خبر اقتصاديون يتوقعون تفاقم المصاعب المالية للسلطة وليس انهيارها

الساعة 06:38 ص|22 سبتمبر 2011

اقتصاديون يتوقعون تفاقم المصاعب المالية للسلطة وليس انهيارها

فلسطين اليوم- رام الله

يخشى الفلسطينيون أن تؤدي مواجهتهم في الأمم المتحدة من اجل دولة إلى انعكاسات خطيرة على وضعهم المالي مع أن محللين لا يتوقعون تدهوراً حاداً في الاقتصاد المتردي أصلاً.

ورأى هؤلاء الخبراء أن الاقتصاد الفلسطيني سيتأثر قليلا في حال أوقفت الولايات المتحدة مساعداتها للسلطة الفلسطينية وأوقفت إسرائيل التحويلات الضريبية المستحقة للسلطة.

وقال وزير الاقتصاد الفلسطيني حسن أبو لبدة لوكالة فرانس برس "إذا قررت الولايات المتحدة معاقبة القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني على مواجهتهما لها في مجلس الأمن، فسيؤدي ذلك بالتأكيد إلى مضاعفات اقتصادية يصعب تجاوزها".

وأضاف "كذلك الأمر بالنسبة إلى إسرائيل. فإذا أوقفت تحويلاتها المالية من الضرائب والجمارك المستحقة لنا، فان هذا سيضر حتما بالاقتصاد الفلسطيني".

من جهته، قال الرئيس محمود عباس في تصريحات نقلتها صحيفة الشرق الأوسط أن "الوضع المالي سيء وسيزداد سوءا".

وتحول إسرائيل للسلطة الفلسطينية حوالي 100 مليون دولار شهريا عن الضرائب والجمارك التي تجيبها إسرائيل لقاء نسبة، من المعاملات التجارية والاقتصادية بينها وبين أراضي السلطة الفلسطينية.

وأشار أبو لبدة إلى أن الولايات المتحدة تمول عدة مشاريع تنموية في الأراضي الفلسطينية، موضحا أن هذه المشاريع "ستكون عرضة للتأجيل أو الإلغاء في حال نفذت واشنطن عقوبات ضد السلطة الفلسطينية".

وتفيد تقديرات السلطة الفلسطينية أن قيمة العجز المالي المتوقع في موازنة 2011 يصل إلى 967 مليون دولار.

لكن فعليا، حملت موازنة السلطة الفلسطينية معها عجزا قيمته 100 مليون دولار من العام 2010، إضافة إلى عجز شهري بقيمة 30 مليون دولار منذ بداية العام الحالي حتى الآن.

ولا تستطيع السلطة الفلسطينية توفير رواتب موظفيها البالغ عددهم حوالي 170 ألفا في الضفة الغربية وقطاع غزة في حال أوقفت إسرائيل تحويل شهر واحد من المستحقات الضريبية.

وتبلغ قيمة هذه الرواتب حوالي 130 مليون دولار.

ودفعت السلطة نصف رواتب موظفيها في حزيران الماضي بسبب الأزمة المالية بينما ساعدت الكويت الحكومة الفلسطينية بدفع رواتب تموز بتقديمها نحو 50 مليون دولار.

وتنفست الحكومة الفلسطينية الصعداء عندما أعلنت السعودية الاثنين الماضي تحويل مبلغ 200 مليون دولار إلى السلطة الفلسطينية.

وعبر الرئيس عباس عن شكره للملك عبد الله بن عبد العزيز على "الدعم السعودي المتواصل" للشعب الفلسطيني خاصة انه يأتي "مع التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن الدولي لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف"، كما نقلت وكالة الأنباء الرسمية "وفا".

إلا أن أبو لبدة قال انه "ليس متأكدا" من أن العالم العربي يشكل بديلا يسمح للسلطة الفلسطينية بالاستغناء عن الدعم الأميركي وعن مستحقاتها لدى إسرائيل.

وأضاف أن "الدول العربية وخصوصا الغنية منها تعرف أن السلطة الفلسطينية بحاجة إلى دعم متواصل".

وتابع "نحن إذ نشكر السعودية على تدخلها العاجل والمتواصل لدعم السلطة لكننا بحاجة ليس إلى تعهدات فقط بل لضمانات بدعم عربي متواصل يمكننا من الاستغناء على داعمين دوليين آخرين وهذه الضمانة غير موجودة".

من جهته، توقع المحاضر الاقتصادي في جامعة بيرزيت نصر عبد الكريم تقديراته إلا يحدث "اضطراب جوهري في العجلة الاقتصادية الفلسطينية عقب التوجه إلى الأمم المتحدة".

وقال لفرانس برس "قد يحدث تباطؤ وصعوبات أنية لكن لا اعتقد انه سيكون هناك اضطراب جوهري".

