خبر أيلول الرمادي -هآرتس

الساعة 07:07 ص|26 سبتمبر 2011

أيلول الرمادي -هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: سيكون الشأن فيما يُستقبل لمقدار تصميم الاوروبيين على أن يحلوا محل الولايات المتحدة في حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ومبلغ مشاركة الروس في حله ومقدار تفرغ أبو مازن وتحرره من الضغوط الفلسطينية الداخلية - المصدر).

        مدة اشهر طويلة، أعد ساسة ومحللون الجمهور لما أسماه اهود باراك "تسونامي" سياسيا امنيا. ان المحاولة الفلسطينية لتدويل الصراع قد انتهت حتى الآن الى رذاذ مضايق. ونؤكد قولنا "حتى الآن"؛ فقد بين الزعيم الفلسطيني محمود عباس في خطبته في الجمعية العامة ان البديل الوحيد عن اعتراف الامم المتحدة بدولتين في حدود 1967 هو دولة واحدة بين البحر والاردن. ان المهرجان في نيويورك ورام الله قصر أيام الكيان المسمى "سلطة فلسطينية"، التي تحولت من تسوية مؤقتة الى مقاول دائم للسلطة الاسرائيلية. وقد نجح عباس في دحض نبوءة – أمل شفتاي شبيط الذي كان رئيس الموساد قبل عشر سنين بأن المشكلة الفلسطينية ستزول عن برنامج العمل الدولي مع ذهاب ياسر عرفات.

        ان التوقعات والمخاوف قُبيل ايلول الاسود أخلت مكانها في نهاية الاسبوع لايلول رمادي آخر من الاتصالات الدبلوماسية ورتابة الاحتلال في المناطق. في خطبة وقع عليها افيغدور ليبرمان "بيديه كلتيهما"، في مفتتح جلسة الجمعية العامة للامم المتحدة، كشف الرئيس براك اوباما عن السلام لا يُحرز بخطب في الجمعية العامة للامم المتحدة حتى ولا باقتراحات قرار في مجلس الامن. ونسي الرئيس الامريكي أن يذكر أن السلام لا يُحرز ايضا بقرارات الرباعية. فقد مرت ثماني سنين ونصف منذ قدمت الرباعية الدولية الرفيعة "خريطة الطريق" الى حكومتي شارون وعرفات. وفي تشرين الثاني 2003 صوت مجلس الامن بالاجماع مؤيدا طلب الرئيس بوش تبني هذه الخطة المفصلة (القرار 1515). وفي نهاية الاسبوع أصبحت "خريطة الطريق" والقرار 1515 سطرا آخر في اعلان نشرته الرباعية في نيويورك مع انقضاء معركة الديوك بين محمود عباس وبنيامين نتنياهو.

        مجد نتنياهو في خطبته موافقته الشاذة على التجميد (الجزئي) للبناء في المستوطنات مدة عشرة اشهر. هذا شاذ يؤكد القاعدة وهي ان اسرائيل تستهين بقرارات الرباعية، مثل طلب تجميد المستوطنات في "خريطة الطريق". وقد قضت "خريطة الطريق" بأن يبلغ الصراع الاسرائيلي الفلسطيني نهايته حتى نهاية سنة 2005. وينقل الجدول الزمني المحدث للرباعية هذا الأجل سبع سنين الى الأمام – الى نهاية 2012. ويحسن أن نتنبه الى ان الرباعية لم تحدد للتفاوض سنة "كاملة" من يوم الاعلان، بل سنة وثلاثة اشهر واسبوعا. وليس هذا عرضا. في كانون الاول 2012 سيعلم اوباما هل انتُخب لولايته الثانية في البيت الابيض أم يكون في ذروة الفترة الانتقالية قُبيل تسليم الرئيس المنتخب العصا. ومهما يكن الامر فسيكون اوباما في كانون الاول 2012 محررا من تقديرات الانتخابات ويستطيع أن يُقدم لنتنياهو حساب الجزر الكثير الذي حصل عليه هذا من يديه. يتوقع في تلك الايام ان تُجرى الانتخابات للكنيست التاسعة عشرة. وقد أسهمت أزمات في العلاقات برؤساء امريكيين مرتين في اسقاط الليكود من الحكم.

        وكذلك فان قرار الرباعية ايضا على تخصيص شهر للاعداد للتفاوض ليس عرضيا: فالفلسطينيون يطمحون الى جعل التصويت في الجمعية العامة يقع في التاسع والعشرين من تشرين الثاني وهو ذكرى قرار انشاء دولة يهودية الى جانب دولة عربية (خطة التقسيم). ويمكن أن نجد اشارة الى توقعات اوباما ورفاقه في الرباعية من نتنياهو في الاشهر القريبة في ذكر قرار الرباعية الدولية في العشرين من أيار على تبني خطبة الرئيس قبل ذلك بيوم، وهي الخطبة التي قال فيها ان التفاوض يجب ان يقوم على حدود 1967 مع تعديلات حدودية متبادلة متفق عليها. والى ذلك نزل الامريكيون عن اعتراف الرباعية غير المباشر بشرعية المستوطنات كما طلبوا في اللقاء السابق في شهر تموز.

        ليس الشيطان موجودا الآن في تفصيلات التسوية؛ بل يمكن ان نستدل عليها بمقالة نشرها اهود اولمرت الاسبوع الماضي في صحيفة "نيويورك تايمز" (فبخلاف كلام نتنياهو قال اولمرت ان عباس لم يرفض اقتراحه قط، وكتب انه يجب على نتنياهو ان يعود الى التفاوض على أساس الاقتراح نفسه). يختبيء الشيطان في مقدار تصميم الاوروبيين على تبؤ مكان الولايات المتحدة في رأس الهرم وفي مقدار مشاركة الروس الذين أخروا نشر اعلان الرباعية حتى تقديم الطلب الفلسطيني الى الامين العام للامم المتحدة. فهل ينجحون في الاستمرار في العرض، مؤملين ان تُخلي السياسة الامريكية الداخلية في اثناء ذلك مكانا للسياسة الخارجية ايضا؟ وهل يكون لخريطة الطريق دليل موجه نافذ الأمر؟ وهل تُمكّن السياسة الفلسطينية أبو مازن من ابتلاع ضفادع اخرى في مكاتب السلطة؟ وهل كسب نتنياهو سنة اخرى في الطريق الى صراع اقليمي عنيف؟.