومن اللذة الطيران فوق اليونان المفلسة التي تجر وراءها الاتحاد الاوروبي كله الى بئر. قياسا بما يحدث في العالم، فان اسرائيل جزيرة كلها خير وهي جنة عدن. ووزير المالية الذي هو ضيف على الطائرة تقلقه في الأساس حقيقة ان الركاب اشتروا من أفضل السلع في متاجر نيويورك الكبيرة وظلموا دولة اسرائيل 16 في المائة من ضريبة القيمة المضافة.

        الشعب لا يطلب شيئا فحاله حسنة. واحتجاج الصيف برد في أمطار الخريف. وهنا وهناك ما تزال توجد خيام في أطراف المتنزهات، تبدو مثل رزمة نسي شخص ما أخذها، أو مثل صور في الفيس بوك لرحلة كانت منذ زمن. يقترح البروفيسور تريختنبرغ تعديلات لسياسة الحكومة الاقتصادية. وروح توصياته تناقض مناقضة تامة تصور رئيس الحكومة العام، لكن هذا لا يعوق رئيس الحكومة عن تبني التوصيات فورا وكأنه أبو عذرها، وكأنه ينوي تنفيذها فورا حينما يتفرغ من الهجوم الدعائي القادم على العدو المناوب للدولة اليهودية – أبو مازن أو اردوغان أو تسيبي لفني.

        اليوم مساء العيد. ينظر الناس الى الأمام، الى اربعة ايام الحالة الجوية فيها مريحة، والى وجبات عيد عائلية، وألعاب كرة قدم من دوري الابطال. فليس هذا وقت إسماعهم نبوءات غضب. فالله الذي يهتم بكل شيء وبأنبياء الغضب ايضا، أوجد من اجلهم يوم الغفران.

        ان السنة التي تنتهي اليوم تترك وراءها عددا من المواريث للسنة القادمة. ان النظم العسكرية في العالم العربي سقطت أو تحارب حربا تدافع فيها عن بقائها. فالحاضر للجمهور في الشارع والمستقبل، في شبه يقين، للاحزاب الاسلامية. سيكون أصعب على اسرائيل ان تتوصل الى تطبيع مع عالم عربي كهذا.

        ان كثيرين في اسرائيل يتقبلون هذا المسار بنوع من الرضى. فالجمهور الذي يشاغب قبالة مبنى سفارة اسرائيل في القاهرة يثبت ما اعتقدوه في العرب دائما. فقد أصبح صنع نظام في الذهن أسهل وأبسط، فهم العدو ونحن الضحية. يمكن أن نعود الى الايام الطيبة التي سبقت اتفاق السلام مع مصر وان نسمي كل حاكم مسلم "طاغية" و"قاتلا" و"كاذبا". وقد أصبح رئيس حكومتنا يفعل هذا فضلا عن وزير الخارجية. ان خطبهما تُكتب الآن من تلقاء ذاتها دون جمل مركبة ودون "لكن" و"مع ذلك" و"برغم ذلك". انهما يسميان الاشياء بأسمائها.

        سنكون في العالم الذي أورثتناه في السنة الماضية قلعة الغرب في عالم شرقي، وقلعة الديمقراطية في عالم استبداد، وقلعة سلامة العقل في عالم مجنون، وقلعة الحضارة اليهودية النصرانية في عالم مسلم. سيرى جيل جديد من الاسرائيليين صور اعضاء منظمة "هشومير"، متعممين بكوفية وعقال ولن يصدق انهم يهود. سيسمع بحلم الشرق الاوسط الجديد لشمعون بيرس ولن يصدق. وستُروى له حكايات رحلات كانت ذات مرة الى البتراء وجرش والجيزة وأسوان. سيحلم الاسرائيليون بشرق من نوع آخر، مثل ناس ديوان رئيس الحكومة الذين نسجوا وقت زيارته منهاتن حلم ان يسافروا الى الشرق الى كوينز ويزوروا قبر الحاخام ميلوفوفيتش، وعادوا من هناك متأثرين.

