خبر خطاب أوباما أحد حلقات التحالف الاستراتيجي التاريخي مع إسرائيل

الساعة 10:36 ص|23 سبتمبر 2011

خطاب أوباما أحد حلقات التحالف الاستراتيجي التاريخي مع إسرائيل

 بقلم:أ. رأفت حمدونة

"أنا مقتنع بأنه لا توجد طريق مختصرة لإنهاء نزاع قائم منذ عقود. السلام لا يمكن أن يأتي عبر بيانات وقرارات في الأمم المتحدة، ولو كان الأمر بهذه السهولة لكان قد أنجز على التو".

" لن نسمح بالمساس نهائيا بالضمانات الامريكية لامن اسرائيل، والعلاقات مع اسرائيل عميقة جدا ، اسرائيل محاطة بجيران خاضوا معها حروب ويهددونها بالحرب، لذلك كل اتفاقية سلام يتم التوصل لها يجب اخذ احتياجات اسرائيل الامنية في هذه الاتفاقية، وان اسرائيل تتعرض باستمرار وعلى مدار اليوم لتهديدات امنية  "

هذه هى الكلمات التى اكد عليها الرئيس الأمريكى الرابع والأربعين براك أوباما من على منصة الأمم المتحدة قبيل خطاب الرئيس أبو مازن وقبيل نية التصويت على الدولة الفلسطينية.

كلمات تنم عن تحالف استراتيجى تاريخى مع الدولة العبرية ، وعن رؤية منحازة ومبررات غير ميدانية بل لها جذور وأسس ليس لها علاقة بالرؤساء ومواقفهم وأصولهم ولون بشرتهم بل لها علاقة بالمصالح الكبرى وبالدين وبتأثير اللوبى الصهيونى على الرئيس والكونغرس وكل مسسات الدولة وماكنة الاعلام المتطرفة فيها .

خطاب أوباما لم يأت بجديد فيما لو قورن بمحطات تاريخية ومواقف سياسية سابقة لرؤساء أمريكا بل فقط الجديد هو الموقف الأمريكى المخالف ليس للفلسطينيين فحسب بل للمنظومة الدولية برمتها .

أعتقد أن العلاقة القائمة بين اسرائيل وأمريكا أكبر من رغبات العرب والمسلمين وعلى العرب أن يتذكروا أن أمريكا استخدمت ما يزيد عن  33 مرة الفيتو ضد قرارات مجلس الأمن التي تدين إسرائيل وتعد بالفيتو الأخطر وهو تقرير مصير الشعب الفلسطينى وتحقيق حريته وحقوقه التاريخية والمشروعة ، كما أعاقت جهود الدول العربية لوضع الترسانة النووية الإسرائيلية على أجندة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي أكتوبر 1973 هرعت الولايات المتحدة لإنقاذ إسرائيل وأيدتها في مفاوضات السلام، ولعبت دورا رئيسيا لصالح اسرائيل في مفاوضات أوسلو 1993؛ حيث نسقت مواقفها مع إسرائيل ودعمت التناول والرؤية الإسرائيلية للمفاوضات وقدمت الدعم العسكرى والسياسى والمالى فى كل الاتجاهات.

كما وأن اسرائيل نجحت في عصر ادارة بوش حتى آخر قطرة مستغلة الأزمات وبعثرة الاوراق والحرب على ما سماه بالارهاب ولقد حققت اسرائيل مكاسب كثيرة على الصعيد الأمني والاستراتيجي وأقامت الكثير من الجسور والدعائم لامنها القومي فى الثمانى سنوات الأخيرة ، كما وأن التعاون استمر بين اسرائيل والولايات المتحدة رغم عدم الرضى الامريكي من ادارة اسرائيل للامور والازمات خلال فترة الحرب على لبنان، ووفرت الادارة الامريكية المظلة رغم المخاطر وامكانية تدهور الاوضاع خلال الهجوم الجوي الاسرائليي على سوريا وضرب الموقع المشتبه به داخل الاراضي السورية، كما أن الكثير من الانجازات الامنية والعسكرية الخاصة بالدعم المادي الامريكي تم تحقيقها في فترتي ولاية الرئيس جورج بوش.

