خبر أيلول .. استخفاف وليس استحقاق ..عز الدين أحمد إبراهيم

الساعة 08:04 ص|22 سبتمبر 2011

أيلول .. استخفاف وليس استحقاق ..عز الدين أحمد إبراهيم

المعنى الوحيد لتوجّه السيد محمود عباس إلى الأمم المتحدة رغم الاعتراضات التي أبدتها غالبية الشعب الفلسطيني بقواه وفصائله الحقيقية هو استخفاف عباس وفريقه بالشعب الفلسطيني وتوجهاته الرافضة لكل المساعي العبثية لعملية التسوية وملحقاتها، وما التوجه إلى الأمم المتحدة بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت إلا إمعان في التفرد بالقرار ومخالفة واضحة لكل معايير العمل الوطني.

 

فصائل فلسطينية فاعلة، كحماس والجهاد والشعبية، وفصائل المقاومة في دمشق، وشخصيات وطنية ونضالية معروفة في الداخل والخارج وعلى رأسهم بهجت أبو غربية وبسام الشكعة وأنيس القاسم، كلهم عارضوا هذه المغامرة، ومع ذلك مضى عباس في طريقه معتمدًا تطبيل وتزمير مركزية فتح وعلى تأييد هياكل لفصائل مجهرية لا ترى بالعين المجردة ولا تمثل حتى نفسها.

 

إن هذا الإصرار لدى عباس على المضي في هذا الطريق رغم المخاطر التي تحدث عنها خبراء كبار في القانون الدولي، ورغم خطورة التوجه على الثوابت والحقوق الفلسطينية التي تحدث عنها سياسيون لهم قيمتهم، يشير إلى دافعين اثنين لا ثالث لهما:

 

الدافع الأول، هو أن محمود عباس وفريقه فعلا يشعرون بخيبة الأمل والإحباط ويحاولون حفظ ما تبقى من ماء وجههم أمام الشعب الفلسطيني بعد أن ثبت فشل خيار التسوية وفشلت جميع مبرراته، ولذلك هم يتوجهون للأمم المتحدة مغامرين أو منتحرين لا يملكون خيارات أخرى، وفي خطوة استباقية لـ"حجز مقعد وطني " استعدادًا لواقع سيفرض في فلسطين في ظل ازدياد عزلة الكيان من جهة، وتهاوي أنظمة رسمية تحت قبضة الثوار العرب الذين يضعون فلسطين على قائمة أولوياتهم.

 

أما الدافع الثاني، فهو ما يتخوف منه كثيرون، من أن ثمة شيئًا ما تحت الطاولة يتم ترتيبه، مستدلين بذلك على تجارب سابقة كشفتها ويكيليكس وغيرها، وأن شرب عباس لحليب السباع وذهابه للأمم المتحدة بهذه الجرأة غير المعهودة، إنما تثير في النفس ريبة من أن الطبخة قد نضجت، ويتم إلهاء الشعب بمسرحية "استحقاق أيلول" لتمرير مخططات الرباعية أو مخططات بعض الدول الأوروبية كالمقترح الفرنسي مثلا بدولة "فاتيكيانية"، وبالتالي القول إن الرئيس قاوم الضغوط الكثيرة حتى النهاية.

 

ثمة أمر مريب آخر يجب الإشارة إليه، وهو متعلق باستحقاق المصالحة الذي يبدو أن عباس نجح بالفعل بتحويلها إلى عملية -على منوال عملية السلام- يستخدمها لصالحه في الأوقات الحرجة، ولا نية حقيقية لديه في تحقيقها.

 

ففي كل مرة كانت تصل فيها المصالحة إلى مراحل متقدمة تقدم فيها حماس التنازلات تلو التنازلات، نرى فتح وعباس يتنصلان منها بتبريرات واهية وبحجة "الأولويات الوطنية"، وفي حالة "استحقاق أيلول"، نرى أن المصالحة في عهد "مصر الثورة" باتت قريبة إلى الترجمة واقعًا أكثر من أي وقت سابق، ولكننا تفاجأنا بـ"جرعة الحماس الوطنية" لدى عباس وقيادات فتح والسلطة، وكأن هناك تضاربًا بين المصالحة وحق الحصول على دولة!.

 

ما يسمى بـ"استحقاق أيلول" خطوة سيكون لها ما بعدها، بغض النظر عن الدافع والنتيجة، وعلى القوى الفلسطينية الحيّة أن تتعامل بوضوح أكثر من الخطوة وإفرازاتها مع ضرورة أن تسمى الأشياء بمسمياتها، فالتفريط والتنازل الذي جرى منذ مدريد وحتى الآن لن يقبل الفلسطينيون اسمًا له أقل من الخيانة والعمالة، شاء من شاء وأبى من أبى.