وأضاف أن الولايات المتحدة وأصدقاء إسرائيل مثل كندا واليابان واستراليا " سيلجاؤون إلى خطوات احتواء بعد إفشال التوجه الفلسطيني لمجلس الأمن".

وكانت السلطة الفلسطينية تعرضت لازمة اقتصادية في العام 2000 اثر الانتفاضة الثانية وكذلك في 2006 اثر فوز حماس في الانتخابات التشريعية.

إلا أن عبد الكريم يقول بان الوضع والظروف مختلفة اليوم "خاصة في ظل الربيع العربي الذي اجتاح المنطقة العربية".

وقال "حتى أوروبا والدولة الأخرى مثل الولايات المتحدة الأميركية غير معنية بالتصعيد حتى حافة الانهيار، خاصة وان الظروف العربية تختلف اليوم".

وتفيد تقديرات عبد الكريم أن الدول العربية ستكون بعد الربيع العربي "أكثر حماسة لتقديم أي مساعدات للسلطة الفلسطينية".

واعتبر عبد الكريم في حديث لـ"الأيام" أن معالم المشهد الاقتصادي الفلسطيني المتوقع في ضوء التوجه للأمم المتحدة يعتمد بالدرجة الأولى على سيناريوهين سياسيين، الأول في حال نجاح السلطة بتمرير طلبها للحصول على عضوية كاملة للدولة في الأمم المتحدة دون مواجهة رد فعل عنيف من الولايات المتحدة، أو أن تجهض الأخيرة طلب السلطة دون حدوث مواجهة ساخنة مع الإدارة الأميركية وبعض الدول التي تتبعها، متوقعاً أن يعود الاقتصاد الفلسطيني إلى الوضع الذي كان عليه مع بداية انتفاضة الأقصى وعقب فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية العام 2006.

وبين أن هذا الوضع سيتسم بحالة من الإرباك والتباطؤ في دفع المساعدات المالية للسلطة وإمكانية خفض قيمتها، إضافة إلى القيود التي ستفرضها إسرائيل بما في ذلك إمكانية تأخير تحويل المستحقات الضريبية.

وقال عبد الكريم: إن السيناريو الثاني يتعلق بإمكانية استخدام الولايات المتحدة لحق النقض "الفيتو"، ما سيجعل المشهد أكثر توتراً وتداعياته السلبية على الاقتصاد أكثر تأثيراً وربما يعمق حدة الأزمة المالية للسلطة، إذ ستلجأ أميركا إلى حجب مساعداتها لكن ليس لفترة طويلة ليتم استيعابه لاحقاً حسب النهج الأميركي المعروف بميله دوماً لاحتواء الأزمة.

وأضاف، إن أميركا تعيش في وضع لا يؤهلها لخوض معركة مفتوحة في ظل الربيع العربي والتوجه العربي لدعم حق فلسطين في الحصول على عضوية دائمة في الأمم المتحدة، وبالتالي لن تؤدي الأمور إلى قطع المساعدات لفترة زمنية طويلة.

وزاد، أن من الممكن أن تتخذ أميركا هذا الموقف لمدة شهر أو شهرين لكنها في النهاية ستمارس العقلانية في التصرف لأن عدم الاستقرار في الأراضي الفلسطينية لن يكون في مصلحة المنطقة، وبالتالي ستلجأ مجدداً إلى خيار دعم العملية السلمية.

من جهته، قال أبو لبدة "يفترض إلا يسمح المجتمع الدولي والعربي بانفراد أميركا وإسرائيل بمعاقبة الفلسطينيين".

وأضاف أبو لبدة "آمل إلا تأخذ أميركا وإسرائيل خطوات فرض الحصار المالي على الشعب الفلسطيني"، موضحا انه إذا تم ذلك "فان إسرائيل وحدها هي من ستحمل تبعات هذا الحصار".

وأشار إلى أن "عدم وفاء السلطة بالتزاماتها يعني أن الشارع الفلسطيني سيجد صعوبة في تقبل السلطة".

لكن محافظ سلطة النقد د. جهاد الوزير حذر من أن يؤدي التقدم بطلب رسمي للأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية إلى ضغوط مالية حادة ربما تسفر عن انهيار السلطة الوطنية.

وأعرب الوزير في تصريحات صحافية تناقلتها وسائل الإعلام، أول من أمس، عن مخاوفه من تصرف أميركي محتمل سيؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي في حال فقدت السلطة المساعدة المالية الأميركية.

وقال الوزير: "إذا سحبت الولايات المتحدة مساعداتها للسلطة فمن المستبعد أن تعوضها الدول المانحة الأخرى، لذا أعتقد أن ذلك سيكون صعباً للغاية في هذه المرحلة لأن الدعم العربي أيضاً لم يأت بالحجم الذي كان من المفترض أن يكون عليه فيما يتعلق بدعم موازنة السلطة".