ومهم الذكر أن جذور التحالف الأمريكى الاسرائيلى يبدأ منذ موافقة الرئيس " وودرو ويلسون " (1913-1921) _ صاحب النقاط الأربعة عشرة الشهيرة ، في رسالة سرية أرسلها إلى وزارة الحرب البريطانية على وعد بلفور ، وإلى موافقة الكونغرس الأمريكي في 30 يونيو 1922_ في عهد " وارين هاردنج " (1921-1923) على الانتداب البريطاني على فلسطين ، فإن الرئيس الأمريكي " هاري ترومان " (1945-1952) قد أرسى حجر الأساس للإنحيار الأمريكي لإسرائيل ، برغم تحذير أركان إدارته من خطورة هذا الإنحيار على العلاقات الأمريكية العربية وقتذاك . ومع عهد الرئيس " ليندون جونسون " (63-1969) بدأت حقبة جديدة من السياسة الأمريكية تتسم  بالإنحيار التام لإسرائيل على مستوى الرئاسة والكونغرس معاً . وقد استمرت هذه السياسة في عهود الرؤساء " نيكسون " و " فورد " و " كارتر " و " ريغان " و " بوش " " وكلينتون " وبوش الابن " حتى وصلت إلى براك أوباما الآن .

 

أما عن مبررات الدعم كما تسوقها أمريكا للدعم فهى :

-  وجود ملايين اليهود في الولايات المتحدة سبب في إيجاد أذان صاغية لتطلعات اليهود  وكذلك كون لهذه التطلعات صلة بما هو مكتوب في التوراة وما قيل عنه في أقوال الأنبياء.

فكرة إقامة الدولة اليهودية أثارت تأييد خاص في قلوب الأمريكان بسبب الكارثة التي لحقت بهم خلال الحرب العالمية الثانية وتم النظر إلى تأييد اليهود وكأنه تعويض العالم عما أصاب اليهود من معاناة جراء هذه الكارثة التي ألمت بهم ومنحهم ملجئ.

ففي أواخر السبعينات تبلور اللوبي الصهيوني كقوة سياسية ذات نفوذ وسلطان تملك الوسائل المالية والإعلامية الكفيلة بتحقيق أهداف إسرائيل على الساحة الأمريكية . ومع تزايد ثقته بنفسه وبقدرته على تحقيق أهدافه اتجه ذلك اللوبي إلى  تبنى سياسة تقوم على مكافأة الأصدقاء ومعاقبة الخصوم وعدم التورع عن تجاوز المحظورات في سبيل الوصول إلى الهدف . وإذا كان نصيب الأصدقاء والعملاء قد شمل الحصول على التبرعات المالية السخية والدعاية المغرضة والتشكيك في النزاهة والملاحقة في مكان العمل والأذى الشخصي .

إن تزايد قوة اللوبي الصهيوني ونجاحه في خلق مراكز النفوذ داخل مؤسسات  الدولة الرئيسية وأجهزة ووسائل الإعلام جعل إسرائيل الطفل الملل الذي لا يرفض له طلب والحليف الإستراتيجي الذي يستحل أن يرتكب الأخطاء . وكما قال بول فندلى عضو الكونغرس السابق " أصبحت كل الأعمال التي تقوم بها إسرائيل ينظر إليها متصرفات في مصلحة أمريكا " ، الأمر الذي جعل القيام بنقد إسرائيل عملاً ضد المصلحة الأمريكية  .

ومهم الذكر أن هناك  مجموعة من العوامل دفعت في اتجاه جعل ضمان أمن إسرائيل يمثل مصلحة أساسية للولايات المتحدة الأمريكية ، فهناك نوع من الارتباط  العضوي بين إسرائيل والولايات المتحدة يتمثل في وجود قيم مشتركة وتواصل ثقافي بين المجتمعين الأمريكي والإسرائيلي . كذلك فإن الدور الذي تلعبه جماعات المصالح اليهودية في الولايات المتحدة .

