خبر الأمن علق في الحائط.. معاريف

الساعة 03:27 م|27 سبتمبر 2011

بقلم: عوفر شيلح

(المضمون: في دولة غير مستعدة لان تقرر سلم الاولويات في أمنها، فان كل تقليص سيمس بشيء حيوي – وذلك لانه لا توجد في اسرائيل استراتيجية أمنية يستمد منها سلم أولويات أمني تقرره الميزانية المتوفرة - المصدر).

كل حديث مع ضابط كبير في الجيش الاسرائيلي هذه الايام يصل الى التهديد بالتقليص في ميزانية الدفاع، على خلفية الاحتجاج الاجتماعي وتقرير تريختنبرغ. وبلغت الامور ذروتها أمس في النشر المستدعى جدا والذي يقول ان التقليص سيمس، وكيف لا، بالاماكن الاكثر ايلاما: بطاريات مخطط لها لمنظومة "قبة حديدية"، لن تنشر، تطوير منظومات دفاع اخرى مثل الطراز المتطور لصاروخ "حيتس" و "عصا سحرية" سيتوقف، ولن يكون المال لتزويد رجال الاحتياط بالعتاد. باختصار، الجيش الاسرائيلي سيتوقف.

مطلوب القول للضباط ان يكفوا عن التهديد وان يذهبوا الى العمل. مطلوب ايضا الذكر بانه في المرات السابقة التي هددوا فيها بتقليص في الميزانية الشيكلية، أعلن جهاز الامن بانه سيبدأ بشراء الملابس من أموال المساعدات الامريكية، ودور الخياطة في اسرائيل ستغلق. مطلوب ولكن سهل جدا.

المشكلة في اقوال الضباط ليست في أنهم يخيفوننا عبثا، بل بالذات في أنهم محقون: ففي دولة غير مستعدة لان تقرر سلم اولويات في أمنها، كل تقليص من شأنه أن يمس بشيء حيوي – ان أحدا لا يقرر ما هو الحيوي وما ليس حيويا.

حكومة اسرائيل، من خلال وزير الدفاع، هي القائد الاعلى للجيش الاسرائيلي والمسؤولة عن امن مواطني الدولة. هي التي ينبغي أن تقرر سلم الاولويات، ليس فقط في اطار الميزانية بل وفي اهدافها ايضا: ما هو المهم في الامن نفسه؟ لماذا سيمس التقليص في منظومات دفاعية صرفة، مثل "حيتس" او "عصا سحرية"؟ لعل ما ينبغي هو تقليص الملاكات أو التخلي عن مشاريع اخرى؟ لماذا الضابط، وليس المسؤول عنه المنتخب فوقه هو الذي يقرر اذا كان سرب الطائرات أهم من دبابة جديدة، قدرة استخبارية أو تدريبات؟

من أجل هذا ينبغي القول، مرة واحدة والى الابد، ما هو الامن. لا أن يقدم الجيش سيناريو موقف"، يتضمن بشكل طبيعي كل تهديد محتمل، وبعد ذلك يتقرر منه مشروعا، ومشروعا آخر، وحدة ووحدة اخرى.

الحكومة تقرر، بعد نقاش معمق ما هي الاهداف الاستراتيجية لاسرائيل، وبعد ذلك تستخلص من هذه الاهداف الجيش الذي تحتاجه: حجمه، عتاده، نظريته القتالية.

هذا لن يحصل، ليس بسبب قوة الضباط بل بسبب هرب الوزراء الذين لا يريدون أن يقرروا لا في بناء القوة ولا في استخدامها.

في حرب لبنان الثانية، قال وزير كبير في حكومة اولمرت، لم يتخذ قرار بشن الحرب بل اقرت حملة وحملة اخرى، هكذا 34 يوما. كما ان ميزانية الدفاع تبنى بذات الطريقة، من تحت الى فوق وليس العكس، إذ لبنائها كما ينبغي مطلوب من المسؤولين أخذ المسؤولية الحقيقية.

ذات مرة سألت رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في حينه ماذا كان سيفعل بميزانية اضافية. أعطني مليار شيكل آخر، قال الرجل، وسأعرف كيف أحمي اسرائيل من القاعدة.

أنا واثق أنه قال الحقيقة، انطلاقا من الرغبة الصادقة للضابط في أداء المهامة التي ضمن مسؤولياته. ما العمل في أن منظمة القاعدة، التي رجالها كانوا لا بد سيفرحون اذا ما اختفت اسرائيل لم يكن في حينه وليسوا اليوم ايضا تهديدا جدير بانفاق مليار شيكل عليه. غير أن هذا لا ينبغي أن يقرره رئيس شعبة الاستخبارات: عليه أن يرسم خريطة التهديدات، وعلى القيادة السياسية، بتفكر اقتصادٍ له ميزانية، ان تقرر ماذا يستحق انفاقه وعلى ماذا.

في الدرس الاول للمقدمة في الاقتصاد، يتعلم الطلاب مشكلة النقص: في عالمنا لا يوجد ما يسمى يوجد كل شيء لكل الناس وكل الوقت. ما أن يكون هذا واضحا، واضح ايضا انه يجب تحديد سلم أولويات وتوزيع المقدرات بما يتناسب مع ذلك.

في كل ما يتعلق بالامن، توجد في اسرائيل كذبة مزدوجة: الجهاز نفسه يتصرف وكأنه لا توجد مشكلة نقص، الى ان يصطدم بالحائط. والمسؤولون يتصرفون وكأن الحائط هو مشكلته.