خبر الفلسطينيان: المفاوض والمناهض على..

الساعة 07:19 ص|24 سبتمبر 2011

الفلسطينيان: المفاوض والمناهض على..

 بقلم:  علي عقلة عرسان  

أيها الفلسطينيون.. أما تعبتم بعد من الركض وراء السراب الأميركي؟ أم ما زال يدفعكم الخيار المزمن الذي يقول بأن 99% من أوراق حل قضية فلسطين هي بيد الولايات المتحدة الأميركية؟ الأميركي هو الصهيوني رقم 2 وفي حالات خاصة يقفز إلى الرقم 1 والصهيوني يجد أن ن حقه لطبيعي أن يسوس المجتمع لأميركي ويتدخل في القرارات، ولم يكن مفاجئاً أن اطلع على كلمة الرئيس أوباما قبل أن يلقيها في الأمم المتحدة يوم 20 أيلول الجاري وباركها. وحتى لا نذهب بعيداً في التفسير نحيل على مقرب من تنياهو أجاب على سؤال إذاعة أميركية قبل أيام: " لماذا تتدخل إسرائيل في التأُثير على العملية الانتخابية الداخلية الأمريكية؟ حيث قال: لأننا نعتبر أنفسنا أمريكيين وليس فقط إسرائيليين!! والأميركيون يذهبون إلى أبعد من ذلك ويعتبرون أنفسهم إسرائيليين وليس فقط أميركيين.. وأنموذج ذلك التهديد الذي أطلقه عضوا الكونغرس الأميركي في واشنطن اريك كانتور والنائب الديمقراطي ستانلي هويير حيث قالا: ".. إن الكونغريس لن يقف مكتوف اليدين إذا قدم عباس الطلب بضم دولة فلسطينية إلى الأمم المتحدة بصفة دولة عضو." مهددين بإجراءات أولها قطع المساعدات والبل على الجرار..إلخ.

 

الأميركي هو العدو الأول لمن يقول بحل عادل لقضية فلسطين، وهو الذي يعلن في كل الأوقات ومن كل المنابر أنه " يتعهد بحماية دولة إسرائيل وبتفوقها عسكرياً على العرب ولمسلمين مجتمعين وبرفاه شعبها..إلخ" وهو الذي يضعها فوق القانون المساءلة ويمول عدوانها واستيطانها احتلالها.. ويتضح ذلك لكل ذي بصر وبصيرة حين يراجع تاريخ الإدارات الأميركية المتعاقبة.

 

والأميركي يمارس كل أنواع الخداع والكذب والضغط والتآمر، ويقوم بالعمل المشروع وغير المشروع، ليجعل من " إسرائيل المحتلة، ذات السجل الإجرامي البشع الذي يفوق السجل النازي بكثير، وهو سجل غير مسبوق في ممارسة إرهاب الدولة إضافة إلى إرهاب المنظمات والمؤسسات والأفراد.. منذ جرائم الهاغانا وليحي وإيتسل.. وحتى آخر جرائم ما يُسمى جيش الدفاع الإسرائيلي الذي قتل الجنود المصريين في سيناء قبل أسابيع.. ليجعل منها، حتى وهي تعتدي و تحتل وتحاصِر غزة وتقوم بقرصنة في البحار وترتكب أفظع الجرائم وتمتلك أكبر ترسانة عسكرية وأسلحة نووية: " دولة محاطة بالأعداء، وتواجه الصواريخ والتحريض، وإن كل مخاوفها الأمنية مشروعة" كما قال الرئيس أوباما في خطابه الأخير أمام الأمم المتحدة في نيويوركL20 أيلول/سبتمبر 2011الساعة 10:12 بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وهو الرئيس الذي نسج على منوال سابقيه في وصف كل عدوان " إسرائيلي" بأنه دفاع مشروع عن النفس؟! وساهم كما ساهم سابقوه بخداع الفلسطينيين وتوفير الفرص أمام الصهاينة ليستوطنوا فلسطين كلها، ومول الاستيطان وعزز القدرات القتالية للكيان الصهيوني، ووفر ويوفر كل أنواع الدعم المالي والعسكري والسياسي والدبلوماسي للاحتلال، وهو الذي يشارك اليهود الذين يسيطرون على معظم توجهات الإعلام في العالم بتزييف الحقائق والوقائع ليبقى الصهيوني فوق المساءلة وفوق القانون.

