خبر الحقيقة الحق- هآرتس

الساعة 08:37 ص|22 سبتمبر 2011

الحقيقة الحق- هآرتس

بقلم: آري شبيط

سافر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هذا الاسبوع الى نيويورك ليقول الحقيقة. فاليكم الحقيقة: لم يكن وضعنا قط بائسا الى هذا الحد. كانت في الماضي اوضاع أخطر. هكذا كانت الحال في مستهل الخمسينيات، حينما لم يكن لاسرائيل أي حليف استراتيجي. ووجدت في الماضي أوضاع أكثر إثارة للغضب. فهكذا كانت الحال في منتصف السبعينيات حينما قضت الجمعية العامة للامم المتحدة بأن الصهيونية عنصرية. لكننا لم نكن قط بائسين كما نحن اليوم. فقد سببت سياسة نتنياهو – ليبرمان الخارجية المهترئة أن أصبحت اسرائيل جسما سياسيا انفعاليا عاجزا.

سبب ذلك بسيط. ففي الحرب، الدفاع الأفضل هو الهجوم، أما في السياسة فان الهجوم الأفضل هو الاعطاء. فاذا أعطيت شيئا فقط تحصل على شيء ما وتكسب حلفاء وتزيد قوتك. لكن اسرائيل نتنياهو – ليبرمان دولة شحيحة غير قادرة على اعطاء شيء. ولذلك فانها لا تحصل على شيء ولا تكسب حلفاء وتضعف بصورة خطرة. انها تفقد كنزا بعد كنز وموقعا بعد موقع وتُدفع الى عزلة تامة.

ينبغي ألا يكون عدم فهم: فالولد الفلسطيني في لعبة الاولاد الحالية هو الولد السيء. ما تزال اسرائيل قوة احتلال، لكن فلسطين هي القوة المعتدية. ففي حين تعترف دولة اسرائيل بالدولة القومية للشعب الفلسطيني، لا تعترف فلسطين بالدولة القومية للشعب اليهودي. وفي حين عرضت دولة اسرائيل على الفلسطينيين خريطة اولمرت، لم يعرض الفلسطينيون على اسرائيل حدودا قابلة للدفاع عنها تضمن وجودها. وهم ما يزالون يرفضون الخطة الوحيدة لتقسيم البلاد وهي 1967 عوض 1948؛ وتحقيق الحق في تقرير المصير عوض التخلي عن حق العودة. ان الفلسطينيين الذين رفضوا اهود باراك قبل عشر سنين ورفضوا اهود اولمرت قبل ثلاث سنين هم الذين رفضوا الحديث مع نتنياهو في السنتين الاخيرتين. كانوا وما يزالون رافضي السلام الحقيقيين.

لكن حقيقة ان الفلسطينيين هم الاولاد السيئون خاصة تثبت مبلغ كون نتنياهو وليبرمان ولدين كسلانين. فقد كان يسهل جدا تمزيق القناع عن وجه محمود عباس. وكان يسهل جدا البرهان على انه يطلب ايضا قطعة الارض التي تقوم عليها صحيفة "هآرتس". لكنه كان يُحتاج لذلك الى خيال اسرائيلي وإبداع اسرائيلي وجرأة اسرائيلية.

كان يجب اقتراح تنازل اسرائيلي: إما تبني مبادرة اولمرت وإما الاستمرار في انفصال شارون وإما تحقيق اتفاق موفاز البيني. وما كان واحد من هذه الطرق الثلاثة ليؤدي باسرائيل الى السلام. لكن كل واحد من هذه الطرق الثلاثة كان يُحسن وضع اسرائيل في الحرب. فقد كانت المعركة تُنقل الى ارض العدو وتبقى الشرعية في أيدينا وتكون العزلة من نصيب الفلسطينيين. وكانت اسرائيل تعود لتصبح لاعبة جدية يصغي اليها العالم ويعاملها بتفكير جدي بدل أن تكون كيس ضرب للعالم.

لم يسر بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان في واحد من هذه الطرق الثلاثة. فهما لم يبادرا الى شيء ولم يقترحا شيئا ولم يتنازلا عن شيء. وكل ما فعلاه في السنتين الاخيرتين أن ثبتا للضغط وحافظا على الكرامة. وحافظا على الكرامة وثبتا للضغط. وبهذا خدما القضية الفلسطينية كما لم يخدمها أي سياسي معادٍ. وقد جعلا عباس بأيديهما بطلا وهو ليس كذلك. وجعلا اسرائيل بأيديهما برصاء وما كان يجوز أن يكون ذلك. ان رئيس الحكومة ووزير الخارجية أديا باسرائيل الى حضيض سياسي لم يسبق له مثيل.

يستجدي نتنياهو الآن براك اوباما أن ينقذه من الغابون. ومن المحتمل جدا ان ينجح، فبيبي بطل في ألاعيب كهذه. ولديه جميع المواهب المطلوبة كي يكون نائب وزير خارجية ممتازا. لكن حتى لو فشل الفلسطينيون في مجلس الامن فان الصورة الأساسية لن تتغير. فالدولة الفلسطينية، بفضل نتنياهو وليبرمان هي الآن في بؤبؤ عين الجماعة الدولية. وبفضل نتنياهو وليبرمان لا توجد اليوم دولة مكروهة مُحقرة أكثر من الدولة اليهودية.