خبر نابلس: لجان شعبية تحرس ليل قصرة من اعتداءات المستوطنين‏

الساعة 07:20 ص|23 سبتمبر 2011

نابلس: لجان شعبية تحرس ليل قصرة من اعتداءات المستوطنين‏

 فلسطين اليوم-نابلس

يسير أربعة شبان وسط عتمة حالكة، يترصدون دبيب أقدام، أو حركة أغصان أشجار الزيتون على أطراف قرية قصرة، وثمة أضواء كاشفة من مستوطنة مجاورة تهدد وجود القرية.

ويهمس أحد الشبان، وسط الهدوء المطبق "هناك نام آخرون. حرسوا تلك التلة"، وليس هناك أي صوت من الجبال المحيطة. ويسود الليل ويواصل الشبان حركتهم باتجاه المكان الذي سيمضون فيه نوبة الحراسة لأطراف القرية التي تعرضت على مدار الأيام الماضية لهجمات مستمرة من المستوطنين.

وثمة خوف يتحدث عنه الشبان من هجوم لمجموعات من المتطرفين اليهود على أطراف القرية التي تبعد مرمى حجر عن إحدى المستوطنات التي أقيمت على أراضيها.

وفي قصرة، التي تبعد عن نابلس نحو 25 كيلومترا، لا حديث بالليل إلا عن هجمات المستوطنين. وبين الشبان وبين أطراف المستوطنة ليس أبعد من كيلومتر واحد.

وتبدو لجان الحراسة التي تعمل بنوبات أبعد ما يكون عن التنظيم الوقتي، إذ يخرج شبان القرية ورجالها وفق ما تقتضيه الحاجة وحسب أوقات الفراغ.

وقال رجل يبلغ من العمر 53 عاما: إنه يخرج إلى الحراسة بعد انتهاء يوم عمله في البناء، وفي بعض المرات يصطحب زوجته معه.

وأضاف: ''ليس فقط أنا أخرج. أي شخص يريد الخروج للحراسة يخرج. لا نحمل غير الأضواء'. وتكسر أضواء مداها محدود عتمة الليل في هذا المحيط الذي تظهر منه أضواء الأراضي الأردنية على بعد عشرات الكيلومترات.

جالسا فوق صخرة أنهى للتو شاب نوبة حراسته. وهناك أكثر من مجموعة تتناوب لجان الحراسة. وليس إلا أضواء الكشافات تدل على هؤلاء.

إنهم حراس الليل، وكانت القرية تعرضت لهجمات ليلية عديدة. وقال رجل لم يذكر اسمه 'أنا بعيد عن اعتداءات المستوطنين، لكني هنا أحرس دفاعا عن القرية'.

وتصاعدت خلال الأسابيع الماضية اعتداءات المستوطنين على ريف نابلس الجنوبي، وأحرقوا أماكن عبادة ودمروا حقولا واسعة، وقطعوا مئات أشجار الزيتون.

وكان محافظ نابلس جبرين البكري قال في وقت سابق 'إنه أعطى توجيهاته إلى مختلف التجمعات السكانية المحاذية للمستوطنات في محافظة نابلس بتشكيل لجان حراسة شعبية من السكان في كل تجمع من تلك التجمعات بهدف الدفاع عن المؤسسات العامة، ودور العبادة من هجمات المستوطنين'.

وأضاف: إنه أعطى تلك التوجيهات بعد التصاعد الخطير في هجمات المستوطنين على المواطنين في قرى محافظة نابلس والاعتداء على أملاكهم ومزروعاتهم في الآونة الأخيرة، والتي كان آخرها إحراق مسجد النورين قي قرية قصرة.

عندما دخل المستوطنون إلى قرية قصرة، وأضرموا النار بمسجدها لم يكن هناك أي من لجان الحراسة.

'اليوم كل أهالي القرية يحرسون. في الليل، في النهار، في أي وقت نحرس بين الحقول والمزارع وبين المنازل' قال عبد العظيم وادي من المجلس القروي.

ويسير الشبان وسط الهشيم دون خوف. وقال عبد العظيم 'لا نخاف. لماذا نخاف؟ هم من يهاجموننا ونحن لم نعتد عليهم. قطعوا الزيتون، وأحرقوا المسجد، وقتلوا الأغنام'.

وتخرج إلى نوبات الحراسة مجموعات من الشبان وثمة رجال فوق الخمسين أيضا يخرجون، وبعضهم يصطحب معه القهوة والشاي.

ويقول سكان القرية: إن هذا العمل أثمر في ثني المستوطنين عن متابعة هجماتهم ضد القرية، وإنه بعد أسبوع من بدء حراسة أطراف القرية لم يدخل إليها أي مستوطن.

'دمروا 1400 شجرة زيتون، وقتلوا المواشي، وأحرقوا المسجد، لكن ما آلمنا جدا هو إحراق المسجد' قال وادي.

وقال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس: 'إن 300 اعتداء رئيسي قام بها المستوطنون في الضفة الغربية سجلت منذ بداية العام الحالي، لكن هناك اعتداءات يومية قد تصل لألف اعتداء مثل الرشق بالحجارة'.

وأضاف 'هناك لجان حراسة في بعض القرى القريبة من المستوطنات. لم يعد أحد يحتمل ما يجري. إنهم يشنون حربا على الريف ولا أحد يوقفهم عند حدهم. هذه الحياة المرة الجحيم'.

'لقد جعلوا حياتنا مثل العلقم. مرّة. نزرع ويقلعون الأشجار. ماذا يمكن أن نفعل غير حراسة الأرض التي نعيش عليها' قال أحد حراس الليل في قصره، القرية التي دفعت من أشجارها ثمنا باهظا لاعتداءات الليل.