ووسائل الإعلام الأمريكية ، قد خلق بيئة سياسية مؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة ورأياً عاماً معروفاً بتعاطفه وتأييده القوى لها فضلاً عن ذلك ، فإن ضمان أمن إسرائيل كانت له أهمية في الإستراتيجية

الأمريكية في المنطقة في فترة الحرب الباردة . ففي ظل ظروف الصراع الأمريكي – السوفياتى كانت لإسرائيل قوية – من وجهة النظر الأمريكية – كان يضمن للولايات المتحدة مصالحها في المنطقة في مواجهة أي تهديد من دون حاجة إلى تدخل عسكري أمريكي مباشر لحماية هذه المصالح.

-  منحت الولايات المتحدة تأييدها لإسرائيل لكونها أيضا امة ديمقراطية ومجتمع يفيض بقيم الحرية وثقافة الغرب الديمقراطية إسرائيل حظيت بتأييد خاص كونها كانت عمليا إحدى الديمقراطيات النادرة من بين الدول الجديدة التي تم تأسيسها منذ الحرب العالمية الثانية كون تجربتها استنهضت ذكريات تجربة الولايات المتحدة.

-  إسرائيل كما هي الولايات المتحدة هي امة مهاجرين من أماكن مختلفة، أناس تركوا دول لا تسمح بدخول ضيوف إليها ووصلوا إلى شواطئ جديدة  تشجعوا بها لبناء مجتمع عادل وحر" حسب تعبير المفكرين اليهود".

-  وحتى روح الطلائعيين اليهود الذين بنوا إسرائيل يذكروا بالروح التي سادت أمريكا خلال فترة صباها وإنجازات الروح الطلائعية اليهودية في مجالات الاقتصاد والمجتمع والعلوم والجيش حظيت بتقدير كبير في الولايات المتحدة الذي يقدس مجتمعها الإنجاز والتقدم.

-  التأييد الاقتصادي الأمريكي لإسرائيل تعاظم بسبب الاهتمام العميق والنشط الذي أبدوه يهود الولايات المتحدة لدولة إسرائيل ولجعلها مفتوحة الأبواب لهجرة اليهود إليها.

-  وزاد اهتمامهم بسبب زيادة روح العداء العربي الذي يهدد وجود هذه الدولة وبهذا رأينا كيف تعاظمت روابط العاطفة العارمة

 

 

 

 

 

 

 

 مع إسرائيل والرغبة في مساعدتها من قبل كل يهود أمريكا دون أي اعتبار إلى ماضيهم أو مكانتهم أو أصولهم الطائفية لعلاقة يهود أمريكا مع إسرائيل ساعدت في نسج علاقة منظمة بين دولتهم مع إسرائيل  .

- أحداث 11 سبتمبر وقضية محاربة الارهاب استطاعت اسرائيل أن تجيرها على أن الدولتين يستهدفهما الارهاب وعلى الطرفين نواجهة هذا الخطر  .

 

تجليات التحالف الأمريكي الاسرائيلى

تعد إسرائيل أكبر متلق للمعونة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية المباشرة سنويا منذ عام 1976، وهي أكبر متلق لإجمالي المعونات منذ الحرب العالمية الثانية. وفي عام 2003 بلغ إجمالي المعونة الأمريكية المباشرة لإسرائيل ما يزيد عن 140 مليار دولار. ومن ناحية أخرى تحصل إسرائيل كل عام على 3 مليارات دولار في شكل مساعدة خارجية مباشرة، وهو ما يساوي تقريبا خمس ميزانية المساعدات الخارجية الأمريكية. وبمقاييس الدخل القومي، فإن كل إسرائيلي يحصل من الولايات المتحدة على أكثر من500 دولار سنويا رغم أن إسرائيل تصنف على أنها دولة صناعية.

