خبر رئيس بنك الدم.. هآرتس

الساعة 03:27 م|27 سبتمبر 2011

بقلم: اسحق ليئور

(المضمون: الولايات المتحدة منذ سنين طويلة دولة استعمار وقمع وإحداث فظائع في العالم فليس من السهل وسياستها هذه السياسة ان تحاول الضغط على اسرائيل لانهاء الاحتلال في المناطق المحتلة كما يأمل أنصار السلام الاسرائيليون - المصدر).

أخربت الولايات المتحدة كوريا الشمالية وفيتنام، تحت حكم ديمقراطي وجمهوري؛ وأخربت العراق، تحت حكم جمهوري، ولم يعارض الديمقراطيون ولم ينسحبوا من هناك ايضا، وبدأت في افغانستان حربا انتقلت بالوراثة من الجمهوريين الى الديمقراطيين وستستمر سنين اخرى.

منذ الحرب العالمية الثانية لم تقف صناعة الحرب الامريكية قط عن النمو. وقد حذر آيزنهاور في خطبته الوداعية قبل خمسين سنة حينما أخلى البيت الابيض لكنيدي، من قوة صناعة السلاح الامريكية المتعاظمة: "علينا الاحتراس من كسب تأثير لا تسويغ له لمجموع صناعات السلاح... فاحتمال نمو قوة مدمرة ليست في محلها قائم ودائم". وتتحقق نبوءته كل يوم.

في الخمسين سنة الماضية نمت هذه الصناعة واتسعت جدا، وتشتمل على ميادين اقتصادية بعيد بعضها عن بعض. لم تكن نبوءات انحطاط الولايات المتحدة باعتبارها القوة العظمى سابقة لأوانها جدا، لكنها اصطبغت احيانا بصبغة مشاهدة عرض مسرحي. فالقوى العظمى لا تنزل عن المسرح وتهاتف لتهنئة المنتصر بتهذيب انجلوسكسوني.

الاقتصاد الامريكي متعلق بآلة الحرب الضخمة، وسياسة السلام التي يؤيدها فريق من الديمقراطيين تقوم في الحقيقة على اقتصاد مختلف، لكن هذا الطريق طويل ومرهق ويبدو ان الانتصار على الصين والهند في هذا الميدان أصعب. حتى ان الرئيس الذي كان رمزا حتى قبل ان يفعل شيئا باعتباره رئيسا وحصل على جائزة نوبل للسلام لأنه جسد تحقق حلم مارتن لوثر كينغ فقط، لا يملك خطة جيدة لمواجهة معطيات عدم النمو والبطالة وليس لديه رد حقيقي على تهاوي امريكا.

حينما يُستبدل رئيس مصرف، ولنقل بنك العمال مثلا، فليس محتملا ان تتغير سياسة استثمارات البنك من النقيض الى النقيض. ورئيس الولايات المتحدة يشبه رئيس مصرف ضخم، والفروق الكبيرة بينه وبين خصومه تصبح قزما حقا حينما نطل عليها من مستنقعات الدم والاعضاء المقطعة في فيتنام والعراق أو حتى عندنا.

منذ سنين يعلق "معسكر السلام" الاسرائيلي آمالا على رئيس امريكي يأتي ويخلصنا من الاحتلال. وهذه الحماقة تصوير ايضا للتعلق الاسرائيلي الشامل بالولايات المتحدة. من السهل أن ننسى انه لا توجد أية دولة في العالم حصلت على هدية مقدارها 100 مليار دولار منذ تم انشاؤها قبل 63 سنة. ومن السهل أن ننسى ان دولة اسرائيل منذ عقود هي القناة التي تمول الادارة عن طريقها صناعة السلاح الامريكية، أي ان المال الذي يخرج منها يمر عن طريق اسرائيل عائدا الى تلك الصناعات. ويسهل على حمائمنا الحبيبة ان ينسوا ان المشروع الاسرائيلي هو قبل كل شيء آخر، مشروع استعماري تستمر الولايات المتحدة بواسطته في حكم المنطقة سواء باعتباره سوطا (قصف عمق مصر وهدم بيروت وتجويع غزة) أم باعتباره جزرة ("سنضغط عليهم اذا كنتم لطفاء معنا").

صحيح من البائس ان نرى "محرري ليبيا" ينكرون الاستبداد العسكري الذي عمره 44 سنة في فلسطين. وصحيح انه من البائس ان نوازن بين الرمز اوباما والآمال التي كان من السهل تعليقها عليه من بعيد خاصة، وبين المعنى الحقيقي للرمز. لكن المشايعة الامريكية عند معسكر السلام الاسرائيلي أكثر بؤسا. فناسه مثل فقراء على الأبواب يقومون ويقولون للبيت الابيض القائم على الكثير جدا من القمع والفظائع في أنحاء العالم: لا تكن متشددا بل ساعدنا لنصبح عادلين.