خبر ورطة أمريكيَّة في مواجهة الربيع العربي / د. محمد مورو

الساعة 08:31 ص|28 سبتمبر 2011

ورطة أمريكيَّة في مواجهة الربيع العربي / د. محمد مورو

نقلًا عن الأستاذ شريف الغمري في جريدة الأهرام المصريَّة، فإن المفكر الأمريكي المعروف ناعوم تشومسكي –وهو بالمناسبة يهودي غير صهيوني ولا يؤيِّد إسرائيل– يرى أن الثورات العربيَّة عمومًا والمصريَّة خصوصًا تسببت للولايات المتحدة الأمريكيَّة في ورطة كبيرة.

قال تشومسكي في برنامج تليفزيوني: "أن الدول الغربيَّة ومنها الولايات المتحدة الأمريكية والحلفاء الأوروبيون سوف يبذلون كل ما في وسعهم لمنع ازدهار ديمقراطيَّة حقيقيَّة في مصر يمكن أن تصل بها إلى مصاف الدول المتقدمة صناعيًّا.

ويضيف تشومسكي "أن الحكومة الأمريكيَّة ظلت تساند ديكتاتوريَّة حسني مبارك حتى آخر لحظة إلى أن تأكد نجاح الثورة وسقوط النظام".

ويفسر تشومسكي ذلك التأييد للديكتوتوريات العربيَّة من جانب الولايات المتحدة الأمريكيَّة بأن الولايات المتحدة تفضل دائمًا نوعًا من الاستقرار الذي يحقِّق الخضوع للولايات المتحدة حتى لو كان هذا الاستقرار عن طريق أنظمة حكم ديكتاتوريَّة، وأن دعم الولايات المتحدة للديكتاتوريات ومعاداتها لأنظمة الحكم الديمقراطيَّة ليس جديدًا على الولايات المتحدة الأمريكيَّة فقد حدث هذا في شيلي من قبل إبان حكم الرئيس المنتخب سلفادور الليندي، الذي أطاحت به الولايات المتحدة الأمريكيَّة لحساب نظام ديكتاتوري يحافظ على مصالح الولايات المتحدة.

وقال تشومسكي أيضًا: "إن الأمريكيين كان لديهم إحساس بأن شيئًا ما سوف يقع في مصر، ولكنهم كانوا يرون أنه سوف يقتصر على نوع من الاحتجاجات يتمّ قمعها عن طريق أجهزة النظام، وأن الأمر لن يصل إلى حالة الثورة.

ووفقًا لشهادة تشومسكي فإن الأمريكيين قد فوجئوا بالثورة ثم بنجاحها، وكانوا يدعمون الديكتاتوريات، فضلا عن كونهم لا يريدون ازدهار الديمقراطيَّة في مصر وغيرها من الدول العربية بل يريدون نظامًا يحافظ على نفس قواعد اللعبة الإقليمية والدوليَّة ويحقق لهم مصالحهم، ومن ثم سوف يمنعون -وبكل قوة- تحقيق مصر والمنطقة نهضة صناعيَّة.

وهكذا فإن تشومسكي أكَّد على حقائق كانت معروفة أصلًا، ولكن يتم تأكيدها مرة بعد أخرى، فالغرب لا يريد لنا النهضة لا على الأساس الإسلامي ولا حتى على الأساس العلماني، وأن أمريكا والغرب منافقون بشأن الديمقراطيَّة، فهم في حقيقة الأمر معادون للديمقراطيَّة، سواء في إطار دعمهم للأنظمة الديكتاتوريَّة التي سقطت، أو في محاولتهم منع ازدهار الديمقراطيَّة في المنطقة.

وأخشى ما يخشاه الأمريكيون حسب الأستاذ شريف الغمري في الأهرام أن تظهر سياسة خارجيَّة جديدة لدول المنطقة تختلف عن تلك التي كان يتبعها الحكام الديكتاتوريون الذين سقطوا.

وبكلمة أخرى فإنه إذا كانت السياسة الخارجيَّة لدول المنطقة تدار عن طريق حكم عسكري أو ديكتاتوري أو حكم لا يأخذ في اعتباره الرغبة الشعبيَّة، فإن ذلك مريح وملائم لكل من أمريكا وإسرائيل، ولكن إذا دخل الشعب في المعادلة، وشارك في رسم معادلة السياسة الخارجية لدول المنطقة، فإن ذلك يعد خطرًا كبيرًا على المصالح الأمريكيَّة ومستقبل إسرائيل، بل والكثير من التوازنات الإقليميَّة والدوليَّة، وهذا ما سوف يحدث إن شاء الله تعالى، لأن المارد قد خرج من القمقم، ولن يعود مرة أخرى.