ووفق التحالف قامت الولايات المتحدة بدعم إسرائيل فى عدة اتجاهات أهمها :

 

الدعم العسكرى

شهدت إدارة الرئيس " جون كيندي " (61-1963) عقد أول صفقة سلاح أمريكي مع " إسرائيل " بقيمة (22) مليون دولار ، وكان ذلك في عام 1962 . وقد ظلت المعونة العسكرية الأمريكية لإسرائيل متواضعة حتى مجئ " جونسون " إلى سدة الرئاسة حين بدأت في التصاعد بشكل سريع . ومنذ العام 1986 تحصل " إسرائيل " على معونة عسكرية أمريكية رسمية " معلنة " تقدر بنحو (1,8) مليار دولار سنوياً ( وهذا الرقم يعادل نحو 36,2%  من مجمل ميزانة برنامج المعونات العسكرية الأمريكية في المتوسط ) . وقد درجت الإدارات الأمريكية المختلفة على" مكافأة " " إسرائيل " في أعقاب  كل عدوان تقوم به هذه الأخيرة ، فبعد حرب 1967 ارتفعت المعونة العسكرية بنسب عالية (7 ملايين دولار عام 1967 ، ثم 25 مليون دولار عام 1968 ، ثم 85 حصولها  على (307,5) مليون دولار قبل الحرب . وفى أعقاب غزو لبنان قفزت المعونة العسكرية السنوية إلى(1.4)مليار دولار ، ثم إلى (1,7 ) مليار دولار . وفى أواخر العام 1985 وفى أعقاب عدوان " إسرائيل  " على مقر منطقة التحرير الفلسطينية ، أقر الكونغرس معونة إضافية مقدارها (1,4) مليار دولار . وبعيد عدوان " إسرائيل " على لبنان في إبريل 1996عززت إدارة " كلنتون " دعمها العسكري ، إلى " إسرائيل " بأشكال مختلفة . وفى الإجمال ، يقدر إجمالي المعونات العسكرية الأمريكية المعلنة لإسرائيل منذ قيامها وحتى العام 1996 بنحو (42 مليار دولار ) ، علماً بأن هذه المعونات صارت _ منذ العام 1984 وإبان عهد ريغان _ على شكل منح لا ترد ، كما أن فوائد الديون العسكرية السابقة على ذلك التاريخ خفضت بقرار إداري من " ريغان " في ديسمبر 1986.

 

التعاون الإستراتيجي بين الولايات المتحدة و " إسرائيل " :

ولد هذا التعاون _ إبان فترة حكم ريغان (82-1988) _ بعدما أدركت الولايات المتحدة صعوبة تنفيذ الصيغة الأمريكية لحلف دفاعي استرتيجى تشارك فيه جميع الدول الصديقة(*)

في المنطقة . لقد رأت الإدارة الأمريكية أن أضمن وأسرع الطرق إلى حماية مصالحها في المنطقة هو الطريق الإسرائيلي . وقد عزز هذا التوجه انتعاش الحرب الباردة بين القطبين الأمريكي والسوفيتي _ مع مجئ ريغان للحكم _ وبروز دور" إسرائيل " العسكري والأمني خاصة بعد خروج مصر من حلبة الصراع .