        العداء محرر. كلما استطالت قائمة الدول التي تتجهم لاسرائيل سهُل علينا أكثر أن نكشف عورتها. ان رئيس الحكومة، في خطبته الجارفة في الجمعية العامة للامم المتحدة خط الطريق قائلا ان العالم معاد للسامية. والعالم يُنسي المحرقة، والعالم يريد إبادة اسرائيل. في السنة القادمة سنرسل كتائب من خبراء الدعاية الى خارج البلاد للبرهان على ان العالم كله ضدنا ولن نهدأ حتى تحقق النبوءة نفسها. وفي السنة القادمة علينا سنكون عادلين، عادلين طوال الوقت. سيلبس بيبي ثوب غولدا ونلبس جميعا ثوب غولدا ونشعر شعورا تاما بأننا اخلاقيون.

        كانت الدولة الفلسطينية مطمح نفس رئيس الحكومة في أول سني حكمه. وأبعد السير الى جامعة بار ايلان ليقول هذا. دولة فلسطينية لا ليستريح الفلسطينيون بل كي يستطيع الاسرائيليون اقامة ديمقراطيتهم اليهودية في المستقبل من غير ان يسيطروا على حياة شعب آخر ومن غير ان يجعلوا العالم يشمئز منهم. لكن في السنة المنصرمة تحولت الدولة الفلسطينية من هدف الى تهديد. تسلك حكومتنا سلوك تلك المرأة من تلك القصة التي أخذت جرة من جارتها، وحينما طلبت الجارة الجرة قالت: أ. لم آخذ الجرة. ب. لم تكن لك قط وج. كُسرت منذ زمن.

        كانت حكومتنا تريد ان تقوم في السنة القادمة بحرب باردة على السلطة الفلسطينية. سيجري أبو مازن في عواصم العالم ويُشهر باسرائيل وسنعاقبه هنا: سنحث مجلس النواب الامريكي على وقف مساعدته، وسنأخذ اموال ضريبة القيمة المضافة منه ونسلبه بطاقات الشخصيات الهامة. واذا تحولت الحرب الباردة في مرحلة ما الى حرب ساخنة فسيكون وحده المذنب.

        أورثت السنة المنصرمة الاسرائيليين ميراثا عزيزا آخر وهو الاحتجاج الاجتماعي. كانت الشعارات التي رفعت في المظاهرات ثورية، لكن النغمة كانت مهادنة وبرجوازية وغير ثورية بصورة واضحة. كان ذلك احتجاج مزاج نفسي في أحسن معاني المصطلح: فقد سعى الى تغيير في الجو العام وترتيب الافضليات وقواعد اللعب، ولم يكن الذي أحدثه الجوع في الخبز بل خيبة أمل جيل شاب يرى كيف يقدم الجهاز السياسي آخرين على حسابه؛ ولا يرى بخلاف أجيال سابقة كيف يستطيع ان يبلغ حياة أفضل وأكثر إرضاءا من حياة والديه. لا تستطيع أية لجنة ان تمحو خيبة الأمل هذه بمجموعة توصيات، ومن المؤكد ألا تفعل ذلك لجنة التزمت سلفا ألا تخرق اطار الميزانية.

        الاحتجاج يحتقر السياسة والساسة. كان ذلك حسنا في السنة الماضية. وسيمتحن هذه السنة بقدرته على التأثير من الخارج والداخل، في الجهاز السياسي وإلا فسيحدث في المجال الاقتصادي والاجتماعي ما يحدث في المجال السياسي، أي: التمسك بالوضع الراهن والجمود والفساد. كان الوضع الراهن وما يزال بين جميع أعداء اسرائيل في سني وجودها الـ 63 أحد أفتكها. فهو يقتل الطموح الى غد أفضل ويقتل الأمل.

        وعدو آخر أقل فتكا هو القدرة الخطابية. ان رئيس حكومتنا الحالية يمتاز جدا في هذا المجال وبالانجليزية خاصة. ان الخطبتين اللتين خطبهما، في مجلس النواب الامريكي في أيار وفي الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك في يوم الجمعة الاخير، حصدتا تشجيعا واضحا، ولم تخزيا تراثا طويلا لزعماء تنقيحيين وخطباء كبار.

        الكلمات مثل المخدر: نستعملها في البداية ثم نُدمن. ان الكلمات هي ما تورثه حكومتنا للسنة القادمة من السنة الماضية.