خبر التواطؤ بين الكيان ومستوطنيه.. فايز رشيد

الساعة 11:13 م|19 سبتمبر 2011

دأبت الدولة الصهيونية على تزوير الحقائق وتغطيتها، غير أن هذه التغطية ليست أكثر من غربال، فهي تظهر أن تناقضاً ما يجري أحياناً بينها وبين المستوطنين، وهذا كذب وافتراء، فالتنسيق بين الطرفين يجري على قدم وساق، فبعد حملة “بذور الصيف” التي نظمها الجيش "الإسرائيلي"، لتدريب المستوطنين في مستوطنات الضفة الغربية على الأنواع الجديدة من الأسلحة، والحرص على مدّهم بالسلاح، فإن هؤلاء المستوطنين أخذوا على عاتقهم منع قيام دولة فلسطينية، ذلك وفقاً لما يقوله قادتهم وحاخاماتهم، في تصريحات علنية للصحف “الإسرائيلية” . غنّي عن القول إن هنالك تنسيقاً كاملاً بين قوات الجيش "الإسرائيلي" والمستوطنين، ففي الأسبوعين الماضيين قاموا بالاعتداء على ثلاثة مساجد، وعلى العديد من المؤسسات التعليمية في الضفة الغربية، وكان ذلك على مسمع ومرأى قوات الاحتلال الصهيونية.

المستوطنون ينظمون منذ الآن مسيرات للرد على المسيرات الشعبية الفلسطينية التي ستنطلق في الأراضي المحتلة، مع بدء تقديم طلب فلسطيني إلى الأمم المتحدة، من أجل انتزاع الاعتراف الدولي، بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 .

صحيفة هآرتس "الإسرائيلية" في أواخر شهر آب/أغسطس الماضي نشرت "أن الجيش "الإسرائيلي" بدأ يدرب المستوطنين في الضفة الغربية على مواجهة تظاهرات عنيفة محتملة، وخصوصاً إطلاق الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت . من جهة ثانية يرى شاؤول غولدشتاين رئيس مجلس “غوش عتصيون” الإقليمي (وهي مجموعة مستوطنات تقع جنوب القدس)، أن المستوطنين سيكونون مسؤولين عن الأمن في الضفة الغربية، من خلال مشاركتهم للجيش في هذه المهمة، واستطرد "علينا أن نؤكد حقنا في هذه الأرض وعلى الفلسطينيين الكف عن التفكير في إقامة دولة لهم، لأننا سنمنع قيامها بالقوة". للعلم فإن هذا الأخير هو عضو في اللجنة المركزية لحزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

في السياق ذاته جاء تصريح للعضو في الليكود زئيف ألكن الذي يعيش في مستوطنة “غوش عتصيون” بقوله: “إن المستوطنين يجب أن يضغطوا على السلطات “الإسرائيلية” من أجل توجيه رسالة إلى الفلسطينيين بأنهم سيخسرون كثيراً بطلب الانضمام إلى الأمم المتحدة” . هذا التصريح من قبل الصهيوني ألكن هو تهديد مباشر باستعمال القوة ضد الفلسطينيين . من جانب آخر، وبمبادرة من النائب مايكل بن ارى (من حزب الاتحاد الوطني وهو حزب من غلاة اليمين المتطرف) . . ثم عقد منتدى في الكنيست بعنوان “تحويل التهديد(الفلسطيني بالطبع) إلى فرصة لتغيير قوانين اللعبة” . وأوضح بن ارى في وثيقة وزعت على المشاركين في المنتدى أن “الوقت حان لنعلن أننا هنا وإلى الأبد، علينا أن نخرج من بيوتنا بنسائنا وأطفالنا وشيوخنا للرد على الأرض على المسيرات التي يريد العرب تنظيمها” . ولقد بارك الحاخام المتطرف دون ليئور من مستوطنة كريات أربع بالقرب من مدينة الخليل، والتي يسكنها غلاة المتطرفين، المشاركين لينقلوا رسالة إلى العالم مفادها “لن يكون هناك أبداً كيان وطني آخر في “يهودا والسامرة” غير الشعب اليهودي” . ومن المقترحات التي تم طرحها في المنتدى: “ضم الضفة الغربية رسمياً إلى “إسرائيل”، والقيام بإضرابات واسعة في المستوطنات، للموظفين في البلديات، مع تدريبات مكثفة على الدفاع عن النفس وزيادة الإجراءات الأمنية” . أما يوناثان يوسف المتحدث باسم المستوطنين اليهود في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، فقد صرّح: “نحن لسنا مسيحيين بل سنرد الضرب بضربات كثيرة ومؤلمة” .

هذه هي الأجواء في المستوطنات قبيل موعد الاستحقاق الفلسطيني في الثلث الأخير من سبتمبر/أيلول الحالي، وهي أجواء عنوانها الأبرز: التحالف العلني بين الجيش “الإسرائيلي” والمستوطنين في الضفة الغربية، ورسم المخططات الهادفة إلى منع المسيرات الفلسطينية بالقوة . غنيّ عن القول إن المستوطنين في الضفة الغربية هم من غلاة المتطرفين الصهاينة، من قبل امتلكوا الأسلحة الخفيفة، والآن يمتلكون أسلحة حديثة، بما يعني الإمكانية الحقيقية لقيامهم بمجازر في الضفة الغربية من خلال الاعتداءات على الفلسطينيين الهادفين إلى تنظيم مسيرات سلمية تطالب العالم والمجتمع الدولي، الاعتراف بدولة لهم على شاكلة كل شعوب العالم .

لكل ذلك علينا التحذير منذ الآن بخطورة المستوطنين على أهلنا في الضفة الغربية، وفضح التواطؤ القائم بين الجيش “الإسرائيلي” والمستوطنين، من أجل منع المسيرات الفلسطينية بالقوة . وعلى السلطة الفلسطينية التنبه لهذا الأمر وتشكيل اللجان الشعبية لحماية أهلنا من اعتداءات المستوطنين، ونشر الشرطة الفلسطينية ومدّها بما هو موجود من الأسلحة، تحسباً لاعتداءات مسلحة، ومجازر قد يقوم بها المستوطنون المنفلتون من عقالهم، والذين يسكنهم الحقد الأعمى على كل الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين وعلى كل الأجناس الأخرى من غير اليهود (الأغيار) .

وعلى أهمية كسب الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة باعتبارها قضية رئيسة، لكن من جانب آخر على السلطة الفلسطينية التنبه للخطر الذي بدأ يشكّله المستوطنون على الفلسطينيين أمنياً، مع ضرورة إثارة ذلك في المنظمة الدولية وفي كل المؤسسات العالمية المعنية.