بينما كانت كل الإدارات الأمريكية المتتابعة تبدى استعدادها للتجاوب مع الطلبات الإسرائيلية قامت إدارة ريغان بتجاوز حدود المعقول في دعمها لإسرائيل . إذا على الرغم من حصول لإسرائيل على كل  ما طلبته من معونات اقتصادية وعسكرية وتقانية قامت الحكومة الأمريكية عام 1981 بتوقيع " اتفاقية التفاهم الإستراتيجي" بين الطرفين . وبناء على تلك الاتفاقية التزم الطرفان بتوثيق مجالات التعاون ، بخاصة في المجال العسكري ، الأمر الذي قاد إلى تبلور تحالف إستراتيجي استخدمه إسرائيل في الحصول على المزيد من المعونات العسكرية والدعم السياسي . وقد كان من نتائج ذلك الاتفاق تشجيع إسرائيل على السير في طريق العدوان والتوسع على حساب البلدان العربية المجاورة . إذ بعد أسابيع قليلة من توقيع ذلك الاتفاق أعلنت إسرائيل ضم الجولان التي كانت قد احتلتها عام 1967 . وفى منتصف عام 1982 قامت القوات العسكرية الإسرائيلية بغزو لبنان (**) .

وقد ظهر هذا بعد توقيع وزيري الدفاع في البلدين ( كايسبر واينبجر) و(اريل شارون) في واشنطن على " مذكرة التفاهم الإستراتيجي " في 30 نوفمبر 1981ثم على اتفاقية التعاون

 

وبموجب هاتين الاتفاقيتين انتقلت " إسرائيل " من موقع " التبعية " للولايات المتحدة إلى " موقع الشراكة " ، وذلك من خلال تأكيد البلدين على أن التعاون بين البلدين " تعاون متبادل " . وكان مما تم  الاتفاق عليه في هذا المجال: تبادل المساعدات  العسكرية ، إجراء مناورات عسكرية مشتركة ، التعاون في مجال البحث والتطوير في  مجال الصناعات العسكرية ، تشكيل مجلس للتنسيق من وزيري الدفاع في البلدين . وفى العام 1986 سمحت الولايات المتحدة لإسرائيل بالمشاركة في أبحاث برنامج حرب الكواكب ضمن مجموعة دول الحلفاء ، وفى العام التالي اعتبرت إدارة " ريغان " " إسرائيل " " حليفاً رئيسياً غير منتم لحلف الناتو " . وفى أعقاب عدوان " إسرائيل " على لبنان _ في إبريل 1996 _ وقعت الولايات المتحدة و " إسرائيل " اتفاقا جديداً لتعزيز التعاون الإستراتيجي بينهما ، وأخراً للتعاون الأمني والإستخباراتى . وبعد وصول " نتانياهو " إلى سدة الحكم ( يونيو 1996 ) ، وفى إبريل من العام 1997 أعلن البلدان عن تعزيز التعاون الإستراتيجي  والعسكري في مجال البحوث وتطوير أسلحة مضادة لصواريخ الكاتيوشا . وبجانب كل ذلك الدعم العسكري والإستراتيجي "لإسرائيل " تحصل هذه الأخيرة على دعم أخر غير مباشر من الولايات المتحدة ، وذلك من خلال التعهد بضمانة تفوق النوع لإسرائيل على الدول العربية ، وذلك من خلال الحيلولة دون بيع أسلحة أمريكية _ وغير أمريكية _ متطورة إلى الدول العربية ، وتضييق الحصار على الدول المناهضة لإسرائيل ( العراق ، إيران ، ليبيا ، سوريا....) .

 

المعونات  الاقتصادية :

ظلت  المعونات الاقتصادية الأمريكية لإسرائيل متواضعة حتى العام 1974 مقارنة بما آلت  إليه بعد ذلك التاريخ . ومنذ العام 1986 تحصل  " إسرائيل" سنوياَ على معونة اقتصادية

أمريكية رسمية " معلنة " بقيمة ( 1,2) مليار دولار . وفى الإجمال تقدر المعونات الأمريكية الاقتصادية لإسرائيل منذ 1948 و حتى 1996 بنحو ( 27,6 ) مليار دولار . و تنفرد " إسرائيل" بالعديد من المزايا  فيما يتعلق بهذه المعونات مقارنةََ ببقية الدول المتلقية للمعونة الأمريكية , فمنذ عام 1984 صارت كل المعونات الأمريكية لإسرائيل منحاَ لا ترد ، و صارت تدفع نقداَ ، وفى بداية السنة المالية في الولايات المتحدة .