 

إن الطلب الذي وضع أمام مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 23 أيلول 2011 لمنح فلسطين مكانة الدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة سيقابل بالفيتو الأميركي، إذا لم تتمكن إدارة أوباما من جعله لا ينال تسعة أصوات في المجلس.. وعلى الرغم من أنه طلب لا طائل من ورائه في هذه الحالة، إلا أنه سيكشف حقيقة الموقف الأميركي لمن ما يزال يبحث عن تلك الحقيقة بعد عقود من الزمن ومئات من المواقف المؤيدة مجاناً للعدوان والاحتلال والإرهاب الصهيوني، وسيفضح النفاق الأوربي والتبعية الأوربية للولايات المتحدة الأميركية أكثر مما هي مفضوحة، وسيضع العرب في الزاوية بوصفهم كتلة لا حول لها ولا قوة من جهة، ومتفرقة على الرغم من مظهر الوفاق والاتفاق من جهة أخرى، وسيظهر كم هي الثقة منعدمة أو مزعزعة بين الأطراف العربية، الأمر الذي يتسبب في ضعف الموقف العربي وهزاله. وسيتضح من هذا الموقف في مجلس الأمن الدولي ـ ولا نتكلم عن الأمم المتحدة التي قرر الرئيس عباس ألا يقدم الطلب إليها، مع توفر أكثرية ساحقة تمكن من الوصول إلى قرار إيجابي يشكل خطوة على الطريق ـ سيتضح أن الفلسطيني في قبضة المساعدات والمناورات والتنازلات والخلافات..إلخ، أي في قبضة عدوه الصهيوني أو الأميركي أو من يحكمه الصهيوني والأميركي على نحو ما، وأن القرار العربي في قبضة التبعية، تزلزله الخلافات المستحكمة، وحقيقة إعطاء العرب ظهورهم لقضية فلسطين منذ مؤتمر فاس، والتملص من المسؤولية عنها شيئاً فشيئاً، بوصفها قضية قومية مسؤولية قومية أيضاً، بل المساهمة في إجهاض تلك القضية من خلال الانحياز إلى قرار أو رؤية أو خيار يعطل أي خيار أو حل للقضية وهو خيار المفاوضات العقيمة والتنازلات الدائمة، ووضع كل شيء يتصل بالقضية تحت جناح الولايات المتحدة الأميركية وبرعايتها، وهي العدو الأول لحقهم في فلسطين، والعدو الأول لشعب فلسطين وقضيته العادلة.. وأنهم على الرغم من مبادرتهم السلمية عام 2002 التي رفضها الصهيوني ولأميركي وماتت في المهد، قد ساهموا هم في نقض معمارها ودفنها حين اعترفوا بدولة للكيان الصهيوني على أرض فلسطين المحتلة قبل الرابع من حزيران 1967 من دون أن يحصلوا على اعتراف منه أو من "حلفائه.. حلفائهم" الغربيين بدولة للفلسطينيين على ما تبقى من أرض وطنهم التاريخي فلسطين.؟!

 

 إن مجلس الأمن سيماطل في بحث الموضوع، وستنتهي فرص تقديم القضية إلى الهيئة العامة للأمم المتحدة، وسيجعل ذلك بعض أصدقاء تلك القضية، إن لم نقل معظمهم، يصاب بحالة إحباط، ويتعزز لديهم الشعور بانعدام ثقته بالمجموعة العربية وبالمسؤول الفلسطيني، لأنهم رأوا الذبذبة الحاصلة في مواقفهم، والنكوص كلما جد الجد وتم الحشد ووضع السكين على المفصل.

 

لقد كان بإمكان العرب عامة والفلسطينيين خاصة جعل قضية فلسطين حاضرة بقوة في الهيئة الدولية ومنظماتها لو أنهم فتحوا باب الخيارات أمام الشعب العربي في مجال قضية هي قضيتهم المركزية في نضالهم الحديث، والقضية التي لن يكتب لهم تقدم ونهوض ما لم يحسموها لصالحهم بكل الطرق والوسائل الممكنة.. ولكنهم اختاروا أن يكونوا متخاذلين وتابعين، حتى حين ترتفع أصوات احتجاجاتهم في ممرات المنظمات والهيئات الدولية، وحين ترتفع في كثير من فضائياتهم، سلاحهم الحديث الذي يمكن أن يخترقه أو يستأجره أعداؤهم ببساطة متناهية ويوجهونه إلى صدورهم.؟!