هذا بجانب  أن الحجم المعلن أقل بكثير من الحجم  الحقيقي تبعاَ لما تقرره  أبحاث محايدة . وفى العام 1985 عقدت الولايات المتحدة و " إسرائيل " اتفاقية  للتجارة الحرة بينهما ، فصارت العلاقة بين البلدين كالعلاقة بين الولايات داخل الولايات المتحدة.

 

 معونات ومنح أمريكية أخرى غير مباشرة :

لا يمكن الحديث عن المعونات الغير مباشرة دون التطرق الى اللوبى الصهيونى  ، فهنالك لجنة تسمى باللجنة الشؤون العامة الإسرائيلية – الأمريكية التي أنشأها في عام 1854 المجلس الصهيوني الأمريكي هي لوبي محترف مسجل وظلت أنجح قوة صهيونية في واشنطن . وكان لدى هذه اللجنة بحلول أواسط الثمانينيات خمسة وسبعون موظفاً بميزانية سنوية تبلغ 5700000 دولار .

وهكذا فالعقبة المعرقلة لتطبيق سياسة خارجية أكثر توازناً في الشرق الأوسط معقدة ، ليس فقط لتأثير المواقف المؤيدة لإسرائيل ، بل كذلك لتأثير جهود ناشطى اللوبي المناوئين للعرب والمسلمين .

وبخلاف المعونات الاقتصادية والعسكرية الرسمية التي تحصل عليها " إسرائيل " ( والتي تقدر بنحو 3 مليار دولار سنوياً ) تجنى " إسرائيل " العديد من وجوه الدعم الإقتصادى والعسكري غير المباشر ، وذلك من خلال العديد من السبل ، منها : السماح لسلع إسرائيلية بدخول إلى السوق الأمريكية دون رسوم جمركية قبل أتفاق التجارة الحرة ( 1985 ) ، وإلغاء كافة هذه الرسوم بعد الاتفاق _ تقديم معونات مالية لإسرائيل لبدء برنامج المعونات الخارجية خاص بها _ تقديم المعونات المالية للمنظمات الصهيونية العاملة في مجال تهجير الجماعات اليهودية إلى " إسرائيل " _ تسهيل حصول" إسرائيل " على القروض من البنوك التجارية الأمريكية ، وقيام الحكومة الأمريكية بضمان هذه القروض _ الاستثمار المباشر في الاقتصاد الإسرائيلي من قبل الحكومة والشركات الأمريكية _ السماح لإسرائيل بشراء معدات عسكرية قديمة بأسعار زهيدة لتعيد بيعها بأرباح وفيرة بعد ذلك لدول أخرى _ استثناء " إسرائيل " من قانون تصدير السلاح في أمريكا _ السماح لإسرائيل بالحصول على أحدث المعارف الفنية المتقدمة الخاصة بصناعة السلاح وعلى أدق المعلومات السرية المتعلقة بجيوش الدول المجاورة ولا سيما العربية منها _ شراء أسلحة إسرائيلية وإدخالها الخدمة في الجيش الأمريكي ، ومساعدة " إسرائيل "

على تصدير منتجاتها العسكرية إلى دول العالم  المختلفة _ تمويل الولايات المتحدة ، في النصف الثاني من الثمانيات ، مشروع الطائرة الإسرائيلية " لافى والتي خصص لها نحو ( 500 ) مليون دولار سنوياً في الفترة من 1984 إلى 1987 _ تحمل الولايات المتحدة تكاليف بناء قاعدتين جويتين في النقب كتعويض عن قاعدة عسكرية انسحبت منها " إسرائيل " في سيناء ، وبلغت هذه التكاليف ( 1,1 ) مليار دولار _ العمل على إفشال سياسة المقاطعة العربية وتطويقها ، وغير ذلك .

هذا ويطالب الزعماء اليهود الأمريكيون بانتظام بصفقات مساعدات مالية وعسكرية معينة لإسرائيل ويعربون بصراحة عن موافقتهم أو عدم موافقتهم على سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط .

 

المعونات الخاصة من الأمريكيين اليهود :

لقد استطاع اللوبى الصهيونى من التأثير على الرؤساء الأمريكيين بشتى الطرق فمثلاَ

عندما تولى هاري ترومان الرئاسة بعد وفاة روزفلت عام 1945 حشدت الصهيونية اليهود الأمريكيين لإغراق البيت الأبيض بالبرقيات والعرائض التي جاءت من جميع الولايات ، وما لبث أن تمت استمالته لوجهة النظر الصهيونية ، ولم يستمع لنصائح مسؤولى وزارتي الدفاع والخارجية الذين كانوا أكثر اهتماما بالمصالح النفطية الأمريكية في الشرق الأوسط ، وراعهم أن يؤدى تبنى الرئيس ترومان للمطالب الصهيونية إلى الإضرار بمصالح أمريكا ومركزها في الشرف الأوسط (**) .

وتأتى هذه المعونات من عدة قنوات أهمها : الأفراد العاديون ، المؤسسات والمنظمات اليهودية الخاصة ، وبيع " سندات إسرائيل " . ويقوم بالقناة الأولى الأمريكيون اليهود الأثرياء من خلال عدة وسائل منها استثمار أموالهم في  " إسرائيل " ، مساعدة البضائع الإسرائيلية على التغلغل في السوق الأمريكية ، إبداع أموالهم في بنوك " إسرائيل " ، وشراء " سندات إسرائيل " . وتقدر تبرعات الأمريكية اليهود واستثمارهم في الاقتصاد الإسرائيلي خلال الفترة من 48 _ 1988 بنحو (7) مليار دولار .

أما مساهمات المؤسسات والمنظمات اليهودية الخاصة فتأتى من المنظمات اليهودية الأمريكية التي يزيد عددها عن (200) منظمة لا يخضع نشاطها للضريبة في الولايات المتحدة . وأهم هذه المنظمات جمعية النداء الموحد . وتقدر حصيلة ما أرسلته هذه المنظمات إلى " إسرائيل " حتى عام 1988 بنحو (12) مليار دولار .

أما منظمة " سندات حكومة إسرائيل " فهي تعمل في الولايات المتحدة من خلال شركة مالية مسجلة في نيويورك تحت اسم " استثمارات التنمية الإسرائيلية " كمؤسسة مالية خيرية(***). 

 

وقد قدرت الأموال التي جمعتها هذه المنظمة منذ عام 1951 وحتى العام 1988 بنحو (9,5) مليار دولار من دول أمريكا غرب أوربا ، منها أكثر من (80%) من الولايات المتحدة (حوالي 7,5) مليار دولار ) .

 

وجملة القول في شأن الدعم الأمريكى لإسرائيل يمكن الانتهاء إلى أن الولايات المتحدة تتولى رعاية إسرائيل اقتصاديا وعسكرياً ، وتعمل على إشراكها في برامجها الإستراتيجية المتقدمة ، وفى فوق هذا وذاك توفر لها حماية دبلوماسية في كافة المحافل الدولية منذ قرار التقسيم عام 1947 وحتى اليوم ، فقد تجاوز عدد المرات التي لجأت فيها الولايات المتحدة إلى حق الفيتو في كمجلس الأمن لصالح " إسرائيل " _ منذ أول فيتو عام 1972 وحتى مطلع العام 1997 _ أكثر من ثلاثين مرة . وفى عهد الرئيس الحالي " كلنتون " وصلت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية إلى وضع ليس له مثيل في العلاقات الدولية ، ويكفى للتدليل على ذلك ما قاله " شمعون بيريز " _ وقت أن كان رئيساً لوزراء إسرائيل بعد اغتيال " رابين " _ معلقاً على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية " لقد أفلسنا من الطلبات فكل ما طلبناه من كلنتون أعطاه لنا  " أما صحف "" إسرائيل " فقد كتبت الكثير عن سخاء " كلنتون " وإدارته ، ومن ذلك ما جاء في صحيفة يديعوت أحرنوت بتاريخ الثاني من مايو 1996 : " إن كلنتون سيدخل في سجلات التاريخ الإسرائيلي كأول رئيس أمريكي يتصرف كالولد المطيع الذي لا يعرف كيف يقول : لا " وتبعاً لمعلومات أوردها أحد الباحثين في مايو 1996 فإن "إسرائيل تستأثر ب ( 1000) دولار سنوياً لكل فرد إسرائيلي .

من هنا نستطيع فهم العلاقة بين اسرائيل وأمريكا التى هى فوق فوز براك أوباما وأكبر من طموحات ورغبات العرب والمسلمين والدول النامية والفقيرة من العالم ، فسبب هذا التزام أمريكا أكبر من شخص ويعود إلى عوامل أخرى تتمثل في الارتباط العضوي بين الدولتين والتواصل الثقافي بين المجتمعين إلى جانب العوامل المتعلقة بالبيئة السياسية الداخلية في الولايات المتحدة ، وهى أمور لا تتغير بسهولة .

وضمان أمن إسرائيل سيبقى فى عهد براك أوباما كما كان فى عهد أسلافه يمثل مصلحة أساسية للولايات المتحدة بالنظر لأهمية إسرائيل الإستراتيجية لها بسبب موقعها الجغرافي الذي يجعلها قاعدة انطلاق مثالية للقيام بعمليات عسكرية في كافة الاتجاهات . كما أنه يمكن الوصول إليها بسهولة ، ولديها تسهيلات إسناد متقدمة تستطيع أن توفر للقوات الأمريكية ما تحتاج إليه من إمكانيات صيانة وتجهيز ، فضلاً عن قدرتها العسكرية وتفوقها في مجال البحث والتطوير والاستخبارات على نحو يجعل بالإمكان الاعتماد عليها كقوة ردع في المنطقة.

ويمكن فهم قوة هذه العلاقة من خلال ما أعلنه أوباما فى المقال أعلاه " سأحافظ على أمن اسرائيل " وما أكده لأولمرت عبر اتصال هاتفي مؤكداً له  " سأحمي اسرائيل وسأعزز الصداقة بين الدولتين " .

 

مستذكرين فى نفس السياق كلمات رؤساء أمريكا السابقين كالرئيس فورد الذى قال  " سأبلغكم بإنجاز عن سجلي في الكونغرس في ما يتعلق بإسرائيل . لقد كان وثيقاً إلى حد جعل سمعتي سيئة مع العرب . لقد أحببت واحترمت دائماً الشعب لإسرائيلي . إنهم أذكياء ومكرسون للقضايا التي يؤمنون بها . إنهم مخلصون لدينهم ولبلدهم ولعائلتهم ولمستوياتهم الأخلاقية العالية . أنا أحبهم وأحترمهم . ولم يخب أملى من قبل أبداً إلى هذا الحد الذي أرى فيه شعباً أحترمه غير قادر على رؤية أننا نحاول عمل شئ لمصلحتهم ولمصلحتنا كذلك "

وقد تكون تناقضات بين المصالح الامريكية وممارستها المنحازة لاسرائيل المطلقة ، وأحيانا غير المبررة الأمر الذى جعل العرب يشعرون بالمرارة تجاه الولايات الأمريكية والتى ابتدأت بالكراهية الشعبية اتجاهها .

باختصار من غير المنظور أو غير القريب أن تتغير السياسة الأمريكية نحو الحياد والقضايا الانسانية لا فى عهد براك أوباما ولا من سيأتى بعده ، الأمر الذى قد يطور ممارسات العداء العربى والاسلامى بل ومن العالم المقهور ومن المنافسين الاقتصاديين لأمريكا على أكثر من شكل قد نشهده فى عهد أوباما وفى عهود مقبلة