 

لقد قال الرئيس أوباما في خطابه الأخير أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة: ".. إن السلام الدائم - للدول والأفراد - يعتمد على حس العدالة والفرص، الكرامة والحرية. ويعتمد على الكفاح والتضحية، على التسوية، والشعور بالإنسانية المشتركة." ولم ير للسلام وجهاً في لجوء الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة التي يدعو ميثاق تأسيسها إلى " توحيد القوى للمحافظة على السلام والأمن الدوليين".. لتعطيهم سلاماً وتحفظ لهم كرامة وتحميهم من القتل، وقال لهم: ".. الدولة الفلسطينية تقوم فقط عن طريق المفاوضات وليس بطريق مختصرة.. وأن أي قرار من الأمم المتحدة لن يغير ذلك."؟! عجباً كيف يفهم الرئيس هذه المنظمة ودورها؟ وكيف يلوي أعناق الكلم والقيم والحقائق والوقائع لينصر إسرائيل المعتدية على الشعب الفلسطيني المظلوم؟! .. ويا ليت الفلسطينيين يستفيدون من هذا الدرس، درس أوباما الذي توسم فيه العرب والمسلمون خيراً عندما جاء إلى البيت الأبيض وتكلم من القاهرة واستانبول، فيتوافق الفلسطيني المفاوض مع الفلسطيني المعارض أو المناهض للنهج الحالي، على أن يكون هناك اتفاق على جعل الخيارات كلها مفتوحة أمام الفلسطيني ولعربي الذي يسانده، بما فيها خيار المقاومة، وألا يكون هناك فلسطيني أوباما وفلسطيني فلسطين، وأن يعملوا وفق مبدأ: " اعتماد الكفاح والتضحية.." الذي ذكره الرئيس أوباما نفسه في كلمته، وذلك من أجل الوصول إلى العدالة والكرامة بعد أن سدت الطرق أمام الخيارات الأخرى واتضح للعالم كله وليس للفلسطينيين والعرب والمسلمين فقط أن طريق أوسلو والمفاوضات والتنازلات لن تؤدي إلى حل عادل لأعدل قضية على وجه الأرض بقيت تدور في أروقة الأمم المتحدة من دون حل منذ إنشاء الأمم المتحدة تقريباً وحتى اليوم.؟! ويا ليت العرب يقفون وراء هذا الخيار بدلاً من أن يقف بعضهم وراء الخيارات الأميركية والغربية التي هي خيارات ووجهات صهيونية ضمناً، لكي يكون الدم الذي يراق في أرضهم، بأيديهم وبأيدي أعدائهم، دم يبذل من أجل أعدل قضية، قضية فلسطين، ويصب في مجرى العدالة والتحرير والحرية والكرامة الإنسانية، ويساهم في وضع حد:

ـ  لاستعمار استيطاني عنصري صهيوني غير مسبوق في جرائمه وعدوانه ونوعه وهمجيته.

 ـ ولمعاناة مزمنة امتدت قوداً من الزمن.

ـ  ولتفتيت وتخريب للبنية الاجتماعية والنضالية والأخلاقية للمجتمع العربي ولأنظمته التي أصبح الكثير منها يعتمد على رضى العدو ودعمه في بقائه في الحكم، ويعمَد إلى لجم إرادة شعبه وكبح إرادة الحرية والتحرير والكرامة لديه.

إن مثل هذا التوجه يليق بنا بوصفنا أمة ذات تاريخ نضالي وراقة حضارية، ويحسن بنا أن نتخذه عملاً بالحق الذي نعرفه ونفهمه وندرك سبل الوصول إليه جيداً، وإنفاذاً لشريعتنا ولشرعة حقوق الإنسان التي تعلي شأن الدفاع عن النفس والأرض والحق والمقدسات، وعملاً بالمادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي نصت على أن "جميع الناس يُولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق".. وهو مصداق قول ابن الخطاب عمر، قبل ما يقرب من 1400 سنة: " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"؟.